إن انسيابية الواقع اللا متناهية، وهُلامية صورة ما هو قادم، والمتغيرات المتلاحقة و المتسارعة التي يعيشها العالم، والتي بالمقابل تقودُنا باختلافنا و خلافنا نحو الضياع، وضبابية الحقائق التي يُبثُ عكسها للجمهور فيما يتعلق بخطط الدول العُظمى ايزاء القضايا الفلسطينية داخلياً وخارجياً، وهشاشة الهيكل التنظيمي القائم عليه قواعد تلك القضايا، والتخبط الداخلي لكافة المُنظمات السياسية سواء المنبثقة عن منظمة التحرير او المعارضه لها وضعفها سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً و إعلامياً، والظلام السائد فوق سماء الوطن التي سببته غيمة كبيرة جداً والتي تشكلت بفعل التنافُر الخطير بين أعته فصيلين في الساحة الفلسطينية، بالإضافة إلى ما أخرجه هذا التنافُر و التزاجُر من إنبثاقات عظيمة أحدثت شرخاً غائراً في كليهُما اولاً ثم في مجتمعنا على صعيد العموم، وغير ذلك الكثير من الاشكاليات التي تعتبر مؤشرات خطيرة باتت تظهر بوضوح للعيان، وما لا شك فيه أن هناك العديد من العوامل التي لعبت دور في وصولنا لهذا التدهور الملحوظ و الخطير، وأن من هذه العوامل ما هو متمثل في سوء تقدير و تصرف من قِبَل أبناء جلدتنا والذي قد يعد لهم اليد الأقوى في إحداثها، وعوامل أخرى تتمثل في ما احدثته المُخططات الصهيوأمريكية بأذرُع مختلفة ومتلونة ومتخفية.

أيما كان السبب فيما وصلنا إليه من ضياع و تأخر و تخلف و إنعدام رؤية للمستقبل ليس بالأهمية بمكان إذا ما كان الحديث عن علاجاً فعالاً و مَخرجاً ناجحاً لجميع الاشكاليات التي يقبع جميعنا في مُنتصفها، مع أن هذا لا يقلل من شأن ضرورة معرفة الأسباب الحقيقية للمشكلة والوقوف عندها و تحليلها في سبيل الوصول إلى العديد من الحلول المقترحة والتي يتم اختيار الأنسب منها.

لذلك، وحتى نستطيع تطبيق تلك الحلول و إنجاحها لا بُد من إعادة النظر، ومحاولة البحث عن من يستطيعون التأثير و إحداث التغيير و تحقيق النجاح الحقيقي في رفع هذا المجتمع من عمق البئر إلى النور، ومعالجة أقوى قضايانا العالقة في جيوب المتزمتين، وتعديل وجهة البوصلة إلى الإتجاه الصحيح من خلال تبني نظرية " مصلحة الوطن أولا - وليس التنظيم "، واستغلال جميع الطاقات و الامكانيات و الموارد(الماديةو البشرية) المتاحة للبناء " بناء الوطن وليس التنظيم "، و العمل على مبدأ التغيير الحقيقي و البناء و الإيجابي وفق خطط و أهداف و رؤى و استراتيجيات جميعها يسعى للوصول إلى مستقبل حقيقي خالٍ من الظلم و الظلام و الاشكاليات التي نعيشها اليوم .

ولا يُمكننا من معالجة ما هو كائن وصولاً إلى ما يجب أن يكون إلا من خلال النقد البناء للواقع وتحليله، بالإضافة إلى معرفة نقاط القوة و الضعف و استغلال الفرص ومحاولة التغلب على التحديات، ومحاولة الخروج من المأزق السياسي و الاجتماعي والاقتصادي بطريقة تجعل نظامنا الوطني يبدأ من فوق الأرض وليس من تحتها(على الأقل) .

وحتى يحدث ذلك، لابد من أن تكون خياراتنا سليمة، لاسيما في موضوع القيادة، فما لا شك فيه أن القيادة تُمثل رأس الهرم في أي مُجتمعٍ قائم، فنضوج و مهارة و نجاح رأس الهرم ينعكس بالطبع على باقي أركان هذا الهرم والعكس صحيح.

وبهذا لن نستطيع أن نكون قادرين على إحداث أي تغير حقيقي إلا من خلال قائد حقيقي، قائد قادر على إحداث التأثير الملموس في واقعنا من جانب، ومستقبلنا من جانب آخر، و بدون ذلك "القائد الناجح" لن يكون هناك تأثير و بالتالي لن نستطيع أن نكون ( قادرين ) .

فهل سنستطيع أن نكون ( قادرين ) ؟!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد