محكمة أمريكية تُنهي فصول قضية "السفاح الذهبي" التي بدأت عام 1970
أسدلت محكمة في الولايات المتحدة الأمريكية الستار على قضية جنائية بدأ التحقيق بها في سبعينيات القرن الماضي، ولاقت اهتمامًا كبيرًا، حيث قضت بالسجن المؤبد على جوزيف دي أنغلو، المعروف بلقب "سفاح الولاية الذهبية" في كاليفورنيا.
وكانت الشرطة ألقت القبض على دي أنغلو (74 عاماً) في عام 2018، بعد العثور على حمضه النووي عبر موقع إلكتروني خاص بتحديد الأنساب.
وفي اتفاق مع الإدعاء يجنّبه عقوبة الإعدام، أقرّ دي أنغلو في يونيو/ حزيران بارتكاب 13 جريمة قتل، كما اعترف بقيامه أعمال اغتصاب وسطو وجرائم أخرى.
وبعدما ظل صامتا بوجه خال من التعبيرات أثناء الاستماع إلى شهادات ضحايا خلال الأسبوع المنصرم، خاطب دي أنغلو الحاضرين في المحكمة يوم الجمعة، حيث نزع كمامته ونهض من كرسي متحرك، قبل وقت قصير من نطق القاضي مايكل بومان بالحكم.
وقال دي أنغلو: "لقد استمعت إلى جميع تصريحاتكم، إلى كل واحد منها، وأنا آسف بشدّة لكلّ من أذيت".
ومن المرجح أن يقضي القاتل الشهير ما تبقى من حياته في السجن، بعدما صدر ضده 11 حكماً بالسجن المؤبد دون إمكانية الإفراج المشروط، بالإضافة إلى 15 حكماً بالسجن المؤبد وفترات سجن أخرى بسبب حيازة أسلحة.
وقال القاضي بومان: "حين يرتكب أشخاص أعمالاً وحشية، يجب سجنهم بعيداً حيث لا يتمكنون من إيذاء شخص آخر بريء".
ووصفت آن ماري شوبرت النائبة العامة لمقاطعة ساكرامنتو دي أنغلو بأنه "معتلّ اجتماعياً". وفق موقع بي بي سي عربي
وكان دي أنغلو، الميكانيكي والمحارب السابق في حرب فيتنام، ضابطاً بالشرطة في كاليفورنيا عندما ارتكب جرائمه خلال السبعينيات والثمانينيات. وبدأت جرائمه في عام 1975، وانتشرت في أنحاء الولاية، وبدأ بالترصد والملاحقة والسرقة، وسرعان ما تصاعدت وتيرة أعماله من العنف الوحشي والاغتصاب والقتل على مدار 12 عاماً.
ولجأ المحققون إلى أسلوب جديد للتتبع عبر الحمض النووي، حيث رسموا شجرة عائلة يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، حتى حددوه كمشتبه به. وتبعه المحققون حتى حصلوا على قطعة قماش كان دي أنغلو قد رماها، وعثروا على الحمض النووي ذاته الذي وجد في مواقع عدة جرائم. ثم ألقت الشرطة القبض عليه.
وقالت النائبة العامة شوبرت بعد النطق بالحكم إن دي أنغلو "لا يحترم حقوق الإنسان ولا القانون وليس لديه رحمة ولا تعاطف ولا ندم". ووصفته بأنه شخص "بلا وعي وبلا روح".
وهاجمت شوبرت ظهور دي أنغلو خلال جلسة المحاكمة بمظهر العجوز الضعيف، المصحوب إلى القاعة على كرسي متحرّك.
وعرضت مقطع فيديو يظهر خلاله دي أنغلو خلال سجنه في يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز وهو يمارس التمارين، ويصعد إلى الجزء الأعلى من سرير مزدوج، ويبذل مجهودا شاقّا لحجب الضوء عن زنزانته.
وقالت إن ما عرض في الفيديو يدلّ على "قوة ذهنه ومهاراته وقدرته على خداع أو محاولة خداع العالم بأسره، للاعتقاد بأنه رجل عجوز ضعيف".
ووصف ممثلو الادعّاء حجم العنف بـ"الصاعق"، حيث طالت أفعاله 87 ضحية و53 مسرح جريمة في 11 مقاطعة في ولاية كاليفورنيا.
وخصصت قاعة جامعية لاستضافة جلسة إصدار الحكم، بسبب الحاجة إلى حضور الضحايا الناجين وعائلاتهم.
قدم بعض الضحايا في الأسبوع المنصرم شهادات شخصية عاطفية، متحدثين عن ندوب مدى الحياة وعن صراع مؤلم للتعافي من الضرر الذي سببه دي أنغلو.
من هؤلاء، كريس بيدريتي، التي كانت تبلغ من العمر 15 عاماً حين تعرضت للاغتصاب في عام 1976. وروت كيف هدّد حياتها خلال الاعتداء عليها. وقالت: "ثلاث مرّات تلك الليلة، شعرت أني سأموت".
"استيقظت في اليوم التالي مدركة أني لم أعد طفلة. على الرغم من امتناني للبقاء على قيد الحياة، شعرت أني فارقت الحياة".
وممن استمعت إليهم المحكمة كذلك بيتر شولتز، الذي كان عمره 11 عاماً حين اقتحم دي أنغلو منزله في عام 1976 واغتصب والدته وسرق مجوهراتها، وتوجّه شولتز إلى دي أنغلو، قائلاً: "معاناتك قد بدأت للتو سيدي"، وأضاف: "رحل الرجل المخيف".
وقدمت شارون هادل زوجة دي أنغلو السابقة شهادتها يوم الخميس في رسالة من صفحة واحدة، وقالت إن ما ارتكبه دي أنغلو ترك "أثرا مدمراً وشاملاً" على حياتها وأسرتها. وكتبت أنها تعيش الآن مع إدراكها كيف هاجم وألحق أضراراً بالغة بحياة مئات الأشخاص الأبرياء.
وأضافت أنها كانت تثق أن زوجها كان "يفعل ما يخبرني بأنه يفعل" بالعمل لفترات متأخرة، والذهاب لصيد الطيور، وكذلك القيام برحلات إلى أماكن بعيدة، وقالت "لقد فقدت قدرتي على الثقة بالناس".
يشار إلى أن هادل قد انفصلت عن دي أنغلو عندما أُلقي القبض عليه في عام 2018، وتمت إجراءات الطلاق بعد ذلك بعام.