استضافت الباحث في الشؤون الأمريكية جو معكرون

'بال ثينك' تنظم ندوة سياسية بعنوان "سيناريوهات الانتخابات الأميركية وانعكاساتها على الشرق الاوسط"

ندوة سياسية عبر زوم

نظمتْ مؤسسة "بال ثينك" للدراسات الاستراتيجية ندوة سياسية بعنوان "سيناريوهات الانتخابات الأميركية وانعكاساتها على الشرق الأوسط"، استضافت فيها أ. جو معكرون الباحث في المركز العربي للأبحاث في واشنطن.

وحضر الندوة السياسية الرقمية التي أدارها أ. عمر شعبان مدير مؤسسة "بال ثينك" للدراسات الاستراتيجية نخبة من الأكاديميين، والباحثين، والإعلاميين، وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني، ويأتي اللقاء مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

واوضح أ. عمر شعبان مدير مؤسسة "بال ثينك" للدراسات الاستراتيجية "أن اللقاء مع الباحث في المركز العربي للأبحاث في واشنطن جو معكرون يهدف للتعرف على انعكاسات الانتخابات الأمريكية ونتائجها على الشرق الأوسط، لاسيما في ظل اختلاف الرؤى بين الحزب الجمهوري والديمقراطي في قضايا عدة".

وبيَّن الأستاذ شعبان أهمية التعرف على السيناريوهات المحتملة لنتائج الانتخابات الأمريكية وانعكاساتها على قضايا الشرق الأوسط وخاصة القضية الفلسطينية، لاسيما في ظل مراهنة الموقف الرسمي الفلسطيني على نتائج الانتخابات الأمريكية، مشدداً على أهمية تعزيز البيت الفلسطيني، وتجاوز مرحلة الانقسام، وتجديد الشرعيات عبر صندوق الانتخابات، لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية.

وقال أ. عمر شعبان: "إنَّ الندوة السياسية المتخصصة محاولة جادة لاستشراف نتائج الانتخابات الأمريكية وانعكاسها على قضايا الشرق الأوسط"، مشيراً إلى انَّ الندوات السياسية واستضافة المختصين تعزز من مبادئ مؤسسة بال ثينك الهادفة للتفاكر والبحث بشكل مستقل".

كل الاحتمالات ممكنة!

بدوره، رأى أ. جو معكرون الباحث في المركز العربي للأبحاث في واشنطن أن الانتخابات الرئاسة الأمريكية تأتي في ظل تحولات تاريخية كبيرة تشهدها الولايات المتحدة منذ سنوات، وتعززت خلال العام الحالي، في ظل أزمة كورونا ، والتوتر العرقي، والتدهور الاقتصادي الحاصل.

وأوضح معكرون وجود خلاف في الرؤى الإستراتيجية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية بين الحزب الجمهوري والديمقراطي، بشأن القضايا والأزمات التي تعصف بالولايات المتحدة مثل أزمة كورونا، والوضع الاقتصادي، والتوتر العرقي، والسياسة الخارجية للبلاد.

وأوضح معكرون أنَّ المشهد الانتخابي في حالة جمودٍ كبير تضعف حالة التوقع وت فتح الاحتمالات على مصرعيها، بسبب أن "المرشح الأول" دونالد ترامب يمتلك قاعدة جماهيرية قوية ومتماسكة، لكنه في المقابل يصعب عليه دفع المعتدلين والمستقلين للتصويت لصالحه، بينما "المرشح الثاني" جو بايدن يفتقد لقاعدة جماهيرية قوية، لكنه في نفس الوقت قادر على مخاطبة المعتدلين والمستقلين.

وتساءل الخبير في السياسات الأمريكية: في ظل الجمود الحالي في المشهد الانتخابي يبقى سؤالين.. هل ينجح ترامب بإقناع المستقلين والمعتدلين بالتصويت لصالحه؟، وهل يتمكن جو بايدن من إقناع القاعدة اليسارية للخروج للتصويت لصالحه؟.

وأشار إلى أنَّ ما يسمح بفوز بايدن هو نسبة الإقبال الكثيف على الاقتراع، بينما ما يسمح بفوز ترامب هو الاقبال الضعيف، وذلك بسبب ارتفاع تعداد الجيل الجديد الذي يحق له الإقتراع، وهو الجيل الذي يبحث عن الخطاب العقلاني، وتتفق أفكاره إلى حد كبير مع المبادئ التي يطلقها بايدن.

واوضح أنَّ استطلاعات الرأي في الولايات المتأرجحة تشير إلى تقدم بايدن على ترامب بفارق ضئيل، مشيراً إلى انَّ بايدن يغيَّر الخريطة الانتخابية كما فعل حدث مع أوباما عام 2008، إذ أنه فاز في فوزاً ساحقاً يتقدم في استطلاعات الرأي في ولايات كانت تصوت تاريخياً لصالح الجمهوريين مثل ولاية اريزونا وتكساس، لافتاً إلى أن الطريق في حساب الولايات أمام ترامبالطريق اصعب لكن ليس مستحيل امام ترامب لضمان ولاية ثانية. جديدة أصبح صعباً.

ترامب رجل المفاجآت!

ويرى معكرون أن على الرغم من التعاطف معه إصابة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفيروس كورونا قد تؤثر سلبا على فرص فوزه بالانتخابات الرئاسية، وتعزز فرص منافسه الديمقراطي جو بايدن في دخول البيت الأبيض، لاسيما أن ترامب كان يحتاج إلى الاسابيع الاخيرة أسبوعين للهجوم على منافسه بايدن لمنعه من التقدم في استطلاعات الرأي.

وأشار إلى أنّ ترامب لم يرتقِ أمام الناخب الأمريكي لمستوى أزمته الصحية، والحفاظ على مصالحهم، وأن يحاول توحيد الأمريكيين في فترة مرضه، بل ترك الكثير من الأسئلة التي أضعفت ثقة الناخبين فيه، مثل أين أصيب؟، من كان معه؟، ماذا سيحصل لو توفي او انسحب من الحياة السياسية؟، وهو ما أفقد الناخبين الأمريكيين القدرة على التنبؤ بشأن مقدرة ترامب على إدارة شؤون البلاد في المرحلة المقبلة.

وأوضح أن ترامب أخفق في نظر الأمريكيين في التعامل معمعالجة أزمة تفشي كورونا، وقد ركزهو ما دفعه خلال الأشهرسابيع الماضية للابتعادعلى اعادة فتح الاقتصاد الاميركي لتعزيز فرص فوزه عن الحديث عن الملف الذي سببه له حرجاً كبيراً أمام الأمريكيين، وذهب للتغطية على فشله بالحديث عن الملف الاقتصادي، لكن عامل إصابته بالوباء جعل مرة اخرى كورونا وتعامل الرئيس معهااصابته أعاد للأذهان قضية إخفاقه في مواجهة جائحة كورونا في واجهة الحملات والعناوين الانتخابية.

وأشار إلى انَّ سيناريوهات الانتخابات الأمريكية تبقى مفتوحة أمام كل الاحتمالات، على الرغم من أنَّ استطلاعات الرأي الصادرة من مراكز بحثية مستقلة تشير إلى تقدم جو بايدن على منافسه دونالد ترامب، قائلاً: "استطلاعات الرأي هي رغبة وليس فعل، بمعنى أنَّ الناس يرغبون في الوقت الحالي بإزالة ترامب من المشهد السياسي، لكن قد تحدث مفاجآت تقلب المشهد الانتخابي (..) الرغبة موجودة للتصويت لصالح بايدن، لكن ترامب لن ينتهي ولن يسلم قبل إطلاق صافرة النهاية، مع التأكيد أن ترامب رجل مفاجأة".

سيناريوهات السياسة الخارجية

واستعبد معكرون أن يتمكن جو بايدن في حال فوزه من محو آثار الجمهوري دونالد ترامب على سياسات واشنطن الخارجية تجاه الشرق الأوسط، كون ترامب خلق وقائع جديدة في المنطقة يصعب على بايدن تجاوزها.

وأوضح معكرون أنّ الخلاف بين ترامب وبايدن يكمن في القضايا الداخلية مثل أزمة كورونا، والوضع الاقتصادي المتدهور، والاحتجاجات العرقية، بينما على مستوى السياسة الخارجية فلا توجد خلافات في الإستراتيجيات بل في التكتيكات والعلاقات الثنائية، مستعبداً أن يرفع العقوبات عن طهران بشكل سريعدراماتيكي، أو أن يعيد السفارة الأمريكية من القدس إلى تل أبيب.

وقال: ترامب وضع سقفاً للتفاوض مع طهران، وسيكون من الصعب على بايدن النزول كثيراً عن السقف الذي حدده ترامب للتفاوض، ووضع قواعد جديدة تتعلق بالتحالف مع الدول العربية، وسيكون من الصعب على بايدن تغيير الواقع السياسي الذي فرضه ترامب مع تلك الدول.

وعن تأثير فوز بايدن في الانتخابات الأمريكية على القضية الفلسطينية، توقع أن تكون لدى بايدين مقاربة جديدة في التفاوض تقومل على المرونة والسلاسة في التعامل مع الطرف الفلسطيني، وإمكانية دفع الطرفين للتفاوض، مستدركاً "لكن الصعوبة أمام بايدن تكمن في حكومة اليمين داخل إسرائيل، فإذا لم يتغير نتنياهو فإن خطط بايدن لن تذهب لأي مكان".

ورجح أن تكون العلاقة بين بايدن ونتنياهو متوترة ومتأزمة للمرونة التي قد يبديها مع الطرف الفلسطينينتيجة صعود اليسار في الحزب الديمقراطي ودفعه نحو سياسة اميركية اكثر توازنا في الملف الفلسطيني-السرائيلي، مشيراً إلى انَّ هناك تحدي كبير امام الفلسطينيين لان مهما كان الفائز في الانتخابات الاميركيةالعلاقة المتوترة مع نتنياهو ربما لن تخدم الفلسطينيين كثيراً هناك في ظل تغير في الموقف الرسمي العربي تجاه القضية الفلسطينية.

وأوضح أن نتنياهو أقل خشية من فوز الديمقراطيين بعد هزيمة بيرني ساندرز المعروف بانتقادهكرهه للسياسات الإسرائيليةين وقربه من الفلسطينيين، مشيراً إلى أنَّ بايدن ونتنياهو جمعتهما صداقة إبان تولي بايدن منصب نائب الرئيس الأمريكي في إدارة أوباما، لافتاً إلى ان بايدن كان الوسيط الذي حاول نزع فتيل التوتر بين نتنياهو وأوباما بعد التوتر الذي حصل آنذاك.

وقال :"بايدن سيحاول إعادة التوزان للسياسات الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، وأخذ مسافة نسبية بين الطرفين (الإسرائيلي والفلسطيني)، في محاولة لإيجاد إطار للتفاوض من جديد"، مستبعداً التوصل لاتفاق سلام في ظل حكومة يمينية إسرائيلية.

وأشار إلى أنّ التاريخ يسجل توتر العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في ظل وجود الحزب الديمقراطي في الأولى وحكومة يمينية في الثانية، مع إشارته إلى انَّ التوتر -إن حصل- فلن يؤثر على العلاقة الإستراتيجية بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية.

وتوقع أن يتعزز التحالفتستمر عمليات التطبيع بين بعض الأنظمة العربية و"اسرائيل" في حال اتخذ بايدن خطوات مغايرة لما عليه ترامب تجاه طهران؛ قائلاً: "عندها سترى الحكومات الخليجية أنَّ "إسرائيل" أقرب لها من الإدارة الأمريكية، وستزيد من تلك العلاقة بالنظر إلى ما تعتبره التهديد الإيراني".

كما، وتوقع أنْ تتراجع الشخصنة في العلاقةضرر الاتصالات بين الإدارة الأمريكية والحكومات العربية وتعود الى طبيعتها المؤسساتية في حال فوز بايدنتخذ شكلها الرسمي، لاسيما مع وجود قاعدة يسارية لا تحبذ إقامة علاقة مع من يصفونهم بـ"الطغاة"، قائلاً: الاتصالات ستتخذ الخطوط الرسمية عبر السفارات وما إلى ذلك، ولن تكون على طريقة الرسالة النصية الى صهر الرئيس جاريد كوشنر".كوشنير عبر (TEXT SMS)".

وعن الاحتمالات حال فوز ترامب، توقع أنْ تمتاز الولاية الثانية لترامب حال فوزه بالعقلانية اكثر والاستقرار، وذلك مرده إلى عدم تفكيره مجدداً في الانتخابات الأمريكية، لكن شخصيته النرجسية لن تتغير على الارجح..

وتوقع معكرون أن يطلب ترامب من نتنياهو بعض التنازلات، وأنْ يضغط عليه بشأن ذلك، دون أن تصاب العلاقة بتشنج أو تصلب على طريقة نتنياهو – أوباما.

ورجح أن تفتح القنوات بين ادارةيلجأ ترامب والطرف حال فوزه إلى فتح محادثات مع الفلسطيني في حال فاز الرئيس الاميركيين، مستبعداً حدوث سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليينطرفين على المدى المنظور؛ طالما بقي المزاج العام في إسرائيل يميل إلى اليمين.

تنشيط قنوات اتصال خلفية مع واشنطن

وأكد معكرون أن الواقع الفلسطيني مترهل وضعيف ومتشرذم على جميع الصُعد خاصة السياسي والاقتصادي، موضحاً أن القيادة الفلسطينية لازالت تعول على التحولات الخارجية.

وأشار إلى أنَّ هناك تعقيدات امام اي محاولة من الادارة الاميركية لفرض تغيير فيمخاوف التي تكتنف القيادة الفلسطينية، وبشأن تهديدات الإدارة الأمريكية الحالية من القفز عنها أو تغييرها صعب تحقيقه وتطبيقه، دون أن يكون لها رصيد على أرض الواقع ومعطيات واضحة في البيئة الفلسطينية، متوقعاً لجوء ترامب لممارسة ترامب ضغوطات سياسية واقتصادية.

وقال: إن القضية الفلسطينية وتطبيق صفقة القرن ، لم تعد ذات أولوية بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.، لاسيما بعدما قدمت له بعض الحكومات هدية التطبيع، التي تحسن من حظوظه الانتخابية.

ودعا معكرون القيادة الفلسطينية لفتح قنوات اتصالات خلفية مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وذلك لعدم ترك الساحة الأمريكية لإسرائيل تصول وتجول فيها، قائلاً: "لابد من التواصل حتى لو مع إدارة ترامب عبر قنوات اتصال خلفية، وهناك قنوات معروفة مثل المخابرات من الطرفين، فلابد من تنشيطها من جديد لإيجاد مقاربة جديدة، خاصة في ظل اننهاء مرحلة الرهان الفلسطيني على النظام الرسمي العربي.

ودعا معكرون الفلسطينيين لخلق جيل جديد من القيادة، وترتيب البيت الفلسطيني، وفتح خطوط اتصالات خلفية، وتعزيز الذات، بدلاً من المراهنة على فوز ذلك المرشح أو منافسه.

WhatsApp Image 2020-10-06 at 20.24.53.jpeg
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد