المؤتمر الصحفي المشترك ما بين نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري وأمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح اللواء جبريل الرجوب , يشكل إنطلاقه في الاتجاه الصحيح نحو تصويب المسار الوطني إلى جهة تحقيق الأهداف الوطنية بالحرية والإنعتاق من الإحتلال الغاشم .
بارقة أمل وشعاع من نور, هكذا ينظر الشعب الفلسطيني وفصائله , إلى هذا المؤتمر الصحفي المشترك ما بين حركتى "حماس وفتح" , خاصة أنه يحمل عنوانا مهما هو مقاومة ومواجهة مخططات الضم الصهيونية لمنطقة الأغوار وأراضي من الضفة المحتلة , المخطط الإستيطاني الأضخم الذي يهدف لسرقة ما تبقى من أرض فلسطين , يشكل حرباً على الشعب الفلسطيني وقضيته, وسط صمت دولي وتواطؤ أمريكي وخذلان بعض الأنظمة العربية التي تهرول للتطبيع مع الإحتلال الصهيوني.
لم يبقى أمام الشعب الفلسطيني إلا الإعتماد على ذاته وقواه الفاعلة في الدفاع عن أرضه ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية, ولن يتحقق ذلك إلا بالوحدة الوطنية وتعزيز الشراكة عبر نموذج القيادة الوطنية المشتركة في إدارة معركة التحرير وإنجاز المشروع الوطني الفلسطيني ,ولعلنا في مقالاتنا السابقة كنا نؤكد على مخرج إسترايتجي واحد لمواجهة المؤامرة والعدوان على قضيتنا يتمثل هذا المخرج بالوحدة الوطنية والمقاومة الشاملة , الوحدة تحت عنوان الرؤية السياسية الوطنية الجامعة التي تحفظ الثوابت والحقوق , وتعلي راية المقاومة بكافة وسائلها وأدواتها في مواجهة الإحتلال ومخططاته الإجرامية , وهذان المساران " الوحدة والمقاومة" هما إستراتيجية الخروج من النفق المظلم إلى رحابة ميدان الدفاع عن فلسطين الأرض والشعب والمقدسات.
التنسيق الميداني له سابقة في العلاقة ما بين " حماس وفتح" , مارستا هذا النوع من العلاقة في الإنتفاضتين , توحدتا في الميدان وإختلفتا في السياسة , وهذا ما جعل الوحدة الميدانية هشة بلا أساس متين , فهل نحن أمام إستحضار تجربة التنسيق الميداني ؟ مع بقاء الخلاف السياسي قائماً وهو الأكثر حضوراً, يقولون في الأزمات يتوحد الفلسطينيون, وإذا إنتهت أزمة الضم , هل سنعود لمربع المناكفات والإنقسام , وخاصة بأن المؤتمر الصحفي أكد على تأجيل مواضيع الخلافات , وكأن لتلك المواضيع الخلافية حق الفيتو بالبقاء السرطاني على الساحة السياسية الفلسطينية بدون علاج ناجع .
وحتى لا تغلبنا العاطفة ولهفتنا لأي لقاء وحدوي , يجب علينا قراءة الحدث " المؤتمر الصحفي" بمخرجاته على أرض الواقع وبمراقبة المسار السياسي للسلطة وقيادتها , وأداء الأجهزة الأمنية في الضفة المحتلة , فهي وحدها الكفيلة بإثبات حسن النوايا , خاصة أن جبهة الفعل الرئيسي لمواجهة قرار الضم ستكون ميادين الضفة المحتلة .
رغم تلك التساؤلات يمكنا القول بأن اللقاء بحد ذاته يعد أمراً مهماً , وعبر عن ذلك السيد الرجوب بالقول نحن قمنا بــ " مجازفة " , هو يقصد الإقتراب من مربع الشراكة مع حركة حماس , وهذا كفيل بإشعال الغضب الصهيوأمريكية على السلطة الفلسطينية,هل هذا الإقتراب هو أول الخطوط الحمراء التي يضعها الإحتلال وقد تجاوزته السلطة بإعلان اليوم عن خطة مشتركة بين " حماس وفتح" لمقاومة قرار الضم ؟ فهل سيكون مقدمة لإتفاق سياسي فلسطيني شامل؟.
رغم أهمية هذا اللقاء المشترك , وما يؤسس له من مرحلة جديدة من التنسيق الميداني في مواجهة قرار الضم الصهيوني , الا أنه لم يصل إلى تحقيق المأمول من وحدة فلسطينية شاملة ,فهل هذه الخطوة تهرب من الإستحقاقات الفلسطينية الكبرى؟ وفي مقدمتها إنجاز وحدة فلسطينية شاملة , تقوم على أساس ترتيب البيت الفلسطيني, وإعادة الإعتبار للقضية الوطنية كقضية "تحرر وطني" , وإقرار المشروع الوطني التحرري ,وإدارة معركة التحرير "سياسياً وعسكرياً" وتعزيز صمود شعبنا وإسناد مقاومته.
كان بالإمكان زف البشرى بإنهاء الإنقسام وإلى الأبد , ونحن نواجه أخطر المراحل التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية , لماذا لم يتم الإعلان عن تطبيق إتفاقيات المصالحة (مايو 2011 , أكتوبر 2017 ) تلك الإتفاقيتين تحضيان بتأييد شعبي وفصائلي كبير , بإمكانكم فعل الكثير وإنجاز المهم , قضيتنا وشعبنا يستحقان الأكثر من الفعل والأهم من النتائج , فلا تبخلوا على قضيتكم وشعبكم بفرحة إتفاقكم وإنهاء الإنقسام إرفعوا شأن قضيتكم العادلة بعملكم في ميدان واحد , ليجمعكم خندق الشراكة عبر جبهة المقاومة والصمود في مواجهة الإحتلال وأعوانه قبل فوات الأوان .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية