خبراء: الوحدة والمقاومة والدعم الدولي محددات منع تنفيذ خطة الضم
قال أكاديميون وخبراء من الأردن وفلسطين إن قرار الضم الاسرائيلي لأراضي الضفة الغربية، والمزمع تنفيذه بداية الشهر المقبل يمكن منعه (ان لم يكن آنياً ففي المدى المتوسط والبعيد) ولكن ذلك يتطلب قدراً كبيراً من الوحدة الفلسطينية على أساس مقاومة الاحتلال ومشروعه الاستعماري.
وأكدوا أن الضم هو نتيجة حتمية لاختلال موازين القوة لصالح الاحتلال، ولطريقة إدارة الفلسطينيين لصراعهم مع الاحتلال وخاصة في العقود الثلاثة الاخيرة، وبالتالي ليس من المتوقع ان يتمكن الفلسطينيون من منع قرار الضم اذا استمروا على حالتهم الراهنة.
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، تحت عنوان :"القرار الإسرائيلي الأمريكي لضم أراضي الضفة الغربية، نكبة جديدة، كيف يمكن منعها؟"، وأدارها الإعلامي الفلسطيني زاهر بيراوي.
وشارك في الندوة نخبة من المتحدثين والمحللين السياسيين والخبراء، وهم د. أحمد عطاونة، مدير مركز رؤية للتنمية السياسية في اسطنبول، ود. جواد الحمد، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان، ود. حسن المومني، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة الأردنية، د. هاني المصري، مدير مركز مسارات في رام الله ، ود. كامل حواش، رئيس الحملة الفلسطينية البريطانية للتضامن مع فلسطين.
وتناول المتحدثون العديد من المحاور المتعلقة بقرار الضم، وخطورة هذه الجريمة وآثارها على القضية والمجتمع الفلسطيني وكيفية منعها، والدور الذي يجب على الفلسطينيين والدول العربية ومؤسسات المجتمع الدولي القيام به لوقف هذا القرار وتعطيله.
ورجح عطاونة تنفيذ الاحتلال لقرار الضم، قائلا:" لا يوجد ما يمكن أن يعيق الضم، فالموقف الأمريكي الداعم للقرار، وهرولة الدول العربية نحو التطبيع مع الكيان تجعل منه مشروعاً قائما، ومن المتحمل أن يبدأ الضم بخطوة رمزية ويستمر ليشمل ما تزيد نسبته عن 30% من أراضي الدولة الفلسطينية".
وعن خطورة قرار الضم أضاف عطاونة " الضم يعني انتهاء المسار السياسي الفلسطيني المتمثل في التسوية وحل الدولتين، إذ أنه لن يبقى أرض لتقام عليها دولة فلسطين، إضافة أن القرار سيعطي اليمين المتطرف الجرأة على طرح فكرة الوطن البديل للفلسطينيين وتنفيذ صفقة القرن الذي يجعل من فلسطين دولة ممزقة بلا حدود.
وأشار إلى أن هنالك أبعادا اقتصادية واجتماعية للقرار، وأن الضفة ستتحول إلى جزر معزولة يصعب التنقل بينها، مما سيعود بالضرر على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للشعب الفلسطيني.
وعن الدور الفلسطيني والعربي في منع جريمة الضم، قال الحمد "لابد من التفكير في حسم الصراع ولا بد من تحرك شعبي ضاغط على الحكومات العربية المرتجفة، فالخيار الوحيد هو المواجهة وليس التكييف، فالمواقف العربية والفلسطينية حتى الآن لم تتحول الى برامج عمل يمكن أن تحسب لها إسرائيل حساب، ولا يزال الرسميون يطرحون فكرة التفاوض والسلام بمن فيهم الفلسطينيين.
وطالب الدكتور الحمد الحكومات العربية بوقف التطبيع وتجميد الاتفاقات مع اسرائيل ان لم يستطيعوا الغاءها. كما طالب بتقديم الدعم للأردن وفلسطين، معتبرا قرار الضم تهديدا للسيادة الاردنية وحدوده الجغرافية، وطالب بالضغط على الإدارة الأمريكية اكثر لمحاولة تعطيل القرار.
واستنكر الحمد أن تكون هنالك أهمية للفصائل والسلطة والسلاح والمقاومة إذا كانت اسرائيل ستقوم بتنفيذ القرار بينما تكتفي الفصائل بالشجب والادانة.
وأكد في ذات الوقت ضرورة الدور العربي في انهاء الانقسام الفلسطيني وتشكيل هيئة عربية موحدة لتوفير غطاء ورافعة للقضية الفلسطينية.
وانتقد الدكتور المومني بعض الدول الخليجية التي لا تكترث بقرار الضم وتقوم بخطوات تطبيعية يفهم منها الدعم للموقف الاسرائيلي.
وفي الجانب المقابل تناول المومني، خطورة قرار الضم على السيادة الأردنية، وطالب بضرورة استجابة آنية واستراتيجية للنهوض بالواقع العربي الذي يعاني من الوهن والضعف في الوقت الذي تستغل فيه اسرائيل هذا الأمر.
وأكد ان دور الاردن وموقفه الرافض الضم يعتبر متقدما عن كل الدول العربية ، ولكنه دور محكوم بمحددات كثيرة. كما اشار الدكتور المومني الى تخوفات أردنية من الموقف الفلسطيني ومدى جديته في مقاومة قرار الضم واستخدام اوراقه كاملة من أجل ذلك.
وفِي هذا السياق أكد الدكتور الحمد ان قوة موقف الاردن يعتمد على قوة الموقف الفلسطيني وانه يصعب مطالبة الاْردن بأن يتقدم على موقف السلطة والفصائل الفلسطينية التي يقع على عاتقها قيادة جهود الرفض ورفع السقف ليتوافق مع خطورة المرحلة.
أما عن الدور الفلسطيني وعناصر المواجهة الفلسطينية، فقد اكد المصري، أن الرد الشعبي والرسمي الفلسطيني هو الاساس في منع جريمة الضم، وطالب بضرورة إعادة هيكلة منظمة التحرير وتفعيل دور الفلسطينيين في الداخل والخارج.
وقال " يجب إعادة بناء منظمات مؤسسة التحرير على أسس وطنية وديموقراطية وشراكة حقيقية وتمثيلها جغرافيا لكافة مناطق وجود الشعب الفلسطيني، موكدا انه لا يمكن للمنظمة أن تقوم بعملها تحت الاحتلال".
وأضاف "يجب أن يقتصر عمل السلطة على تقديم الخدمات للشعب أن يعاد النظر في موازنة السلطة، كموازنة الاجهزة الامنية البالغة 38% والتي تؤثر على اقتصاد الشعب، وعليها أن تكون مساندة للمقاومة وأن توفر غطاءً أمنيا لها، مؤكداً أن الشراكة بين الفصائل باتت ضرورة، فلا غنى عن المقاومة ولا غنى عن المؤسسات الوطنية المختلفة.
وعن دور الائتلاف العالمي المكون من 192 دولة، الذي تستند اليه السلطة، وفقا لتصريحات بعض قيادتها قال الدكتور كامل حواش، رئيس الحملة الفلسطينية البريطانية للتضامن مع فلسطين:" لا يمكن حشد الرأي العام قبل الحديث عن إعادة بناء منظمة التحرير والمجلس الوطني الجديد، فالضغط على المجتمع الدولي يبدأ من الداخل أي أن على المجتمع الفلسطيني أن يتحرك، فالعلاقات الدولية مهمة ولكن دورها لا يتجاوز الدعم السياسي".
وأكد حواش على أهمية فهم دور الادارة الأمريكية الذي يسخر كل أدواته لحماية "أمن إسرائيل"، والتي تقوم بالضغط على المؤسسات الدولية الفاعلة للحيلولة دون معاقبة اسرائيل.
وتأتي هذه الندوة في سلسلة من الندوات التي اعتاد المنتدى الفلسطيني في بريطانيا على تنظيمها، مساهمة في دعم المجتمع والقضية الفلسطينية، وللفت أنظار العالم إلى ضرورة الالتفاف حول القضية الفلسطينية، والسعي للقيام بدور فاعل ومؤثر للحد من انتهاكات الاحتلال للأرض والمقدسات والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.