بالوثائق والفيديو.."دائرة العلاج بالخارج".. محطة إجبارية لمرضى غزة قد تنتهي بالموت
غزة / خاص سوا/ صبا الجعفراوي/ لملمت الشابة "آية أبو عاصي" جسدها المنهك على سرير إحدى مستشفيات قطاع غزة، منتظرة موافقة من دائرة "العلاج بالخارج "على سفرها لإتمام علاجها، ولكن يبدو بعد مشيئة الله أن العشرينية ستصعد روحها إلى السماء تاركة الجسد وحده ينتظر قرار القبول.
اقتربت مراسلة (سوا) من آية ذات الوجه الدائري الشاحب، للوقوف أكثر على فصول معاناتها، لكن أنينها الذي لم ينقطع نتاج الألم الشديد، أحالنا من إجراء حوارنا معها.
على مقربة من سرير المريضة يجلس أخاها "ياسر" الذي تحدث عن مرضها ومعاناتها، فيقول لـ(سوا) أختي تعاني من نسبة تليف عالية جداً في الكبد وحالتها الصحية في تدهور مستمر، وعلاجها الوحيد هو عملية زراعة للكبد المعروفة بصعوبتها وتكلفتها العالية وعدم توفرها في فلسطين نظراً لقلة الامكانيات الموجودة.
ويضيف أخاها بنبرة حزينة أظهرتها ملامح وجهه "ننتظر على أحر من الجمر موافقة لجنة العلاج للخارج على سفر آية"، وتابع "طرقنا كل الأبواب لتوفير العملية لها لم نترك أي جهة معنية إلا وتوجهنا لها ولكن لا جدوى حتى اللحظة، كم هو صعب أن تراقب شخص عزيز عليك وهو يموت أمامك وما باليد حيلة".
وبعد إلحاح تمكنت عائلة "أبو عاصي" من الحصول على تحويلة طبية إلى معهد "الكبد القومي" في جمهورية مصر حيث ترفض الدائرة من تحويلها إلى مستشفيات إسرائيل ، لكن إغلاق " معبر رفح " البري أحال دون سفر آية لتبقى راقدة على سرير المرض والموت يقترب منها أكثر فأكثر.
وتطالب العائلة دائرة العلاج بالخارج والجهات المعنية بالإسراع في توفير علاج ابنتهم قبل فوات الأوان.
المئات يترقبهم الموت
الشابة آية واحدة من بين مئات المرضى الذي يترقبهم الموت منتظرين حصولهم على تحويلة طبية من دائرة العلاج بالخارج تخفف من آلامهم ومعاناتهم.
أما المواطن "عادل أبو حماد" لم يكل من طرق أبواب دائرة العلاج بالخارج والمؤسسات الحكومية، وإرسال المناشدات بحثاً عن بصيص أمل لعلاج أطفاله الثلاثة الذين يعانون من تليف الكبد، ولكن حتى اللحظة دون جدوى.
ويقول والد الأطفال لـ(سوا) حصلت قبل عامين على تحويلة علاجية لابني الأكبر في معهد "الكبد القومي" بمصر على أمل أن يخضع لعملية زراعة الكبد بعد إجراء الفحوصات اللازمة، لكن تفاجأت من التغطية المالية حيث أنها لا تكفي ثمن الفحوصات إضافة إلى المعاملة السيئة التي تعرضت لها وتدهور وضع ابني الصحة بسبب تأخر الموافقة على دخوله المستشفى.
ويعاني "أبو حماد" كغيره من الوضع الاقتصادي السيء في القطاع، حيث أنه يوفر تكاليف علاج أطفاله وطعامهم الخاص الذي يزيد عن 1000 دولار شهرياً بصعوبة خاصة أن راتبه لا يكفي تغطية تلك التكاليف.
وناشد "أبو حماد" المسؤولين والجهات المعنية بإنقاذ أطفاله ليمارسوا حياتهم بشكل طبيعي كغيرهم من الأطفال الأصحاء.
مماطلات
ويشتكي العديد من المواطنين من مماطلة دائرة "العلاج بالخارج" في إصدار التحويلات الطبية لمرضى غزة، ويسقون المبررات التي لا تقنع المرضى لذلك المنع.
أما المواطنة "آمنة أبو شاويش" إحدى ضحايا إهمال دائرة "العلاج بالخارج في غزة"، تفاجأت عائلتها من صدور التحويلة الطبية على إحدى المستشفيات الإسرائيلية منذ 10 أيام دون تبليغهم بذلك على الرغم من مراجعتهم للدائرة أكثر من مرة كما أكدوا.
ويقول "عادل" أخ المريضة أبو شاويش "أختي كانت تعاني من سرطان الثدي، ولكن بعد أن خضعت لعملية استئصال تدهورت حالتها بعض الشيء وأصبحت تعاني من خلل في وظائف الكبد والكلى مما أدى إلى انحباس المياه في جسدها".
واتهم "أبو شاويش" مسئولي دائرة العلاج بالخارج وعلى رأسهم مسئولة دائرة "العلاج بالخارج" في رام الله "أميرة الهندي" بالإهمال والتقصير والمماطلة بالتوقيع على طلبات التحويلات لمرضى غزة، إضافة لمشكلة تضارب المواعيد وصدورها وعدم ابلاغ المرضى بها.
"دائرة العلاج بالخارج" ترد
ونظراً لكثرة الشكاوي من أهالي المرضى، تواصلت (سوا) مع مسئول دائرة العلاج بالخارج في غزة "بسام البدري" للوقوف أكثر على عمل الدائرة ومعرفة الاشكاليات وايصال صوت المرضى للمسؤولين.
وحول سبب تأخير صدور التحويلات الطبية، أوضح البدري لـ(سوا) أن مستشفيات الضفة الغربية تعاني من اكتظاظ وضغط مواطني ومرضى الضفة، الأمر الذي قد يؤخر الموافقة على تحويل مرضى قطاع غزة إليها، مؤكداً أن الحالات الخطيرة والتي تحتاج لسفر عاجل يتم تحويلها فوراً للعلاج.
ورداً على رفض الدائرة تحويل مرضى الكبد إلى المستشفيات الإسرائيلية، بيّن مسؤول "العلاج بالخارج" أن الخوف على المرضى من استخدامهم تحت بند التجارب بالإضافة إلى أن تكلفة العلاج التي تزيد 5 أضعاف عن مصر هي التي تدفع الدائرة على عدم إعطاءهم موافقات على التحويلات للمستشفيات الإسرائيلية.
ويتابع البدري "إغلاق معبر رفح والحصار الذي يعاني منه القطاع أحال دون سفر مرضى الكبد للعلاج في مصر، ونحن في الدائرة سندرس امكانية تحويل المرضى للعلاج في الأردن للتخفيف من معاناتهم".
وأكد أنه تم تحسين الأداء الإداري في "العلاج بالخارج" ويتم استقبال المواطنين بشكل يومي واصدار التحويلات الطبية للعلاج في جميع المستشفيات دون استثناء وحل مشكلة تضارب المواعيد، منوهاً أن الدائرة تتواصل بشكل يومي مع مسؤولة العلاج بالخارج في رام الله والتعاون بشكل مستمر لإصدار التحويلات الطبية لمرضى غزة.
وتتواصل معاناة مرضى غزة من الاجراءات البيروقراطية والمبررات التي تسوقها الدائرة، والتي هي في نظر المرضى "واهية وغير مقنعة"، متأملين في الوقت ذاته أن تحل الاشكاليات التي تعاني منها الدائرة ليتمكن المرضى من السفر.