غزة : مطالبة بتشكيل لجنة وطنية لوضع نظام بديل للتوجيهي
عقد مركز إبداع المعلم لقاء متخصص لمجموعة من التربويين والأكاديميين تحت عنوان ” نظام الثانوية العامة : إصلاح نظام “ التوجيهي ” أم المنظومة التعليمية؟ ” ويأتي هذا اللقاء في سياق سعي مركز إبداع المعلم ل فتح حوار وطني متعدد الأطراف من اجل إعادة النظر في نظام الثانوية العامة الفلسطيني والذي يواجه انتقادات كثيرة من قبل كافة أطراف العملية التعليمية. كما يأتي هذا اللقاء جزء من المشاورات الوطنية المتعلقة بمبادرة مستقبل التربية والتعليم العالمية التي أطلقتها اليونسكو مؤخراُ.
وقد بدأ اللقاء الذي عقد عبر منصة ZOOM الالكترونية بالتعاون مع شبكة وطن الاعلامية وراديو فيليستيا من خلال برنامج تعليلة فلسطينية بكلمة ترحيبية للسيد رفعت الصباح مدير عام مركز إبداع المعلم، طرح فيها مجموعة من التساؤلات حول امتحان الثانوية العامة والإشكاليات التي رافقت هذا النظام على مر سنوات طويلة، وقال أن كل عام يثار جدل كبير حول هذا النظام وينتهي هذا الجدل بدون التوصل لأي نتائج يمكن البناء عليها من أجل تطوير أو إصلاح هذا النظام.
وأكد رفعت الصباح أن المطلوب من هذا اللقاء إثارة التساؤلات والتفكير حول نظام التوجيهي وليس بالضرورة الوصول لإجابات محددة، لأن أي عملية إصلاح أو تطوير يجب أن تنبثق من إطار وطني يضم كافة الأطراف ذات العلاقة من حكومة ومجتمع مدني ومواطنين وتربويين وأكاديميين.
في مداخلتها أكدت الأكاديمية والخبيرة التربوية د. تفيدة الجرباوي على أنها ومن خلال مقالاتها السابقة دعت أكثر من مرة لإلغاء نظام التوجيهي وإيجاد عملية تقييم بديلة تكون أكثر عدالة، وان امتحان التوجيهي بمضمونه ومحتواه وطريقة عقده الحالية لا يعتبر هو الطريقة الأفضل لعكس قدرات الطلبة وتقييم تراكم المعرفة لديهم خلال كل السنوات الماضية، وهذا الامتحان يميز بين الطلبة من حيث التخصص العلمي والأدبي وهو يخضع الأهالي والطلبة لإرهاب وخوف كبير وضغوطات لا تحتمل.
وقالت الجرباوي أنه يجب النظر لبدائل عن نظام التوجيهي وحل المشاكل الجوهرية في هذا النظام وبالتالي هذا سيمكننا من الوصول لنظام جديد أكثر فاعليه وعدالة. وقالت أننا بحاجة إلى بدائل جديدة عن امتحان التوجيهي لأنه امتحان يقيس مستوي حفظ المعلومات ولا يقيس مستوي المهارات وخاصة مهارات التفكير الناقد، والابتكار ، ومهارات استخدام التكنولوجيا، وحل المشكلات، وهي مهارات القرن الواحد والعشرين، وأكدت أن المنظومة التعليمية بحاجة لتغيير ولكن يجب أن نضع خطة لنبدأ بالتغيير، فيها إجابة عن كيف نبدأ ومن أين نبدأ.
كما أكدت الجرباوي أن الجامعات الفلسطينية تعاني من نفس مشاكل النظام المدرسي والتوجيهي فهي تخرج طلبة لا يمتلكون مهارات تمكنهم من العمل أو الحياة، ومخرجات النظام التعليمي لا تخدم الأنظمة الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. والمشكلة أن العلامة هي أساس القبول والانتقال لكل المراحل، على خلاف باقي الأنظمة التعليمية في العالم والتي تركز على المهارات والقدرات أكثر من حفظ المعارف والمعلومات.
من جهته قال د. احمد جنازرة عميد كلية التربية جامعة بير زيت أن المشكلة ليست فقط بالتوجيهي ولكن هناك إشكالية كبيرة في المنظومة التعليمية ككل، وفي نظام التقويم كعلمية، التوجيهي اليوم يستخدم كنظام لتقييم الطلبة لدخول الجامعات. وأكد د. جنازره أن امتحان التوجيهي لا يقيس قيم ولا توجهات، وامتحان التوجيهي هو امتحان تفريغي ، وحل المشكلة ليس سهلاُ، وإذا كان امتحان التوجيهي هو لتقييم أداء الطالب فيجب تغيير شكل الامتحان، لأنه لا يعقل أن يحدد امتحان واحد مستقبل الطالب ككل.
كما أكد د. جنازة أن امتلاك المعارف لم يعد كافي وهو المطلوب فقط، والعالم الرقمي اليوم يفرض علينا إعادة التفكير في التعليم ككل والمخرجات الاجتماعية للتعليم.
في مداخلتها قالت الأكاديمية والتربوية الدكتورة علياء العسالي، أن موضوع نقاش نظام التوجيهي هو قديم حديث، وهذا النظام عليه ملاحظات كثيرة، من أهمها أنه غير عادل ولا ينفع أن يكون لوحدة هو الأساس في الانتقال من لمرحلة المدرسية للمرحلة الجامعية.
وأكدت أنه بالحقيقة لا فاصل بين مرحلة التعليم المدرسي والجامعي، فالطلبة الذين يدخلون الجامعات مهاراتهم وكفايتهم متدنية، وهذا يفرض سؤال مهم عن ما هي المهارات التي تكسبها المدرسة للطلبة, وقالت أنه يجب أن يكون هناك مداخل أو أنظمة قبول جديدة للجامعات الفلسطينية لاستقبال الطلبة، واستحداث أدوات قياس جديدة. وأنه إذا أصبح لدينا أدوات أخرى جديدة تقيس المهارات والقيم والتوجهات، فإننا من هنا يبدأ التغيير والانتقال من حفظ المعلومات إلي اكتساب المهارات.
بمداخلته قال أستاذ الإدارة والقيادة التربوية المساعد كلية فلسطين التقنية – دير البلح د. حسام أبو شاويش، أن نظام التوجيهي بصورته الحالية ليس هو النظام المناسب لقبول الطلبة في التخصصات الجامعية، ويجب أن يكون هناك إطار ناظم جديد للتقويم والتقييم، ويجب أن تكون هناك تكاملية بين المراحل التعليمية، كما أنه قبل الانطلاق برحلة التعليم يجب أن تكون الوجهة واضحة للمتعلم، وإذا كانت الوزارة صادقة في طرحها حول أن المتعلم هو محور العملية التعليمية وإكسابه تعليم جيد وشامل ومهارات القرن الواحد والعشرين فيجب عليها النظر في كل المنظومة التعليمية وإعادة تقيمها ككل.
كما تساءل د. حسام أبو شاويش، هل نظام التوجيهي والنظام الجامعي يعلم الطلبة مهارات القرن الواحد العشرين، من الواضح أن المتعلمين غير مجهزين بمهارات القرن الواحد والعشرين.
وفي ختام مداخلته قال د. حسام أبو شاويش أن امتحان التوجيهي غير عادل قطعاُ، هو امتحان معياري موحد ويشكل ضغط على المعلمين والطلبة والأهل وهدفه فقط تحصيل علامات، وهو يركز على المحتوي وليس المهارات، وعملية التعليم بهذه الطريقة هي عبارة عن عملية ملئ وعاء وتعليم بنكي، وهو تعليم قهري، وهذا الشكل من التعليم يحرم المتعلمين من اكتساب مهارات تمكنهم من الحياة في هذا العالم المتغير.
من جهة أخرى قدم التربوي المعروف د. سعيد عساف مداخله قال فيها أن حل المشكلة يبدأ من الجامعات، وانه يجب على الجامعات الفلسطينية أن تأخذ قرار استراتيجي بتغيير طريقة استخدام نتائج امتحان التوجيهي في قبول الطلبة لديها، وشدد أن حل المشكلة بيد الجامعات، حيث من الممكن أن تقوم الجامعات بتحليل كشف المواد للطالب وفي كل المواد بدل النظر للعلامة النهائية او المجموع النهائي للمعدل.
وأكد د. عساف أن استخدام نتائج امتحان التوجيهي ليس عادل وليس التوجيهي بحد ذاته، واقترح على الجامعات وضع أنظمة قبول جديدة تركز على المهارات، كما يجب على المدى البعيد أن يكون هناك عملية ضغط للحصول على قرار سياسي بتغيير نظام التوجيهي. والنظام التعليمي ككل.
كما قال الخبير التربوي وحيد جبران، ليس هناك إمكانية لتحسين نوعية التعليم طالما أن الطلبة ملزمون بحفظ واستيعاب ما يوجد بالكتب الدراسية فقط من أجل تحصيل العلامة المدرسية، وأرى أن المشكلة ليست بامتحان التوجيهي ولكن بالهدف العام للنظام التعليمي ككل، وهنا يبرز سؤال مهم: هل نحن نريد أن نعد طلبة للحياة ومهارات القرن الواحد والعشرين، أم نريد أن نعد طلبة لدخول الجامعات؟ فالجامعات فيها خلل لان نمط امتحاناتها هو نفس امتحانات التوجيهي، وتركز على المعارف كأساس للتقويم والعلامة، ولا يمكن تحسين نوعية التعليم بدون عملية شاملة ومتكاملة، تشمل المناهج وطرق التعليم وطرق التقويم، لذلك يجب إصلاح كل المنظومة وليس جزئية التوجيهي فقط.
من جهته قال التربوي حلمي حمدان، أن تطوير طرق التدريس هو مدخل لتغيير طرق التقويم، وإذا لم نغير المناهج وطرق والأساليب التدريسية فلا يمكن تغير طرق التقويم، والأولوية هي نحو تطوير النظام التربوي ككل ليس فقط التقويم.
من جهته قال التربوي د. حسن عبد الكريم، أن التركيز على امتحان التوجيهي وحده لا يكفي وهو جانب تقني فقط، والتوجيهي جزء من سياسات الوزارة، وهنا يوجد سؤال مهم، هل يجب أن تبقي وزارة لتربية والتعليم هي المسؤولة عن التقويم والتقييم ، هناك خيارات أخرى كأن يكون هناك مركز خارجي مستقل للقيام بهذه العملية.
كما قال د. حسن أن الجامعات مرتاحة لنظام التوجيهي كأساس لجذب الطلبة واستقطابهم، وهو أسرع طريقة للتنافس بين الجامعات لاستقطاب الطلبة وتحقيق عوائد مادية أكبر، ولا يوجد بيئة خصبة حاليا لتغير التوجيهي لأنه تغير التوجيهي يحتاج تغير كبير في البنية التحتية وطرق تأهيل المعلمين وميزانيات كبيرة وهذا غير متوفر حالياُ .
من جهته قال التربوي عبد الكريم زيادة، أن عمر التوجيهي 6 عقود، وفي كل عام وبعد انتهاء الامتحانات يتم فتح النقاش بدون أي نتائج، وقبل الخوض بمرحلة التوجيهي هناك مشاكل كبيرة في المراحل التي تسبق التوجيهي، حيث يتم الترفيع التلقائي، ولا يوجد حد ادني من المهارات قبل التوجيهي، وأنا أعتقد أن التوجيهي اعدل ظلم حاليا، وان تطوير هذا النظام بحاجة لمنظومة في صلبها المعلم والطالب والمجتمع والمنهاج من اجل الوصول لوضع أفضل .
و في نهاية اللقاء أكد غالبية المشاركين على الحاجة لتغيير تربوي جذري وفي كل المنظومة التعليمية، وأنه يجب أن يشارك الجميع في بناء هذا النظام على أسس فكرية وفلسفية جديدة، ويجب أن يتم استكمال الحوارات والمشاورات من اجل الضغط باتجاه دفع المستوي السياسي لاتخاذ قرار تاريخي في تغيير المنظومة التعليمية.
وأوصى المشاركون على ضرورة تشكيل لجنة وطنية موسعة وبمشاركة مجتمعية واسعة لوضع النظام الجديد. مؤكدين على أن ثورة التعليم قادمة على العالم ككل، ويجب أن نهيئ أنفسنا للتغير وأن يكون هذا التغيير بإرادتنا وأن لا يكون بإرادة غيرنا.