قالت الأخبارُ: تسلَّل الفلسطينيون المقيمون في الضفة الغربية عبر الحواجز الإسرائيلية لرؤية بحرهم، والاستحمام فيه في عطلة عيد الأضحى 2020!
أفتنَّ كثيرون في تحليل أسباب هذه (المنحة) الاحتلالية، واجتهدوا في نحت تحليلاتٍ يتميَّزون بها، إليكم أبرز التحليلات:
يعود سبب تغاضي الجيش الإسرائيلي عن دخول الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم المسلوبة، إلى خطةٍ تجاريةٍ تهدف إلى دعم الموازنة الإسرائيلية من السياحة الفلسطينية، لأن الاقتصاد الإسرائيلي يُعاني من ضائقة، بسبب انتشار جائحة ال كورونا !
غير أن مُحللين آخرين رفضوا هذا الادعاء، لأن (المتسللين) الفلسطينيين يُحضرون معهم طعامَهم وشرابهم، ولا يشترون من الأسواق إلا القليل!
أما التحليل الثاني فقد أرجع هدف هذه (المنحة) إلى أن إسرائيل ترغب في الضغط على السلطة الفلسطينية لإضعافها، لأن فتح ثغرات التسلل المجانية لدخول المدن الكبرى، يُعفي الداخلين من تصاريح الوساطة الصادرة من الارتباط المدني الفلسطيني، أي إيقاف التنسيق مع الفلسطينيين!
أما مُحللون آخرون فقد أرجعوا تلك الخطة إلى نشرِ وباء «الكورونا» بين المصطافين الفلسطينيين، غير أن محليين آخرين كثيرين لم يقتنعوا بهذا التفسير، لأن «الكورونا» لا تعرف الفرق بين الأجناس والألوان، فهو خطيرٌ أيضا على الإسرائيليين!
لكنَّ معظم التحليلات أغفلت الآثار النفسية الخطيرة على جماهير الفلسطينيين، وهي الغاية الرئيسة من وراء فتح ثغرات العبور ليتسلل الفلسطينيون منها (تسللاً)، إذ إن التأثيرات النفسية هي الأهم في أجهزة المخابرات الحديثة!
من أبرز الآثار النفسية التي يطمح المحتلون إلى تحقيقها في نفوس الفلسطينيين، بخاصةٍ كبار السن، أنَّ هؤلاء المتسللين سيرون بأم أعينهم بيوتهم القديمة، ومواقع قراهم وآثار مدنهم، كيف أصبحت بعد تهجيرهم منها، ما يدفعهم للشعور باليأس، والإحباط، والقهر، والألم، ليستعيدوا الإحساس بالموت مرتين، مرة عندما هُجِّروا منها، والثانية وهم يرونها اليوم بصورتها الجديدة!
أما الفلسطينيون (المتسللون) من صغار السنِّ ممن شاهدوا بأم أعينهم بطش جنود الاحتلال، وقمعهم، وقتلهم فإنهم يرون صورةً أخرى للمحتل القاتل، كيف يتحول جيشُ الاحتلال إلى (مُحسنٍ) يسمح لهم بالمرور بدون عوائق، لتتغير صور الجنود من قنَّاصين، إلى محسنين!
كذلك فإن صغار السن، ممن لم يروا أرض آبائهم وأجدادهم، ولم يسافروا، فإنهم سيصابون بدهشة التقدم والحضارة، هؤلاء الصغار سيخزنون صورة سريعة وقتية، وهم لا يعلمون أن كل تلك الحضارة مخصصة فقط للإسرائيليين! إن هذا الإغراء، وما يُصاحبه من إحباط ويأس قد يُوقِع صغار السن الفلسطينيين في شراك المخابرات، وقد يدفعهم للهجرة وإقناع شباب فلسطين بأن الحياة السعيدة، واكتساب الرزق أولى وأهمُّ من النضال الوطني للحصول على الحق.
أما أبرز أهداف هذه الخطوة المعتادة والرئيسة خلال الأعياد، هي ترسيخ الدعاية الزائفة لإسرائيل، بأنها ترعى حقوق الإنسان، وتحترم حق (الأقليات)! وتفتح حدودها لهم ليستمتعوا في أوقات العطلات، أي أنها تحترم عطلات (الأقليات) الدينية، وتكافئهم بالسماح لهم برؤية بيوت أجداهم المغتصبة!
هذه الدعاية تبثُّها كل فضائيات العالم، فمجموع الصور المنشورة في كل فضائيات العالم عن شواطئ يافا وحيفا، وطبريا، كيف (غزتها) جماهير الفلسطينيين، غايتها تعزيز مقولة إسرائيل الرئيسة، وشعارها الزائف، بأنها دولة ديمقراطية وحيدة في الشرق الأوسط.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية