قد يتطلب قرار السلطة بالإنفكاك عن أوسلوا وتداعياتها إنهاء حالة الإنقسام وترتيب البيت الفلسطيني أولاً , ومن ثم تفعيل كل أشكال المقاومة , و فتح علاقات تجارية عربية ودولية بالتزامن مع حركة مقاطعة للواردات من إسرائيل , وقد يتطلب أيضاً إستعداد السلطة سواء في إطار منظمة التحرير أو مؤسسات الحكومة للمواجهة المباشرة مع إسرائيل نتيجة قرار الإنفكاك , وقد تستثمر السلطة موقف الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي الرافضين لضم المستوطنات والأغوار , وأيضاً الرفض العربي والإسلامي لذلك , ولكن يبدوا نظرياً هذا سهلاً ومقبولاً وخاصة إذا توفرت النية بذلك , ولكنه جغرافياً وعلى أرض الواقع ليس سهلاً ويحتاج الى أن نوصل الليل بالنهار كفلسطينيين كي يرى هذا القرار النور .

كما أن غزة سجن كبير يصعب الدخول والخروج منه كأفراد أو بضائع نتيجة الحصار الجزئي المفروض عليه منذ سنوات , أيضاً الضفة الغربية أصبحت عبارة عن عدة سجون صغيرة نتيجة الإستيطان والحواجز وجدار الفصل , وهذا بحد ذاته قيوداً جغرافية إضافة للقيود السياسية والإقتصادية والأمنية المترتبة عن إتفاق أوسلوا , فاليوم حركة المواطنين والعمال والتجار وأفراد الأمن أيضاً مقيدة بالإحتلال , وهذا يتطلب تنسيقاً مدنياً وعسكرياً وأمنياً , وهنا فالمقصود بالتنسيق الأمني , ليس تبادل معلومات أو عمل ميداني مشترك بين السلطة وإسرائيل , فهذا ليس له وجود على أرض الواقع بسبب بسيط وهو أن إسرائيل بالأصل لا تحتاج كل هذا , فهي تدخل المناطق "أ , ب , ج" متى تشاء وتعتقل من تشاء , وقد تعرضت السلطة نفسها لإطلاق نار نتيجة هذه الإشتياحات , ولكن التنسيق الأمني والذي تكون السلطة مضطرة إليه , هو بهدف تسهيل حركة المواطنين والتجار والعمال من مناطق فلسطينية الى مناطق فلسطينية أيضاً , ومن مناطق فلسطينية الى مناطق إسرائيلية والعكس صحيح , وأيضاً حركة المسافرين والتحويلات الطبية وما شابه ذلك , ومن هنا فالقيود الجغرافية في الضفة الغربية , تحتم على السلطة أن تقدم على خطوتين في غاية الأهمية , وهما..

أولاً : أن يقتصر التنسيق بين السلطة وإسرائيل على الشق المدني والإداري والخدماتي , بحيث يتسنى للمواطنين والتجار والعمال بمباشرة حياتهم اليومية , دون أن تتأثر مصالحهم , وأن يستثنى من ذلك الشق الأمني والذي يهدف وبحسب أوسلوا الى حماية إسرائيل مقابل حماية السلطة , وبما أن أوسلوا قد إنتهت , فهذا يعني إنتهاء هذا الشق من التنسيق والذي أكدت عليه السلطة الفلسطينية مؤخراً .

ثانياً : ما ذكرت أعلاه من بند تفعيل كل أشكال المقاومة سيكون له دور كبير في تقليص الإستطيان الغير شرعي , وأيضاً تقليص الحواجز ونقاط التفتيش , وهذا ما يجب أن تقوم به السلطة بالفعل , فالمقاومة بكل أشكالها كفيلة بأن تضع حداً لزحف الإحتلال , وخاصة إذا إتحدت مقاومة الضفة مع مقاومة غزة , وأصبت المصلحة مشتركة والهدف واحد .

قرار السلطة بالإنفكاك ليس سهلاً , ولكنه ليس مستحيلاً , فاليوم أصبح الإنفكاك أمراً حتمياً بعد أن أعلنت إسرائيل وبكل صراحة نسف عملية السلام , ولكن البدائل والتي يجب أن توفرها السلطة , وبالتزامن مع إنهاء الإنقسام ووحدة الجغرافيا , هي كفيلة أن تجعل قرار الإنفكاك يرى النور .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد