غزة للصحة النفسية يناشد برفع الحصار عن القطاع في ظل أزمة كورونا

شاحنة وقود إلى غزة

ناشد برنامج غزة للصحة النفسية، اليوم السبت، المجتمع الدولي بضرورة القيام بواجباته القانونية والأخلاقية لرفع الحصار عن قطاع غزة، والسماح بدخول المستلزمات الطبية، وبحرية الحركة للبضائع ودخول مستلزمات الإنتاج ومقوماته بما في ذلك الوقود.

كما ناشد في بيان وصل وكالة سوا، بووضع حلول استراتيجية لأزمة المياه ونقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي بما يساهم في مواجهة وباء فايروس كورونا المستجد.

وفيما يلي نص البيان كما وصل وكالة سوا: 

بسم الله الرحمن الرحيم
شعبنا الحبيب في كافة أرجاء الوطن السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يتوجه اليكم طاقم برنامج غزة للصحة النفسية بالتحية والتقدير، معبرين لكم عن تآزرهم وتكاتفهم معكم في هذا الظرف الصحي الذي تزامن مع التحديات الأخرى التي حدثت مؤخراً وأزمة انقطاع الكهرباء والوقود. 

لقد واجه الناس في قطاع غزة أشكالاً وأنواعاً مختلفة من الأزمات والتحديات على مدار العقود المنصرمة، وأبدوا صلابة وقوة في تحملها وكانوا دائماً على قدر المسؤولية والتحدي، ووقف برنامج غزة مع شركائه من مقدمي الخدمات الآخرين خلال هذه المراحل والمحطات وعبر ثلاثة عقود موقفا مسؤولاً تجاه القضايا النفسية والمجتمعية وقضايا حقوق الإنسان، مسخراً كل طاقاته وإمكانياته في سبيل تحسين السلامة النفسية للأفراد والأسر الفلسطينية، مساهماً في استمرار حالة السلم والتماسك المجتمعي لكي يستمر في طريقه نحو نيل حقوقه المشروعة.

يواجه حالياَ ما يقرب من مليوني مواطن أزمة الكهرباء، حيث يتم توفير التيار الكهربائي بشكل متقطع لمدة 4 ساعات في اليوم الواحد، ويشهد القطاع أوضاعاً معيشية سيئة للغاية خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وبشكل غير مسبوق. في حين تضررت الخدمات الطبية نتيجة هذه الأزمة، بما في ذلك قدرتها على إنقاذ الأرواح، فقد أعلن مؤخراً المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة "أن نقص الكهرباء يقوّض تقديم الخدمات الصحية في مستشفيات غزة"، وحذر من أن نقص الكهرباء سيؤثر على الخدمات المقدمة داخل مراكز الحجر الصحي.

لقد أدى الشح في الكهرباء والوقود اللازم لتشغيل مضخات المياه والآبار إلى مزيد من التدهور في توفير المياه في معظم المنازل، والذي يحاول الشعب الغزي تعويضه من خلال استخدام المولدات الكهربائية الخاصة، والألواح الشمسية، في حين يستخدم معظم السكان وحدات إمداد الطاقة البسيطة التي توفر فقط الإنارة. أدى ذلك أيضاً إلى عدم وجود مياه نظيفة للشرب واللازمة أيضا لغسل اليدين باستمرار لأغراض الوقاية، ولهذا يدرك برنامج غزة للصحة النفسية أن أزمة الكهرباء في غزة لا تعني فقط حرمان الشعب من أبسط مقومات الحياة، بل إنه تهديد لوجودهم.
إن ما حدث مؤخرا من اكتشاف حالات مصابة بفايروس كورونا داخل قطاع غزة، دفع الجهات المختصة إلى إعلان حالة الطوارئ واتخاذ إجراءات صارمة لاحتواء تفشي الوباء. كان من ضمن هذه الإجراءات فرض منع التجوال في جميع المحافظات، والذي خلق بدوره أزمة إضافية لآلاف العمال الذين يعملون بنظام الأجر اليومي، وتسبب بحالة من الخوف والقلق حول توفير لقمة العيش.

 كما أجبر هذا الظرف الأطفال واليافعين إلى المكوث في منازلهم والتي يسقف الكثير منها ألواح الصفيح. في هذا الجو الحار وفي ظل انقطاع الكهرباء تفاقمت الأزمة؛ فأصبحت منازل السكان الضيقة مكتظة بقاطنيها الذين يترقبون الأخبار المستجدة حول هذا الوباء تارة وأخبار تشديد الحصار تارة أخرى.


    وفي هذا السياق، يهيب برنامج غزة للصحة النفسية بالجمهور الكريم اتخاذ كافة إجراءات الوقاية، فكما أن الحرص مطلوب بكل اشكاله فإن الخوف والهلع مرفوض وبكل أشكاله، فالتوتر والقلق والضغط النفسي يضعف جهاز المناعة لدى الإنسان مما ينعكس سلبا على مقاومة المرض، وهنا نطالب أبناء وبنات شعبنا بالتحلي بالصبر وعدم الاستهتار بالتعليمات، وتحري الدقة في استقاء المعلومات واعتماد الجهات المسؤولة كمصدر للمعلومات.

كما ويقدم البرنامج جملة من النصائح للتعامل بنجاح مع هذه الأزمة والتخفيف قدر الإمكان من أثرها على السلامة النفسية للفرد والأسرة: 
أولاً: ضرورة التحوّل والانتقال من "الوعي المعرفي" إلى "الوعي الممارس"، فمن الواضح أن الغالبية أصبح لديها المعلومات حول الفايروس وآليات الوقاية منه، ولكن هناك حاجة للالتزام بتنفيذ وممارسة هذه المعرفة في مجتمعاتنا.

ثانياً: في ظل حالة القلق الحالية والناجمة بشكل عام عن تشويش في المعلومات حول فايروس كورونا، وأيضا تقييم السكان للوضع الصحي ووجود أزمات مختلفة ينظر إليها كعوامل تعيق الاستجابة الفعالة للجهاز الصحي فيما لو انتشر الوباء، وهو ما ينتج عنه توتر كبير ومخاوف وضغوط نفسية لدى السكان، والذي يؤدي بدوره إلى ظهور تغييرات سلوكية، وترجمة هذه الضغوط إلى شكاوى وأعراض جسدية لدى الأشخاص، وتظهر هذه الأعراض الجسدية على شكل صداع متكرر، وآلام في الرقبة والمعدة، وآلام في المفاصل، وشعور بالإنهاك والتعب وهذه الشكاوي الجسدية قد تكون أسلوب تكيف سلبي. في هذه الحالات يوصي البرنامج بضرورة توفير الدعم الأسري من خلال فتح المجال للتحاور وإعطاء مساحة للحديث والاستماع إلى من يعانون من القلق والخوف للتخفيف عن معانتهم.

ثالثاً: من أكثر الاضطرابات التي قد تنتج عن الأزمة الحالية، هو ما يسمى باضطراب التكيّف والذي يصاحبه زيادة العصبية والقلق والمزاج المكتئب، ومشاكل الاتصال والتواصل والعنف، وهي أعراض ناتجة عن التوتر والضغط النفسي المتعلق بجائحة فايروس كورونا.

رابعاً: الوالدين هم أهم الأشخاص في حياة الأطفال، وبالتالي من المهم تقديم نموذج جيد من قبل أولياء الأمور حول الالتزام بالإجراءات الوقائية والممارسات الجيدة في الحياة اليومية، وذلك من شأنه أن يؤثر في ممارسات الأطفال والتزامهم بالإجراءات الوقائية.

خامسا: يعي البرنامج جيدا بأن مجتمعنا يثمن العلاقات الاجتماعية، ويتميز بتقديم الدعم والمساندة للآخرين، في حين يطلب حالياً وجود نوع من التباعد الجسدي، وهنا نوصي بتشجيع استخدام وسائل الاتصال عن بعد ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى في تقديم مثل هذه الأشكال من الدعم والمساندة.

سادساً: ضرورة إيجاد مبادرات مجتمعية فردية وجماعية تحفظ كرامة الأشخاص، لتوفير ما يلزم الأُسر من مأكل ومشرب وحاجات أساسية تكفل مواصلة حياتهم اليومية وتسد حاجاتهم.

سابعا: ضرورة دعم ومساندة الأُسر لكبار السن والمرضى، ومراعاة مشاعرهم وقلقهم اتجاه هذا الوباء، وإشراكهم في الحديث عبر الوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي وفتح حوار وبرامج للحديث عن مشاعرهم وقلقهم ووسائل الدعم المتاحة.

ثامناً: دعوة المواطنين إلى الاستفادة من الخدمات الحالية التي يقدمها برنامج غزة للصحة النفسية من خلال الاتصال على هاتف الارشاد النفسي المجاني 1800 222 333، أو عبر الصفحات الإلكترونية التابعة للبرنامج، ومنها صفحة الفيس بوك، ومتابعة كل ما ينشره البرنامج من مواد توعوية وغيرها.

وفي النهاية، يناشد برنامج غزة للصحة النفسية المجتمع الدولي بضرورة القيام بواجباته القانونية والأخلاقية لرفع الحصار عن قطاع غزة والسماح بدخول المستلزمات الطبية، وبحرية الحركة للبضائع ودخول مستلزمات الإنتاج ومقوماته بما في ذلك الوقود، ووضع حلول استراتيجية لأزمة المياه ونقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي بما يساهم في مواجهة وباء فايروس كورونا المستجد.

صدر هذا البيان من قبل برنامج غزة للصحة النفسية بتاريخ 29 أغسطس 2020

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد