"في ذروة الهجوم تم إطلاق صاروخ آر بي جي على المبنى الذي وجدت فيه بالشجاعية، ومر الصاروخ بين مجموعة من ضباط لواء غولاني، حيث طرنا من الانفجار، واحترق وجهي بالشظايا، وكان من الصعب رؤيته من كثرة الدم، وتم تحديد إصابتي بالخطيرة، ونقلت لمستشفى سوروكا في بئر السبع وسط قلق بالغ على حياتي، لكن ساعات قليلة مرت، إلى أن دحض المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي شائعات مقتلي".

بهذه الكلمات عبر غسان عليان قائد لواء جولاني الصهيوني عن تجربته المريرة في الحرب على غزة عام 2014، وهو يستذكر تلك اللحظات الرهيبة التي واجه بها المقاومة الفلسطينية على حدود غزة لمدة 51 يوما.

عليان عربي من الطائفة الدرزية (التي يرفض عدد كبير من أبنائها الشرفاء الخدمة في جيش العدو ويعتزون بعروبتهم وفلسطينيتهم) ويعد عليان من القيادات العسكرية الكبيرة في الجيش الصهيوني، حيث خدم في لواء غولاني كجندي، ثم تنقل في المراكز القيادية في اللواء فأصبح قائدا للكتيبة 51 أحد الفرق في اللواء.

وربما ما شهده قطاع غزة من تدمير واسع النطاق للأعيان المدنية من أبراج سكينة ومستشفيات ومدارس ودور عبادة، يعبر عن مدي الصدمة التي أصيب بها الجيش الصهيوني على بوابات قطاع غزة، اذ لم يستطع هذا الجيش أن يتقدم ولو أمتاراً قليلة في أرض غزة، رغم أن دباباته كانت تقطع مئات الكيلو مترات في أراضي الدول العربية في ساعات معدودة دون مقاومة تذكر، قبل ان تصنع غزة التاريخ الجديد.

شهادات الجنود والقادة الصهاينة التي تفلت من مقص الرقيب العسكري وتخرج للإعلام بين الفينة والأخرى، تثبت مدي قناعة الصهاينة ببسالة وقوة المقاومة الفلسطينية وبأسها في المعارك، ومدى الرعب الذي ينتاب العدو عند التحامه برجالها في الميدان، الأمر الذي جعل منها حائط صد منيع يحمى الشعب الفلسطيني من الغدر الصهيوني، الذي لم يألُ جهدا في ممارسة القتل في أبشع صوره كلما لاحت له الفرصة، مستغلا ضعف وتخاذل الأنظمة العربية التي كان يفترض بها أن تكون الحامية للشعب الفلسطيني الأعزل.

تأتي شهادة غسان عليان في ظل هجمة شرسة تقودها قناه العربية الممثلة لأنظمة عربية امتهنت عداء المقاومة، والاصطفاف لجانب العدو تماما كما غسان عليان، ولكن باختلاف بسيط ، فإذا كان عليان مقاتلا بسلاحه في الميدان إلى جانب العدو، فالعربية وأمد والكتاب الذين يدورون في فلك منظومة الإفك، يمارسون الدور الأخطر في تضليل الوعي العربي، نحو استعداء النفس وموالاة العدو، في محاولة بائسة للحفاظ على عروش بقايا دول نهشها العدو حتى لم يبق فيها سوى رميم العظم، وظنوا ظن السوء بأن استعداء المقاومة قد يجلب لهم دعم العدو ومساندته لهم بالباطل ضد آمال وتطلعات شعوبهم، ولم لم يدر بخلد هؤلاء البؤساء أن الشعوب لا تستعدى والحق لا يصاوله الباطل والحقيقة لا تحجبها الأكاذيب والافتراءات، فلم تفلح منظومات (غوبلز وأحمد سعيد وامثالهم) من الصمود أمام حقائق الملاحم الخالدة التي يسطرها الأبطال من خلال تضحيات ودماء ودموع.

يبقى هناك فارق جوهري بين غسان عليان وهذه الابواق الناعقة، وهو أن عليان شهد شهادة حق حول قوة وبأس رجال المقاومة كعدو ظاهر، مجاهراً بعدائه للمقاومة ومصطفاً لجانب العدو في وضح النهار، في حين أن العربية وأمد ومنظومة إفكهم، شهدوا شهادة الباطل المجلل بعار الانحياز للعدو في الظلام البهيم. وشتان بين عدو يشهد شهادة حق جرت على لسانه بقصد أو دون قصد فحاول ان ينسب لنفسه ولو شيئاً بسيطاً من أخلاق الفرسان التي يفتقدها جيش العدو، وبين عدو لئيم جبان لا يتحرك إلا في المياه الآسنة ولا يملك الشجاعة على إظهار نفسه ومقاتلة خصمه قتال الفرسان الشرفاء.

جاءت شهادة المجرم غسان عليان كلطمة أصابت تلك الهجمة الجبانة لهذه المنظومة الإعلامية المضللة، ليصدق فيهم قول الشاعر.

أحوال مجدك في العلو سواء يومٌ أغرُّ وشيمةٌ غرّاءُ

وشمائل شهد العدو بفضلها والفضل ما شهدت به الأعداء.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد