ايران والغرب ..الاتفاق النووي في مهب الريح
طهران/سوا/ قد تصبح مسألة تعزيز المراقبة الدولية للأنشطة النووية الإيرانية أكبر عقبة أمام ابرام اتفاق نهائي بين طهران والقوى الكبرى رغم توصل الجانبين إلى اتفاق مبدئي الأسبوع الماضي.
وبموجب ذلك الاتفاق اتفقت إيران والقوى العالمية على إتاحة المجال أمام مفتشي الأمم المتحدة لمراقبة الأنشطة النووية المتبقية في إيران باستخدام أحدث الوسائل. وتراقب المنظمة الدولية بالفعل مواقع رئيسية هناك.
لكن التفاصيل المتعلقة بهذا الأمر تركت للمرحلة النهائية من المحادثات ، ما يمثل تحديا كبيرا أمام المفاوضين بشأن مسألة معقدة وصعبة لوجستيا وتمثل حساسية بالغة لزعماء إيران.
ومن المهم للولايات المتحدة والقوى الغربية وضع اجراءات تفتيش ملائمة لضمان فعالية الاتفاق النهائي المقرر التوصل اليه بحلول 30 حزيران (يونيو) القادم ولاقناع الكونجرس الأميركي المتشكك وإسرائيل بقبول الاتفاق.
وتقول إيران إن برنامجها النووي سلمي لكنها لم ترحب قط بأي عمليات تفتيش دون سابق ترتيبات ولم تكشف في السابق عن بعض مواقعها النووية.
وظهرت تفسيرات مختلفة بشكل كبير لما تم الاتفاق عليه الأسبوع الماضي. ويقول دبلوماسيون وخبراء نوويون إن هذا يدل على ان المحادثات القادمة ستكون صعبة.
واستبعد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يوم الخميس اي "اجراءات مراقبة استثنائية" للانشطة النووية وقال إنه لا يمكن تفتيش المواقع العسكرية. وخامنئي هو صاحب القول الفصل في إيران بشأن اي اتفاق يتم التوصل اليه.
وتتناقض تصريحات خامنئي على ما يبدو مع "ورقة الحقائق" التي صدرت بعد المحادثات المضنية التي أجريت الأسبوع الماضي في سويسرا وجاء فيها أنه سيكون بإمكان الوكالة الدولية للطاقة الذرية حرية "الوصول المنتظم إلى كل الأنشطة النووية الإيرانية" وإلى كل سلسلة الامداد الداعمة لتلك الأنشطة.
كما تتعارض تصريحات خامنئي على الأرجح مع بيان مشترك لايران والاتحاد الأوروبي يقول انه سيكون للوكالة الدولية حرية المراقبة الموسعة في إيران.
وبغض النظر عن السؤال المتعلق بموافقة إيران فإن الترتيبات اللوجستية لعملية مراقبة اكثر فعالية للمواقع الإيرانية ستكون صعبة للغاية. فسوف تشمل المزيد من الكاميرات وعمليات تفتيش في المكان ومراقبة بالقمر الصناعي ووسائل اخرى. وقد يتطلب الامر من الوكالة الدولية للطاقة الذرية تخصيص المزيد من الأشخاص والموارد لفريقها في إيران.
وقال ديفيد أولبرايت، رئيس معهد العلوم والأمن الدولي، إن من الضروري التوصل إلى آلية لعمليات تفتيش في "أي وقت وأي مكان" تتجاوز الترتيبات الخاصة للوكالة الدولية للطاقة الذرية لعمليات التفتيش التي تتم بعد اشعار قصير الأجل.
وتعرف تلك الترتيبات بالبروتوكول الاضافي الذي تم التوصل إليه في التسعينات بعد اكتشاف برنامج الأسلحة النووية السري للعراق وما تكشف من ان كوريا الشمالية ورومانيا اجريتا انشطة لفصل البلوتونيوم.
وقال أولبرايت وهو مفتش أسلحة سابق بالأمم المتحدة "الامر صعب للغاية بالنسبة لإيران .. انهم لا يريدون ذلك. يرغبون في الاحتفاظ بتهريب (مواد ذات استخدام مزدوج ولها صلة بالانشطة النووية). انهم يشترون الكثير من الأشياء ولن يتوقفوا".
واتفاق الاطار الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي بين إيران والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين يمهد الطريق أمام تسوية نهائية بحلول موعد 30 حزيران (يونيو) القادم. والهدف من الاتفاق النهائي هو سد الطريق أمام إيران للحصول على قنبلة نووية في مقابل رفع العقوبات عن طهران.
ويتطلب اتفاق الاطار من إيران تعليق عمل معظم اجهزة الطرد المركزي التي تستخدم لتخصيب اليورانيوم والحد من أنشطة التخصيب وكذلك الأنشطة الحساسة الأخرى لمدة عشر سنوات على الأقل.
ويدعو الاتفاق أيضا إلى أن تتولى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مراقبة تخزين إيران للآلاف من أجهزة الطرد المركزي ومكونات أساسية اخرى.
ومن بين التناقضات التي ظهرت بالفعل في تفسيرات إيران والغرب للاتفاق توقيت تخفيف العقوبات ورفع عقوبات الأمم المتحدة والمراقبة.
وقال مصدر دبلوماسي كبير لوكالة (رويترز) شريطة عدم نشر اسمه "اعتقد أن عمليات المراقبة والتفتيش قد تكون المشكلة الأصعب ولن اندهش اذا بذلت إيران والقوى الست جهدا كبيرا بشأنها".
ويقضي الاتفاق المؤقت بأن تكون عمليات التفتيش الأوسع نطاقا ملزمة بالنسبة لإيران. وجاء في البيان المشترك لإيران والاتحاد الأوروبي أنه سيكون للوكالة الدولية للطاقة الذرية حرية التفتيش باستخدام وسائل حديثة من خلال اجراءات متفق عليها بما في ذلك توضيح مسائل سابقة وحالية.
ووقعت إيران على البروتوكول الإضافي في عام 2003 بعد عام من الكشف عن وجود منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم ومفاعل (آراك) الذي يعمل بالماء الثقيل.
وبدأت طهران في تطبيق البروتوكول طواعية لكنها لم تصدق عليه قط وتوقفت في نهاية الأمر عن تطبيقه.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف للصحافيين في واشنطن يوم الأربعاء، إن إيران وافقت على استئناف تنفيذ بنود البروتوكول الاضافي وستصدق عليه.
لكن أولي هينونين كبير المفتشين النوويين السابقين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي يعمل حاليا في جامعة (هارفارد) قال إن عمليات التفتيش بموجب البروتوكول الإضافي لن تكون كافية على الأرجح لمراقبة ملائمة.
ويقول الخبراء إن البروتوكول الإضافي له حدود فهو لا يشمل الابحاث التي تقوم بها إيران والتي تحقق فيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويعتقد الغرب انها مرتبطة بصنع الأسلحة.
وقال هينونين انه يتعين ان تصدر إيران اعلانا جديدا شاملا بشأن برنامجها النووي وان يتضمن أيضا معلومات عن تعاون إيران مع دول أخرى.
وأضاف "نحتاج بعض البنود المتعلقة بتعاون إيران مع دول اخرى بالنظر إلى ما تردد عن التعاون مع كوريا الشمالية".
وقالت جاكلين شاير، الخبيرة في مجال منع انتشار الأسلحة والعضو السابق بلجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن بشأن إيران، إن الإجابة على التساؤلات المتعلقة بما يسمى "الابعاد العسكرية المحتملة" لانشطة إيران السابقة مسألة حيوية لكنها لا تزال في غاية الصعوبة.