أصبح الجدل سمة من سمات الفلسطينيين، ويغمض الناس أعينهم وتتجمد العقول عن التفكير، وينطلقون باتخاذ مواقف بدون بناء تصور أو تحليل أو حتى انتظار لمعرفة الحقيقة، ويتم تداول المعلومات بشكل عشوائي، ولم يطلق العنان للعقل للحظات للتحقق من دقة الأخبار، وفي حالتنا لن يتوقف الجدل ومعرفة الحقيقة، فالناس اتخذت مواقفها مسبقا، وبذريعة الانقسام والمناكفات أصبح العقل مبرمجا في الذهاب نحو الاتهام وليس نحو فهم الحقيقة.


في قضية هندومة وشاح غابت المرأة كانسان ولاحقها الناس للدفاع عنها ليس كإمراة، بل كأم لإبنها المناضل الذي قضى في السجن الإسرائيلي سنوات من عمره، وحضرت هي في المشهد وهي ترتجف بصفتها أم المناضل وليس الإنسانة ولها احتياجاتها الشخصية وشعورها بالألم والمعاناة والحق في الحماية، والتي ناضلت خلال عشرات السنوات من أجل قضية الأسرى، فمنذ وعينا على العمل الوطني ونحن نشاركها الاعتصامات ونسمعها تتحدث كإمراة ولها ابناء وليس ابن واحد معتقل.


وعندما تبنت الأسير سمير القنطار أيضا وصفت بأنها أم الأسير وليس هندومة المناضلة التي تقوم بدورها الوطني والإنساني، حتى دور الأمومة حرمت منه كإمرة لها شخصيتها وهويتها بصفتها إمراة وإنسانة.


في حالتنا يجب ان نقرن حياتنا وهيوتنا بغيرنا، ويجب أن نبرر أعمالنا وما نقوم به كي ندافع عن اننفسنا عندما نقع في مشكلة أو يتعرض أي شخص منا لانتهاك بالاعتداء او الضرب او السجن، يجب ان نستعرض شريط حياتنا البطولي ونستحضر تاريخنا النضالي والعائلي والمهني، وننسى أبسط حق وهو حقوقنا كبشر وحق الفرد كانسان له حقوق يجب ان لا تقرن بالدور الذي يقوم به الانسان واستحضاره بصفته متهم دائما يتنكر هو بذاته لحقه في الدفاع عن نقسه كانسان.


واذا كانت القضية أو الحادثة تتعلق بإمرأة فيتم التركيز عليها بوصفها وكونها بطلة قدمت التضحيات، ونسبها الى ما قامت به من جهود وعمل، بدون حتى التدقيق في اسمها وكينونتها وهويتها كانسانة لها حقوق انسان.


تغيب المرأة كونها إمرأة وانسان لها اسم وهوية وكيان وشخصية مستقلة، وينسى اسمها، هذا في حال كلف أي شخص نفسه بمعرفة اسمها، ويتم تداولها مجردة من أي حق شخصي بكنيتها ونسبها إلى زوجها وعائلة زوجها وينكر اسمها بذريعة احترامها، وهي أم أولاد زوجها وليست أم أولادها، فيتم منادتها بأم أولادها خجلا من ذكر اسمها فهي كإنسانة غير موجودة سواء في الاجتماعات والمتاسبات العائلية وغير العائلية.


لكل إنسان، في كل مكان، الحق بأن يعترف له بالشخصية القانونية. لكل فرد حق في الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه، كما ولكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المكفولة، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد.


أهم ما يميز الانسان منذ الولادة حتى الممات وما بعده هو اسمه، فما بالكم باسم المرأة عندما تتخلى عنه طواعية او إكراه بعد الزواج بسبب الثقافة السائدة والعادات والتقاليد، الحديث ليس عن تغيير الاسم رسمياً في البطاقة الشخصية، وقانونا أصبحت المراة تسمى باسمها وليس باسم عائلة زوجها، القانون يتيح ذلك .


المشكلة أن القوانين والأنظمة منحت المرأة المتزوجة ان تحافظ على اسمها واسم علئلتها غير ان تلك القوانين لم تستطع التغيير في الثقافة والعادات بل ان القوانين عاجزة عن ترسيخ فكرة أن المرأة انسان ولها حقوق، تسمية المرأة باسم زوحها أو ابنها انتهاك لحقها واعتداء على شخصيتها وهويتها وظلم يكرسه المجتمع والثقافة وانكار فاضح للمرأة، ويعزز الظلم بتسمية الام بالابن الذكر وليس بالانثى وهذا ظلم مضاعف للمرأة وتفضيل الابن على الابنة كونها انثى.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد