سِجل الدعوات الفلسطينية لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية حافل منذ عام 2007 ولغاية عام 2020م، ففي العام الماضي كَلَّف الرئيس عباس، برسالة رسمية في (4/11/2019)، د. حنا ناصر، رئيس لجنة الانتخابات المركزية، باستئناف الاتصالات والمشاورات مع القوى السياسية والجهات المعنية كافة، للتحضير لإجراء الانتخابات التشريعية، على أن تتبعها بعد بضعة أشهر الإنتخابات الرئاسية، وفق القوانين والأنظمة المعمول بها، وهذا أخر كتاب تكليف صدر عن الرئيس عباس، دون أن يتم تنفيذه. ونصت رسالة الرئيس عباس للدكتور حنا ناصر رئيس لجنة الانتخابات المركزية، "استنادا إلى نقاشاتنا معكم وتصميماً منا على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وحرصاً منا على العودة إلى إرادة الشعب وإجراء انتخابات حرة ونزيهة في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة ، لتكريس الديمقراطية وإنهاء الانقسام والسير قدماً نحو الشراكة الوطنية الكاملة".

وأكدت رسالة الرئيس عباس إلى حنا ناصر على عدة نقاط أهمها:

1 – إصدار مرسوم رئاسي واحد لإجراء الانتخابات التشريعية تتبعها الانتخابات الرئاسية ضمن تواريخ محددة.

2- تجري الانتخابات استناداً إلى القانون الأساس.

3- تجري الانتخابات التشريعية على أساس قانون النسبية الكاملة.

4- احترام نتائج الانتخابات والالتزام بها.

5- لتأكيد النزاهة والشفافية للانتخابات الحرة، سوف يتم دعوة هيئات عربية ودولية ومؤسسات تشريعية، للمراقبة والإشراف الدولي على عملية الانتخابات، إضافة لمؤسسات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والدولية.

6- بعد إصدار المرسوم الرئاسي لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بمواعيدها المحددة، فإني أطلب من جميع الفصائل والقوى والفعاليات الفلسطينية فتح حوار بينها لإنجاح الانتخابات والسير قدماً نحو الشراكة الوطنية الكاملة.

7- بانتظار الرد الخطي بالموافقة على النقاط أعلاه من جميع الأطراف المعنية.

السياق التاريخي للدعوات الفلسطينية لإجراء الانتخابات، لم تتوقف منذ 14 عام، في هذه الورقة أبرز تلك الدعوات التي توالت من شخصيات فلسطينية بارزة وأبرزها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وهذه ليست المرة الأولى التي يُدعى فيها للانتخابات بعد الانقسام في 14/6/2007. فملف الحوارات الفلسطينية التي انعقدت منذ ذلك الحين، تنضح بهذه الدعوات التي لم تنفذ.

ففي عام2007م، حيث أكدت وثيقة الوفاق الوطني المقدمة من مصر تلخيصاً لنتائج الحوار الوطني الفلسطيني الشامل ضرورة اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.

وفي عام 2009م، صدر مرسوم رئاسي يتضمن الدعوة إلى إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بتاريخ 24/1/2010، غير أن الانتخابات لم تجرِ، حيث صدر مرسوم بإلغائها نتيجة عدم الاتفاق بين طرفي الانقسام.

وكذلك الأمر في عام 2011م، وذلك كنتيجة لاتفاق القاهرة الذي وقعت علية الفصائل الفلسطينية وبنفس الوجهة أتى اتفاق المصالحة ولم يتم اجراء الانتخابات.

وتواصلت الدعوات في عام 2012م، إعلان الدوحة، بعد حوارات بين حركتي فتح و حماس على اجراء الانتخابات واتفاق مصالحة فلسطينية إلا أنه لم تُجرى الانتخابات.

وفي نفس العام 2012م، اتفاق القاهرة بين فتح وحماس، كتنفيذ لاتفاق الدوحة وترتيب الملفات الفلسطينية من خلال انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والدعوة للانتخابات، ولكنها أيضا فشلت.

وفي عام 2013 م، دعت حماس السلطة الوطنية الفلسطينية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية لمدة ستة أشهر من شأنها أن تجرى أخيرا الانتخابات العامة التي تأخرت كثيرا. بعد ترقية وضع فلسطين في الأمم المتحدة إلى دولة مراقبة غير عضو اقترح إجراء انتخابات عامة في عام 2013 تمشيا مع محادثات الوحدة من فتح وحماس.

وفي عام 2014م، اتفاق الشاطئ بين المنظمة وحماس في 23/4/2014، الذي أعقبه تفاهم فتح وحماس (القاهرة، 25/8/2014)، تم الاتفاق على اجراء الانتخابات بعد ست أشهر من تولي حكومة رامي الحمد الله الا أنها تأجلت الدعوة بسبب العدوان على قطاع غزة. أما في عام 2017م، صدر بيان عن اجتماع فصائل العمل الوطني في القاهرة في 22/11/2017، الذي نص في بند «خامساً – الانتخابات العامة» على ما يلي: «دعوة لجنة الانتخابات المركزية والجهات المعنية لإنجاز كافة أعمالها التحضيرية لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني المتزامنة في موعد أقصاه نهاية 2018 وتخويل الرئيس محمود عباس لتحديد موعد الانتخابات بعد التشاور مع كافة القوى والفعاليات الوطنية والسياسية» إلا أن ذلك فشل بعد محاولة اغتيال رامي الحمد الله في قطاع غزة.

وفي عام 2018م، أعلن الرئيس في كانون الأول ديسمبر 2018 عن اجراء الانتخابات في غضون ستة أشهر، إلا أنه لم ينفذ ذلك.

وأخيراً أصدر مرسومه في عام 2019م،حيث أعلن الرئيس محمود عباس في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 26/9/2019، أنه سيدعو فور عودته إلى رام الله لانتخابات عامة في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة، وأيضا في 2019م، جدد الرئيس اعلانه مساء الأحد 6/10/2019، في اجتماع في رام الله للجنة المركزية التابعة لفتح واللجنة التنفيذية في منظمة التحرير أن حواراً سيبدأ مع حركة حماس وكل التنظيمات تحضيراً للانتخابات العامة المقبلة، من دون تحديد موعدها. وبعد إعلان الرئيس نيته إجراء الانتخابات أمام الأمم المتحدة، أعلنت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية جاهزيتها لإجراء الانتخابات العامة في الأراضي الفلسطينية الرئاسية والتشريعية في حال إصدار مرسوم رئاسي.

في عام 2020م، قال جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح: مساء يوم الاثنين 20/9/2020: "إننا ذاهبون إلى انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة، وعلى قاعدة التمثيل النسبي".

وأضاف في تصريحات لـ (تلفزيون فلسطين): أن "كل فصيل يحق له تشكيل قائمته، حسب القانون، ونحن في حركة فتح ملتزمون، وبعد الانتخابات، يفترض أن يكون هناك صيغة لحكومة ائتلاف وطني".

عقبات أمام اجراء الانتخابات العامة الفلسطينية:

الانتخابات في ظل الانقسام الفلسطيني، وفشل إجراء الانتخابات المحلية سابقاً، وتغول السلطة التنفيذية على كل من السلطة التشريعية والقضائية، وعدم استقرار المراكز والأوضاع القانونية في الحالة الفلسطينية جراء الانقسام، يثير العديد من العقبات أمام العملية الانتخابية في حال حدوثها، ومن تلك العقبات ما يلي:

1. الاحتلال الاسرائيلي:

الانتخابات الفلسطينية لا يمكن أن تجري بدون موافقة إسرائيل، لأنه سيعرقل إجراء الانتخابات خصوصاً في مدينة القدس المحتلة، وما يزيد الأمر تعقيداً قرار الرئيس الأمريكي نهاية عام 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولأن الخارطة السياسية داخل اسرائيل لا تُشير لقدرة الحكومة الحالية اتخاذ قرار يقضي بإجراء الانتخابات داخل القدس.

2. الانقسام الفلسطيني:

يطرح الانقسام الفلسطيني نفسه على طاولة الحوار وذلك من أجل تحديد الهدف من الانتخابات هل هي استحقاق ديمقراطي أم ضرورة سياسية لتجديد شرعية الانقسام، خاصة أنه لا توجد شرعية كاملة لأحد اليوم على الساحة الفلسطينية.

3. طبيعة الانتخابات:

اتفاق القاهرة 2011 كانت نصوصه واضحة وهي أن “تجري الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني متزامنة، بعد عام من تاريخ توقيع اتفاقية الوفاق الوطني، من جانب الفصائل والقوى الفلسطينية”، كما نصت المادة 2 من قانون رقم 9 لسنة 2005م بشأن الانتخابات على أنه “1- يتم انتخاب الرئيس، وأعضاء المجلس في آن واحد في انتخابات عامة حرة ومباشرة بطريق الاقتراع السري”، وهذا ما أكدت عليه المادة 116 من القرار بقانون رقم 1 لسنة 2007م بشأن الانتخابات العامة.

ومن الممكن أن تشكل تلك المسألة عقبة كبرى في طريق أي انتخابات قادمة في حال أعلن الرئيس إجراء الانتخابات التشريعية دون الانتخابات الرئاسية، وهذا ما سترفضه حركة حماس، كما ترفضه باقي الفصائل الفلسطينية، وسيكون عقبة في طريق الانتخابات، وحتى يتم تجاوز تلك العقبة فمن الجيد أن يعلن الرئيس الانتخابات التشريعية والرئاسية بمرسومين في آن واحد، يحدد زمان كل منهما، ولا ضير أن يكون فارق زمني بسيط بين كل انتخابات، وأي أمر غير ذلك سيكون أقرب إلى وصفة لإفشال إجراء الانتخابات.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد