مقام النبي عنّير في طريقه للتهويد

رام الله /سوا/ حرب التهويد الصامته للمقامات الإسلامية ومحيطها تتواصل بوتيرة مختلفة من منطقة إلى أخرى، فكيف إذا كانت تقع في موقع بيئي وسياحي غني بالمياه.

مقام النبي عنير الذي يعتلي سفح جبل سمي باسمه، وهو من أراضي قريتي دير عمار ورأس كركر غرب رام الله، بعد أن كان مجمعاً لسكان القرى المجاورة قبل الاحتلال عام 1967، اصبح مهجورا، يتعرض ومحيطه الى تهويد ممنهج، ومنع المواطنون من الوصول الى أراضيهم الزراعية وترك العنان للمستوطنين يتجولون فيها براحتهم، ويقومون بتغيير معالم عيون الماء، وتهيئتها لتكون مرافق سياحية للمستوطنين،واستخدامها لطقوسهم الدينية حيث يقومون بالإغتسال بمياهها في مناسباتهم الخاصة.

المزارع هاشم بدحة واحد من أصحاب الأراضي الذين يتعرضون لمضايقات الاحتلال والمستوطنين في منطقة النبي عنير، ويسعى لرعايتها رغم اعتداءات المستوطنين عليها ومحاولتهم السيطرة على عيون المياه فيها، قال: "هذه المنطقة كانت عامرة على مدار مئات السنين، وكانت جنة، وقبلة للمتنزهين، إلا أن الإهمال للأرض والتراخي في التصدي للمستوطنين جعلهم يتمادون في السيطرة على المنطقة التي يوجد بها مسجد اسلامي في طريقه للدمار".

وأضاف هاشم لوكالة الانباء المستقلة وفا: "هناك مسؤولية على الجهات الرسمية إذ يجب أن يكون هناك دعم ومساندة للمزارعين، وشق طرق زراعية ليتمكنوا من الوصول الى أراضيهم بسهولة ايضا، ويجب أن تأخذ وزارة الآثار مسؤوليتها في ترميم المقام حتى لا يدمر بشكل كامل، فنحن بحاجة إلى أفعال على الأرض".

وتابع: "المستوطنون يجهزون لبناء منطقة سياحية، ونحن لا نستطيع العمل في أراضينا، ويقومون بتغيير معالم الينابيع كما يشاءون، فلا بد من اهتمام المؤسسات بما يجري وأن تكون حاضرة معنا في الميدان".

رئيس بلدية الاتحاد هشام البزار أكد أن المستوطنين قاموا بهدم الجدار الغربي للمقام، ويسعون لطمس معالم المنطقة الأصلية، من خلال تجاهلها ومضايقة أصحاب الأراضي ومنعهم من الوصول إليها في كثير من الأحيان.

وقال البزار لوفا:" مقام النبي عنير هو عبارة عن مسجد، فيه محراب، وكهوف تحيطه، تتوسط غابة من أشجار البلوط والزيتون الرومي، والنباتات البرية الأصلية، تحتوي على 11 عين ماء ونبعة، كان يعتمد عليها المزارعون في ري أراضيهم، ولكن بعد مضايقات الإحتلال والمستوطنين والإعتداءات المتكررة على محاصيلهم وأشجارهم التي وصلت الى حد القطع والحرق، نتج عنها قلة تواجد للمواطنين في المنطقة".

وأضاف :"وجود الموقع بالقرب من مجموعة مستوطنات جعل المستوطنين يتواجدون هناك باستمرار، ويسعون لتحويله الى متنزه، ومكان للإستجمام، وقاموا بتوفير حماية من قبل جنود الإحتلال على مدار الساعة، والتضييق على المواطنين وأصحاب الأراضي"

من جهتها أشارت مدير دائرة التعليم البيئي في سلطة جودة البيئة سائدة شعيبات إلى اهمية المنطقة من الناحية البيئية كونها تمثل معلما غنيا ومهما للموروث الثقافي والطبيعي لاشتمالها على أنواع مختلفة من النباتات والحيوانات البرية ووفرة المياه، اضافة الى الآثار الموجودة فيها وأهمها مقام النبي عنير، ومجموعة المساكن القديمة التي تحيطه.

وقالت شعيبات:" قمنا بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار بإعتماد مسار النبي عنير كواحد من خمسة مسارات سياحية بيئية في المنطقة، لما تشكله المنطقة من أهمية بيئية وثقافية وسياسية، إلا أن الاحتلال ايضاً اعتبره مسارا بيئياً، وقام يترسيم الممرات والطرق فيه، تمهيداً لتهويد المنطقة"

ودعت شعيبات المواطنين في القرى المجاورة بزيارة الموقع والتمتع بطبيعته الخلابة، وعدم ترك المكان للمستوطنين الذين يعززون وجودهم في المنطقة عاما بعد عام.

من جانبه اعتبر مدير معهد المياه صالح الرابي ما يجري في منطقة النبي عنير هو امتداد للحرب الاسرائيلية ضد شعبنا وثرواته الطبيعية، خاصة المياه، كون المنطقة تقع على الخزان الجوفي الغربي، وهي تحاول أن تسيطر على أكبر قدر ممكن من عيون المياه والينابيع.

وحسب المنشورات المتوفرة حول مقام النبي عنير كان أهالي القرى الغربية في محافظة رام الله على وجه الخصوص والقرى المجاورة يحيون موسما خاصا في الجمعة الثالثة من نيسان كما هو الحال بموسم النبي صالح في الرملة، وموسم النبي موسى في برية القدس ، وكان الباعة يبدأون في التحضير للموسم من صباح يوم الخميس، وتبدأ الوفود بالمجيء إلى المنطقة باعتباره تقليدا اجتماعيا ودينيا، يتم فيه التعارف بين سكان القرى وتوثيق الصلات الاجتماعية.

وبالرغم من مساعي المستوطنين لتغيير معالم المنطقة وتهويدها، إلا أنه في حال توفرت للمزارعين طرقا زراعية، ستجعل من وصولهم إلى أراضيهم أقل عناء، وهذا بدوره يساهم في إفشال مخططات الاحتلال ومستوطنيه.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد