بين مؤيد ومعارض لـ"عاصفة الحزم".. الفلسطينيون يكررون أخطاء الماضي
غزة / خاص سوا/ تباينت مواقف القيادة والفصائل الفلسطينية من القضية اليمنية والتدخل العسكري العربي الذي تقوده السعودية ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران، فانقسمت تلك المواقف بين مؤيد للضربة العسكرية وآخر معارض وطرف ثالث التزم الصمت، وطرف رابع وقف في المنتصف.
وأين يكن فإن كل موقف فلسطيني سواءً معارض أو مؤيد أو متحفظ يؤثر على القضية الفلسطينية، لا سيما وأن اصطفاف طرف فلسطيني مع أي طرف في النزاع الحاصل سيؤدي بشكل مباشر إلى خسارته للطرف الآخر، وهو ما يدخل الفلسطينيين من جديد في آتون الصراعات العربية الداخلية الذين هم في غنى عن الولوج فيها عبر التزامهم الصمت.
السلطة تؤيد
وكانت أول تلك المواقف، ما أعلنته القيادة الفلسطينية من أنها تدعم العمليات العسكرية بقيادة المملكة العربية السعودية، ضد جماعة الحوثيين في اليمن، وهو ما دفع لبعض الأطراف في الحلف الإيراني إلى مهاجمة الرئيس عباس بشدة.
وقالت الرئاسة في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا) الخميس الماضي، إنها تدعم "قرار السعودية ومجلس التعاون الخليجي والدول العربية المشاركة في العمليات الرامية إلى الحفاظ على وحدة اليمن ودعم الشرعية فيه".
وأكدت الرئاسة "أهمية الاستجابة لدعوة الحوار التي نادي به مجلس التعاون الخليجي في الرياض، والتمسك بالحوار سبيلاً لتحقيق مصالح الشعب اليمني واستعادة أمنه واستقراره ووحدة ترابه الوطني".
حماس تقف في المنتصف
أما حركة حماس التي انتظر الكثيرون موقفها مما يجري، فأعلنت السبت الماضي وقوفها مع "الشرعية السياسية" في اليمن، وذلك في موقف وصف البعض بأنه امساك للعصا من المنتصف لحساسية الوضع الذي تعيشه الحركة لا سيما بعد موقفها من الصراع في سوريا.
وقالت في بيان صحافي إنها "تؤكد أنها تقف مع الشرعية السياسية في اليمن وخيار الشعب اليمني الذي اختاره وتوافق عليه ديمقراطيا، وإنها تقف مع وحدة اليمن وأمنه واستقراره، والحوار والتوافق الوطني بين أبنائه"، مضيفةً أنها "مع أمن واستقرار المنطقة العربية دولاً وشعوباً، وترفض كل ما يمس أمنها واستقرارها".
الشعبية تعارض
فيما عبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن قلقها من تداعيات التطورات السياسية والميدانية في اليمن وما آلت إليه الأمور من استخدام القوة لحل الخلافات الداخلية، لما تحمله من أخطار محتملة ولاحقة على كل الأصعدة.
وأدانت الشعبية في بيان لها تلقت (سوا) نسخه عنه أمس الأحد، العدوان على اليمن المدعوم من أمريكياً ورفض التدخل في شؤونه الداخلية.
وطالبت باعتماد الحوار وسيلة لحل قضايا الخلاف الداخلي، والطريق السلمي الديمقراطي في أي عملية تغيير منشودة يقررها الشعب اليمني الشقيق.
تباين طبيعي
ورغم قناعة الأطراف الفلسطينية أن مواقفهم تلك سيدفعون ثمنها من هذا التيار أو ذاك، فإن المحللين السياسيين أجمعوا على أن الأطراف الفلسطينية لم تتعلم من أخطاء الماضي في قضية الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك.
"أكرم عطالله" الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني اعتبر أن التباين الذي ظهر في مواقف القيادة والفصائل الفلسطينية حول ما يجري في اليمن هو أمر طبيعي، فلم يكن هناك اجماع فلسطيني على قضية محددة لا سيما تلك المتعلقة في العلاقات الخارجية.
ورأى عطالله في حديث مع وكالة (سوا) الإخبارية، أن الانقسام الفلسطيني في الأساس هو امتداد للانقسام العربي الذي يقف على رأسه تياران، الأول "تيار الاعتدال" والآخر "تيار ممانعة".
وأوضح أن البعض في مواقفة المساندة لإيران ومحورها يتخذ مواقفه من زاوية أن الأخيرة لها مشروع في المنطقة وتريد أن تقف فيه بوجه إسرائيل، فيما يرى التيار الآخر في القومية العربية هي الأنسب في العلاقات بين العرب في هكذا ظروف.
الوقوف على الحياد
وبين عطالله أن أي موقف للفلسطينيين قيادةً وفصائل حول قضية ما هو يؤثر على القضية الفلسطينية، فتأييدهم لطرف يعني خسارتهم للطرف الآخرة، والأنسب في هكذا مواقف أن يقف الفلسطينيون على الحياد.
ولفت إلى أن بعض المواقف الفلسطينية يظهر أنهم لم يتعلموا من التجارب السابقة لهم في الحرب بين الكويت والعراق، والقضية في سوريا والعلاقة مع مصر، فكل تلك المواقف جعلت الشعب الفلسطيني يدفع الثمن مرات عديدة.
رفض الاعتداء
من جانبه، شدد المحلل السياسي "أسعد أبو شرخ" أن الشعب الفلسطيني بشكل عام هو ضد التدخل العسكري الخارجي على أي دولة عربية لأن ذلك يمثل "عدوان"، موضحاً أن الفلسطينيون يرفضون أن تقوم إسرائيل بعدوان عليهم، وبالتالي يرفضون أي اعتداء على أي قطر عربي.
واتهم أبو شرخ في حديث مع وكالة (سوا)، بعض المواقف الفلسطينية التي أيدت الضربة العسكرية ضد اليمن بأنها "رخيصة" من أجل ارضاء السعودية ومن أجل الرشوة المالية ومن يقف خلف تلك الأصوات والمواقف لا يمثلون الشعب الفلسطيني.
المشاكل تحل داخلياً
ورأى أبو شرخ أن المشاكل العربية الداخلية يجدب أن تحل بعيداً عن القوة العسكرية، لافتاً إلى أن كل شعب أدرى بقيادته، ومشيراً إلى أن كل الأنظمة التي تحارب باليمن الآن هي أنظمة غير منتخبة فعلياً.
وتوافق أبو شرخ مع سابقه في أن المواقف الفلسطينية المؤيدة والمعارضة لما يحدث في اليمن هي تؤثر بشكل أو بآخر على القضية الفلسطينية، موضحاً أن بعض الدول العربية وأوروبا ترفض أو تتحفظ على العملية العسكرية ضد اليمن.
واعتبر أن المواقف المؤيدة للضربة العسكرية هي أصوات تمثل مبرر لإسرائيل من أجل ضرب غزة ويجب أن تحاسب على مواقفها تلك، داعياً في الوقت ذاته إلى ضرورة إيجاد قيادة فلسطينية بديلة عن الموجودة الآن تحاول أن تجمع الأمة العربية على القضية الفلسطينية ولا تتدخل في الشئون العربية الداخلية.