بعد أول زيارة له منذ كورونا

زوجة المُعتقل "الزبيدي" تكشف عن ظروف اعتقالية خطيرة للأسرى في السجون الإسرائيلية

الأسير زكريا محمد عبد الرحمن الزبيدي

كشفت زوجة الأسير الفلسطيني وعضو المجلس الثوري لحركة "فتح" زكريا الزبيدي القابع في سجن "جلبوع" مع شقيقيه الأسيرين داود وجبريل، عن تفاصيل ظروف اعتقالية سيئة، وعزل للأسرى بأوضاع خطيرة يتعرضون لها داخل السجون الإسرائيلية.

جاء ذلك خلال زيارة لزوجة الأسير "الزبيدي" المواطنة المواطنة "أم محمد" من مخيم جنين، التي حصلت على تصريح بواسطة الصليب الأحمر، لزيارة زوجها، وذلك بعد طول انتظار ومنع الزيارات منذ تفشي فيروس " كورونا " في شهر آذار المنصرم.

وقد فوجئت وأهالي الأسرى بالإجراءات والقيود المشددة التي فرضها سلطات الاحتلال عليهم تحت ذريعة الوقاية من فيروس "كورونا"، لكنها تعتبرها "جزءاً من أساليب الضغط وتضييق الخناق على الأهالي لثنيهم عن زيارة أسراهم، لإحكام عزلتهم عن العالم الخارجي، وحرمانهم من التواصل مع عوائلهم".

فترة عصيبة

على أحر من الجمر، انتظرت "أم محمد" الموعد في 15/ 9/ 2020، فكباقي أهالي الأسرى، تملأ القلوب مشاعر الشوق والحنين لرؤية الأحبة والاطمئنان على أوضاعهم مع انقطاع أخبارهم والتواصل معهم منذ انتشار فيروس "كورونا".

وتقول أم محمد لـصحيفة القدس : "الفترة التي انقطعت فيها الزيارات كانت صعبة وعصيبة لقلقنا المستمر على أسرانا، ولمعرفتنا بواقع السجون السيء أصلاً والذي يشكل بيئة خطيرة على الأسرى، فكيف الحال في ظل الفيروس الخبيث؟".

وتضيف: "انتظرت إشراقة الفجر، لننطلق للزيارة وفي رأسي واعماقي ألف سؤال واستفسار عن حالة زوجي وإخوانه، وكيف تسير حياتهم وكلنا نعلم باهمال وتقصير الاحتلال وعدم توفيره وسائل الوقاية والحماية للأسرى، فعشت حالة أصعب من كل الفترة التي قضاها زكريا خلف القضبان، فلا يوجد أصعب من القلق والانتظار".

لحظة الانطلاق

في ساعة مبكرة، انتظرت "أم محمد" في حافلة الصليب الأحمر، لحظة انطلاقها والخوف يلازمها من أي خطوة وإجراء مباغت من الاحتلال قد يؤدي لإلغاء الزيارة، كما حدث مع أهالي الأسرى في عدة سجون، لكنها تنفست الصعداء عندما عادت الحافلة واستقرت على بوابات حاجز الجلمة.

وتقول: "بعد إجراء فحص حرارة لجميع أهالي الأسرى من قبل ممثل الصليب الأحمر، بدأت المحطة الأُولى من المعاناة والانتظار رغم درجة الحرارة المرتفعة، حيث خضعنا لإجراءات التفتيش عبر عدة بوابات إلكترونية، واستغرق ذلك فترة من الوقت دون مراعاة لأوضاعنا".

وتوضح :"يتعمد الجنود تأخيرنا بذرائع التفتيش واحتجازنا جميعا في ساحة الانتظار تحت أشعة الشمس الحارقة حتى تنتهي الإجراءات، ولا تنتهي رحلة المعاناة حتى وصولنا الى بوابة السجن لنواجه محطة جديدة من القيود والظروف القاهرة". وفق صحيفة القدس

صبر وانتظار

تتعدد صور المآسي التي تواجهها عائلات الأسرى القابعين في سجن "جلبوع " حتى الوصول للزيارة.

وتقول أم محمد: "يتعمد الاحتلال التنغيص علينا ومضايقتنا في كل خطوة، ورغم الخوف والقلق من كورونا، نضطر للانتظار في ساحة السجن حتى تبدأ الزيارة على دفعات، وليس أمامنا سوى الصبر والانتظار وتحمل كل صنوف العقاب من أجل رؤية أبنائنا".

وتضيف: "عندما تستدعى عائلة الأسير للدخول للسجن، نواجه مرحلة ثالثة من التفتيشات، ورغم استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة والبوابات الإلكترونية، فإننا نعاني الويلات والتعب الشديد، وسط الخوف والقلق بسبب احتكاكنا مع السجانين والجنود حتى نصل للنافذة الزجاجية التي تشبه الجدار العازل وتفصلنا عن أسرانا، فلا يمكننا مصافحتهم، ويجري الحديث معهم فقط عبر الهواتف المراقبة وسط حراسة الجنود".

السجن وكورونا

ارتسمت معالم الفرح على محيا أم محمد وأقاربها الذين سمح لفرد واحد منهم بزيارة أسراهم الثلاثة، وتقول: "فرحت عندما شاهدت زكريا واخوانه وكل الاسرى بخير، فمنذ فترة لم نزرهم، فحمدنا الله كثيراً، لكن في كل لحظة تلمّسنا خطورة الوضع عليهم وعلينا كأهالي وهم خلف القضبان على احتكاك يومي مع السجانين". وتضيف: "ازداد قلقنا عندما أبلغنا الأسرى بأنهم يمرون في ظروف اعتقالية سيئة وخطيرة في ظل ما تمارسه الإدارة من غطرسة وظلم وطغيان بحقهم، إضافةً إلى عدم توفير التدابير الوقائية والحماية لهم من الفيروس".

وتتابع: "الأسرى يعتمدون على رحمة ورعاية رب العالمين لهم أولا وعلى أنفسهم ثانياً، فيقومون بشراء القليل من أدوات التنظيف على حسابهم الخاص، ما يجعلهم يشعرون بالخطر في كل لحظة".

القمع والعقاب

مر الوقت القليل أصلاً في أجندة مصلحة السجون سريعاً وانتهت الزيارة، وودعت أم محمد وأهالي الأسرى فلذات أكبادهم "بالدعاء والتضرع لرب العالمين أن يحمينا جميعاً من جائحة كورونا، أرغمونا على المغادرة، لكن بقيت أرواحنا وقلوبنا التي يعتصرها الألم رهينة معهم، فلا يوجد أمن وأمان في ظل الإعلان عن إصابات مستمرة بكورونا في صفوف السجانين يومياً".

وتضيف: "سبب القلق الثاني أن الاسرى أبلغونا أن الادارة قررت معاقبتهم لرفضهم إخلاء قسم 5 لتحويله للسجناء المدنيين، وبعد خروجنا من الزيارة، اقتحمت وحدات القمع القسم الذي يقبع فيه زكريا، وقمعتهم ونقلتهم إلى زنازين العزل الانفرادية التي تعتبر بيئة أخطر على صحتهم وحياتهم".

وتتابع :" انقطعت أخبارهم بعد العقاب، ونشعر بقلق كبير على حياتهم، وليست لدينا معلومات عن الفترة التي سيبقون فيها معاقبين وحياتهم في خطر".

نبذة عن حياة زكريا

قبل 44 عاماً وُلد زكريا الزبيدي في مخيم جنين لعائلة مناضلة، وفي ريعان الشباب انتمى لحركة " فتح"، وشارك في مقاومة الاحتلال الذي اعتقله ووالده وجميع إخوانه وأقاربه مرات عدة.

وتقول زوجته: "كرس حياته للنضال والدفاع عن شعبه، حمل راية المقاومة وتعرض للاعتقال والاصابة عدة مرات، لكنه أكمل المشوار على درب والده الذي عاش حياته مقاوماً وأسيراً، واستشهد بعد تحرره نتيجة لآثار السجون".

وتضيف: "لم ينل الاعتقال من عزيمة زكريا الذي أُدرج على رأس قائمة المطلوبين خلال انتفاضة الأقصى، ونجا من عدة محاولات اغتيال، لكن استشهدت والدته المناضلة سميرة الزبيدي، واستشهد شقيقه المقاتل طه خلال معركة مخيم جنين، وكذلك ابن عمته قائد كتائب الأقصى زياد العامر، واعتقل فيها شقيقه يحيى".

وتكمل: "كُتبت لزكريا حياة جديدة بعد مجزرة مخيم جنين، ورغم هدم منزل عائلته واعتقال إخوانه الواحد تلو الآخر، واصل مسيرة النضال والمقاومة قائداً لكتائب الأقصى، ورغم مطاردته، رزقنا بثلاثة أبناء، أكبرهم محمد، وعمره حالياً 17 عاماً، وأصغرهم أيهم 10 سنوات".

العفو والاعتقال

لم تتمكن إسرائيل من اغتيال واعتقال زكريا، فحصل على عفو عام بعد اتفاق فلسطيني- إسرائيلي على العفو عن المطلوبين، فأكمل حياته، والتحق بجامعة القدس المفتوحة خلال مطاردته وأكمل بعد العفو، وحصل على شهادة البكالوريوس، وفاز بعضوية المجلس الثوري لحركة "فتح"، وأصبح مديراً في هيئة شؤون الأسرى ومسؤولاً عن دائرة المعتقلين، ولطموحه في العلم التحق ب جامعة بيرزيت للحصول على درجة الماجستير في العلوم السياسية وحل النزاعات الدولية، لكنه عندما كان يستعد لمناقشة رسالته والتخرج، اعتقله الاحتلال من منزله في مدينة رام الله بتاريخ 27/ 2/ 2019.

وتقول زوجته: "كان لدينا دوماً هاجس الخوف والقلق من انقلاب وخديعة الاحتلال واستهدافه لزكريا، ورغم حصوله على عفو بعد فترة التزام طويلة، فوجئنا باعتقاله، وعلى الفور نقلوه إلى أقبية التحقيق في سجن المسكوبية التي قضى فيها 3 أشهر من العزلة والضغوط حتى نقل إلى سجن عوفر".

وتضيف: "فشلت كافة محاولات إطلاق سراحه، وما زال موقوفاً منذ عام ونصف العام، المحكمة تمدد توقيفه وترفض الإفراج عنه، ومنذ فترة نقل إلى سجن جلبوع".

وتتابع: "أكرمني رب العالمين بالصبر أمام هذه المأساة، وعاهدت زكريا على الانتظار واكمال المشوار في تربية أطفالنا كما يحب ويتمنى، وبدعمه الحمد لله، تجاوزت الأوضاع الصعبة".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد