الصوراني: أميركا وإسرائيل هم من يقومون بتسييس المحكمة الجنائية الدولية

راجي الصوراني

قال مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، راجي الصوراني، إن "إدارة ترامب وحكومة نتنياهو تستغلان ظروف جائحة كورونا لارتكاب جرائم حرب ترقى لمستوى جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وفيما يلي نص البيان كما وصل وكالة "سوا":

تصريحات بومبيو في إسرائيل امعان في تحدي القانون الدولي ودعم مطلق للضم وتكريس غياب المحاسبة

بينما ينخرط العالم في جهود تضامنية لمواجهة فيروس كوفيد 19، تستغل الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل ظروف الجائحة باقتراف المزيد من الانتهاكات المنظمة للقانون الدولي في الأرض الفلسطينية المحتلة. والزيارة الخاطفة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي لإسرائيل فور تشكيل حكومة جديدة هدفت إلى تقديم الدعم لهذه الحكومة للمضي قدماً في خطتها لضم نحو 30٪ من أراضي الضفة الغربية، ولتجديد حملة التهديد وتقويض الشرعية للمحكمة الجنائية الدولية – الملاذ القانوني الأخير للفلسطينيين للتصدي لمشروع الضم والجرائم المنظمة للقانون الدولي التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وجاء في تصريحات الوزير بومبيو يوم الجمعة الماضي، 15 مايو 2020، أن "المحكمة الجنائية الدولية جسم سياسي وليست مؤسسة قضائية، وهذه الحقيقية تأكدت مع الأسف بإصرار المدعية العامة على ولاية المحكمة على إسرائيل، التي مثلها مثل الولايات المتحدة الامريكية ليست طرفاً في ميثاق روما المنشئ للمحكمة." وأضاف بومبيو "أن الولايات المتحدة تجدد معارضتها لأية تحقيقات غير شرعية تقوم بها المحكمة،" مهدداً بـ "ضبط العواقب."

تشكل هذه التصريحات الحلقة الاحدث في الهجوم المنظم للإدارة الامريكية ضد المحكمة الجنائية الدولية. ويتصاعد هذا الهجوم مع كل خطوة تقدم عليها المحكمة باتجاه التحقيق في جرائم حرب دولية تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، أو باتجاه التحقيق في جرائم دولية اقترفتها الوات الأمريكية. وعلى مدى أكثر من عامين، تجندت الإدارة الأمريكية بكل مستوياتها للهجوم على المحكمة وتقديم الدعم المطلق لحليفتها إسرائيل للإمعان في تحدي القانون الدولي. ففي 9 سبتمبر 2018، هاجم جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، المحكمة وقضاتها ووصفها بانها غير شرعية، وانتقد انضمام فلسطين إليها وتهديد إسرائيل ب فتح تحقيق جنائي في ما وصفه بـ "أعمالها لحماية مواطنيها من هجمات إرهابية في الضفة الغربية وقطاع غزة ،" مؤكداً أن الولايات المتحدة "ستقف دائماً مع صديقتها وحليفتها إسرائيل. وفي 17 مارس 2020، هدد بومبيو اثنين من أعضاء مكتب المدعية العامة وذكرهم بالاسم باعتبارهما يهددان أمن الأمريكيين، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة قد تتصرف ضدهما وضد آخرين من أعضاء المحكمة وعائلاتهم. وقال بومبيو: "نريد أن نعرف أولئك المسؤولين عن هذا التحقيق المتحيز وأفراد عائلاتهم الذين ربما يرغبون بالسفر إلى الولايات المتحدة أو الانخراط في نشاطات غير متسقة مع عملنا لضمان حماية الأمريكيين."

وفي العام الماضي ألغت الولايات المتحدة تأشيرة دخول حصلت عليها المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا. وفي مؤتمر صحفي بتاريخ 15 مارس 2019، أعلن بومبيو قيام بلاده بفرض قيود على تأشيرات الدخول للولايات المتحدة للأفراد المسؤولين عن أية تحقيقات للمحكمة الجنائية ضد أمريكيين. وأضاف أن تلك القيود ربما تستخدم لـ "ردع جهود المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة أشخاص حلفاء، بمن فيهم إسرائيليين.....ولن تكون هذه القيود نهاية جهودنا. نحن مستعدون لاتخاذ خطوات إضافية، بما فيها عقوبات اقتصادية، مالم تغير المحكمة نهجها."

وفي أول اجتماع للحكومة الإسرائيلية الجديدة بتاريخ 17 مايو 2020، التي تشكلت لمواجهة كوفيد 19 ولكنها وضعت ضم الأغوار على رأس أولوياتها، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحقيقات المحكمة الجنائية تهديداً استراتيجياً لإسرائيل. وقال نتنياهو أن محاكمة إسرائيل على جرائم مزعومة ضد الفلسطينيين هو "تهديد استراتيجي نادر لإسرائيل،" مشدداً على أن منع إجراء التحقيق سيكون في مقدمة أولويات الحكومة الجديدة.

وتعقيباً على ذلك، قال المحامي راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان:

"المحكمة الجنائية الدولية لم تأت بجديد، وكل ما تقوم به أجمعت عليه منظمات حقوق الإنسان الدولية والإسرائيلية والفلسطينية، والأجسام الأممية، بما فيها مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي، وكذلك لجان التحقيق الأممية...كل هؤلاء يقولون بما تقول به المحكمة. أمريكا وإسرائيل هم من يقومون بتسييس المحكمة. إدارة ترمب وحكومة نتنياهو تستغلان ظروف الجائحة وانشغال العالم في مواجهتها لارتكاب جرائم حرب ترقى لمستوى جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتتحدان في تقويض النظام الدولي والسلم العالمي. من العار أن تتعرض المحكمة الجنائية وطواقمها وعائلاتهم لهذا التهديد الفج من قبل الإدارة الامريكية دون أن يحرك العالم ساكناً. على الدول الأعضاء في ميثاق روما التحرك فوراً. إما أن ينتصر المجتمع الدولي للقانون الدولي وحماية المؤسسات القضائية الدولية، أو يترك الأمر لشريعة الغاب."

بالذكر أن المدعية العامة للمحكمة الجنائية قد أكدت مجدداً في 30 أبريل 2020 على ولايتها بإجراء تحقيق في الوضع في الضفة الغربية، بما في ها القدس ، وقطاع غزة، وذلك في مذكرتها للدائرة التمهيدية للمحكمة. وفي 5 مارس 2020، وافقت المحكمة على التحقيق في جرائم حرب في أفغانستان ارتكبتها القوات الأمريكية.

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بقلق عميق استمرار هذا الهجوم المنظم من قبل الإدارة الأميركية وحليفتها إسرائيل على المحكمة الجنائية الدولية، الملاذ الأخير لضحايا جرائم الحرب الدولية، بمن فيهم المدنيون الفلسطينيون في الأرض الفلسطينية المحتلة الذين يتعرضون لجرائم حرب منظمة ترقى إلى جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي.

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وإذ يرى المركز في هذا الهجوم المتواصل للإدارة الأمريكية على المحكمة الجنائية الدولية انقضاضاً على القانون الدولي وتهديداً للسلم العالمي وتكريساً لتفشي ثقافة الحصانة والإفلات من العقاب، فإنه يطالب المجتمع الدولي باتخاذ خطوات فعالة والانتصار للقيم النبيلة من وراء انشائها، في مواجهة هذا التهديد المستمر للمحكمة وقضاتها وطواقمها. ويطالب المركز الدول المتعاقدة على ميثاق روما، المؤسس للمحكمة الجنائية، بالتنديد بهذا الهجوم وتأكيد دعمهم لعمل المحكمة في كل الظروف واتخاذ خطوات فعالة لحماية المحكمة وطواقمها.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد