بينما يعيشُ العالمُ ثورة البحث عن لقاحِ الفكاكِ من فايروس كورونا المستجد (كوفيد_19)، تنتفض عقول الشعوب الباحثة عن مستقبلٍ تغيب فيه المسؤولية الاجتماعية عن أنسٍ ومالكٍ اللذين يعيشان ظروفاً استثنائية منذ سنين في بلدٍ يوصف بالحزين.
فالأرقام الميلادية لا يختلف إيقاعها عن الهجرية بالنسبة لهما خصوصاً وأن غرفة أنسٍ تتزين بكثرة بالشهادات المعلقة على جدرانها ، خلافاً عن مالك الذي خطت درَّاجته كل زاوية من أزقة المخيم فتآلفت عجلاتها مع رائحة ما تبقى من ذكريات دراسة تحولت إلى قراطيسٍ بيد الأطفالِ وغيرهم من الزبائن.
تتشابه حكايا الناس إذاً، لكن التحول السريع لفئات شعبية كانت توصف بالمسحوقة من بين الفلسطينيين إلى حالة الترف بفعل الصعود المتسارع للأسهم المالية التي تزامنت مع النفوذ السياسي أو الحزبي الجديد لهم لم يكن تحولاً عادياً ، في مقابل حالة احتكار حكومي مُقدس يتجسد بمنع الاستيراد الخارجي للكثير من الأشياء الضرورية ، لإعطاء الفرصة التسويقية لمنتجات محلية فائقة الثمن، احتكار يتوطن بين صنوف عذابات "سئمها المهمشون " تحت ذريعة الاكتفاء الذاتي، كل هذا يتزامن مع تصاعد ارتفاع نسبة الفقر المدقع والبطالة المستشريين، اللذين يسمع صداهما كحالة طرب حزين في أرجاء فلسطين، ليحق القول "مصائب قوم عند قوم فوائد" في إشارة إلى ما نتج عن خصومة كبرت ملامحها مع بدء المواجهة المسلحة بين حركتي فتح و حماس ، مواجهة وصلت إلى حد انقسام دفع ثمنه الوطن ومواطن بات رهينة تحت سيف المصلحة الحزبية التي خلقت نكبة ظن الناس أنها ستنتهي بعد بضعة أيام أو ساعة أو ساعتين، الساعتان أصبحتا أربعة عشر عاماً خلفت أزمة إنسانية وسياسية جديدة ولدت في غزة وترعرعت في رام الله التي لم تفلح قدراتها في إيجاد لقاح ينهي وباء الانقسام الذي أصبحت تداعياته تجثو على صدور الفلسطينيين، فلم يرحم كل ذلك الوجع أرق نساء يتشابه مع زمهرير البرد، ولا قهر رجال باتوا عاجزين أمام رغباتهم ومتطلبات تحمي أبنائهم من وجع الجوع الذي آلم الفاروق عمر بن الخطاب، عند سماعه قصة امرأة كانت تغلي لأطفالها على النار الحصى ...
فكم من عائلة في غزة حالها يغني عن السؤال يكررون الأثر المروي عن الفاروق عمر لو أن جملا هلك بشط الفرات، لخشيت أن يسألني الله عنه.. خشية وجدت آنذاك فشكلت عدلاً وأمنا، وتغيب الآن لتصنع جوراً وفقرا..
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية