غزة: مخيمات صيفية بلون واحد!!!

كتب عيسى سعد الله: صحيفة "الأيام" - في الوقت الذي تغيب فيه بشكل شبه كامل نشاطات الأحزاب والحركات والمؤسسات في إقامة المخيمات الصيفية التي تواكب الإجازات المدرسية والجامعية، تظهر قوة نشاط حركة حماس في هذا الجانب الهام  والحيوي لديمومة الحركة التي تعتمد بشكل كبير على البرامج والنشاطات الاجتماعية والترفيهية للطلاب والفتية لضمان ولائهم لها.

وتستغل حركة حماس غياب المخيمات الصيفية لوكالة الغوث "أنروا" هذا العام في حشد جميع الطلبة ودمجهم في مخيماتها التي باتت الوحيدة تقريباً المنتشرة في قطاع غزة في ظل تعذر قيام حركة فتح المنافسة من إقامة المخيمات بسبب الوضع السياسي السائد منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة بالقوة العسكرية قبل سبعة أعوام وما واكبها من منع "فتح" إقامة الأنشطة والفعاليات وعلى رأسها المخيمات الصيفية كما يقول القيادي في الحركة محمد جودة النحال لـ"الأيام".

ولم يقتصر غياب فعاليات المخيمات الصيفية على حركة فتح والأنروا فحسب، بل فشلت قوى وأحزاب أخرى، أيضاً، في إقامة المخيمات هذا العام بسبب غياب التمويل رغم وجود خطة لإقامة المخيمات في مناطق متفرقة في القطاع كما يقول أحد ناشطي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لـ"الايام".

وعبر الناشط عن حزنه وامتعاضه لعدم تمكن تنظيمه من إقامة المخيمات الصيفية وبالتالي ترك المجال لأحزاب أخرى بالتفرد والاستفادة من مزايا إقامة مثل هذه المخيمات لفئة الأطفال والفتية.

غياب مخيمات "الانروا"

وعزا المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "انروا" عدنان أبو حسنة خلال حديث مع "الأيام" غياب المخيمات الصيفية هذا العام التي اعتادت "انروا" على تنظيمها كل عام إلى عدم وجود التمويل اللازم.

وكان مئات آلاف الطلبة حتى الصف التاسع ينضمون لمخيمات الأنروا الفخمة والتي كانت تشتمل على أنشطة مميزة وفخمة وتستهدف طلبة المدارس في كل أنحاء القطاع.

وغاب دور المؤسسات المحلية والدولية الأخرى في تنظيم المخيمات المميزة بسبب انحسار الدعم والتمويل لمثل هذه البرامج كما يقول محمد سالم مدير مؤسسة الوفاق والتي دأبت على تنظيم المزيد من المخيمات بتمويل خارجي في العطلة الصيفية.

وتحتم طبيعة قطاع غزة وانعدام وسائل الترفيه والتسلية للطلاب، بالإضافة إلى الفقر على سكان القطاع تسجيل أبنائهم ضمن المخيمات المتاحة للتخفيف عنهم والتخلص من الأزمات التي يتسببون بها مع وجودهم المستمر في المنزل والشوارع والأماكن غير اللائقة.

ورغم الميزة الايجابية لحركة حماس لغياب المنافسة في هذا المجال إلا أن القيادي موسى السماك مسئول ملف المخيمات الصيفية في حماس نفى أن تكون ميزة بل نقطة ضعف لأنها تفقد الحركة خاصية التنافس وعمل الأفضل.

وقال السماك لـ"الايام" إنه تمنى أن يرى مخيمات أخرى لفصائل ومؤسسات كي تخفف العبء عن الحركة التي وجدت نفسها ملزمة بقبول مئات آلاف الطلبة في مخيماتها التي يبلغ عددها نحو 450 مخيم في كافة أرجاء القطاع.

عدم وجود خيارات أخرى أمام المواطنين

وأجبرت هذه الحالة الغالبية العظمى من المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والتنظيمية إلى تنسيب أبنائهم إلى مخيمات "مشاعل التحرير" التي أطلقتها حركة حماس مطلع الأسبوع الجاري وأعلنت عن انطلاقها بشكل رسمي خلال مؤتمر صحفي عقده القيادي البارز فيها الدكتور خليل الحية أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر مدينة غزة، أول من أمس.
ولاحظت "الأيام" وجود أعداد كبيرة من أطفال أبناء حركة فتح وتنظيمات أخرى في هذه المخيمات يمارسون أنشطتهم بجانب نظرائهم من حركة حماس وغيرهم.

ويقول النحال إن الواقع الحالي يجبر ويحجم هامش المناورة أمام المواطنين لإشراك أبنائهم في المخيمات ما يدفعهم إلى تنسيب أبنائهم في المخيمات المتاحة والتي هي بغالبية تتبع لحركة حماس.

وفسر النحال غياب دور "فتح" من إقامة المخيمات الصيفية إلى الظرف السياسي والأمني التي تواجهه بسبب سيطرة حماس على غزة وعدم امتلاك الحركة الأرض المتاحة والبيئة الأمنية اللازمة لممارسة حقها في إقامة المخيمات.

وقال النحال إنه يتعذر على الحركة إقامة المخيمات في أماكن عامة كالمدارس والأندية لاشتراط الحكومة المقالة على الحصول على إذن وهو ما لا يمكن أن تلبيه.

وفي المقابل تقام أنشطة مخيمات "مشاعل التحرير" الحمساوية في المدارس والأندية والمساجد وأماكن مفتوحة أخرى وتشتمل على نشاطات تعليمية وتعبوية ورياضية وغيرها.

الأزمة المالية لم تمنع إقامة المخيمات

ولم تمنع الأزمة المالية المعلنة التي تعاني منها حركة حماس من إقامتها لمئات المخيمات الصيفية بقوة هذا العام وعلى مستوى جميع محافظات القطاع رغم التكلفة المادية العالية.

وأشار السماك إلى أن حركته تولي اهتماماً كبيراً بالأجيال الشابة منذ انطلاقتها، لإيمانها أن الشباب هم روح الأمة وعمادها، ودأبت على إقامة المخيمات الصيفية وبشكل منتظم على مدار السنوات الماضية بما يخدم القضية ويؤكد على حقوق الشعب وثوابته.

ويرى النحال أن عدم إقامة حركة فتح للمخيمات ينعكس سلباً على قوة الحركة الجماهيرية نظراً للدور المهم الذي تعلبه المخيمات في استقطاب الأجيال والفتية لصفوف الأحزاب.

ويأمل النحال في تساهم المصالحة في إعادة المجد لهذه المخيمات خلال السنوات القادمة أسوة بما تفعله حركة حماس في قطاع غزة.

وحتى حركة الجهاد الإسلامي والتي اعتادت على تنظيم المخيمات في بعض السنوات فلم تقرر حتى اللحظة إقامة المخيمات الصيفية من عدمها كما يقول أحد مسئوليها لـ"الأيام".

ويرفض طارق عليان أن تكون تنظيم المخيمات الصيفية من اختصاص الفصائل والأحزاب لضمان عدم تأثر الطلاب والأطفال بواقعها السياسي.

وشدد على ضرورة أخذ وزارة التربية والتعليم أو استحداث هيئة وطنية للمخيمات حتى تعطي نتائج ومخرجات أفضل وتنعكس ايجاباً على واقع وحياة الأطفال.

إخراج المخيمات من صلاحية الفصائل

وقال عليان لـ"الأيام" إن الطلاب يحتاجون فعلاً إلى أوقات مناسبة من الترفيه والترويح عن نفس في ظل حالة الكبت وانعدام المرافق الطبيعية والترفيهية.

ويوضح السماك أن حركته شرعت في إقامة المخيمات لاستيعاب 120 ألف طالب وطالبة في مخيماتها الصيفية التي دأبت على تنفيذها في كل عام في مختلف المحافظات.

وتستمر مخيمات مشاعل التحرير لشهر حيث تستهدف الطلاب من الصف الخامس الابتدائي وحتى طلاب الجامعات لسن 21 عاماً.

ويستلم كل مشارك في المخيمات بلوزة وطاقية، بالإضافة إلى حصوله على وجبات غذائية ورحلة بحرية في نهاية دورة المخيم.

أما الناشط مؤمن قريقع فيرى وجود فوائد كثيرة للأطفال من وراء هذه المخيمات ولكن يجب أن يتطور هذا الفكر بما يضمن تطوير واستفادة الأطفال بشكل حقيقي.

ودعا قريقع خلال حديث مع "الايام" إلى عدم استغلال الأطفال المنتسبين لهذه المخيمات في جانب الاستقطاب السياسي والتركيز بدلاً من ذلك على تطويره تعليمياً ورياضياً.

وقال قريقع إن الأطفال بغزة يحتاجون إلى العمل بجدية وبراءة لتخفيف حدة الاحتقان التي يتعرضون لها بسبب الواقع السياسي والاقتصادي الصعب.

ولم يجد أسامة حميد الناشط في حركة فتح خياراً أمامه سوى تنسيب أبنائه الاثنين في إحدى مخيمات حركة حماس لعدم وجود خيارات أخرى وعدم مقدرته على تسجيل أبنيه في مخيم تابع لأحد المراكز الثقافية الأجنبية في غزة بسبب رسومه المرتفعة.

وقال حميد لـ"الايام" إنه نزل عند رغبة أبنائه الذين أصروا على مصاحبة أصدقائهم في المخيم، بالإضافة على رغبته في التخفيف من حدة الأزمة النفسية التي يتعرضون لها.

وأوضح السماك حرص حركته على تنظيم هذا المخيمات، وأنها اختارت أن تطلق عليها هذا العام "مخيمات مشاعل التحرير" للتأكيد على تمسك هذه الأجيال بحقوقها التاريخية والوطنية، وتعزيز دورهم وإيمانهم بحقهم في تحرير أرضهم المحتلة منذ 66 عاما عبر غرس القيم والأخلاق الإسلامية و البرامج المختلفة التي تعنى بتنمية مهاراتهم والترفيه عنهم.

وتابع السماك أن مخيمات مشاعل التحرير تنطلق بالتزامن مع بدء الإجازة الصيفية وأن لجان متخصصة تعمل على مدار الساعة لإخراج هذه المخيمات بما يليق بالجيل الصاعد، حيث جري تأهيل المشرفين وقادة المخيمات ووضع الخطط والبرامج التي تراعي كافة الفئات العمرية المشاركة. بما يضمن استثمار طاقاتهم وتحقيق الاستغلال الأمثل لإجازتهم الصيفية.


اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد