معنى وفضل دعاء ليلة القدر "اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا"
يعيش المسلمون في أنحاء العالم أجواء العشر الأواخر من رمضان والتي منها ليلة القدر والتي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في الليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان، فضل ليلة القدر وعلاماتها جليلة لهذا فإن دعاء ليلة القدر من الأدعية العظيمة التي لابد للمسلم أن يفهم معانيه جيدًا قبل الدعاء به لنيل الأجر والثواب ولا سيما أن وقت ليلة القدر 2020 يأتي هذا العام والمساجد مغلقة .
ومن فضل ليلة القدر أن خصص الرسول عليه السلام دعاء لعظم معنى ليلة القدر، وروي في الحديث َنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: « يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَبِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: " قُولِي: اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي».
وحول الحكمة في تخصيص هذه الليلة بسؤال العفو، أوضح العلماء إلى أن سؤال الله عز وجل العفو في كل وقت وحين أمر مرغوب وردت به نصوص كثيرة، حتى إِنَّ العباس بن عبد المطلب سأل رسول الله أكثر مِنْ مَرَّةٍ أَنْ يرشده الى شيء يدعو الله به فأجابه الرسول في كل مَرَّةٍ بقوله: « سَلِ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ » ، فما الحكمة إِذًا مِنْ تخصيص هذه الليلة بسؤال العفو؟، وفق موقع صيد الفوائد.
وأبان الحافظ ابن رجب عن هذه الحكمة في قوله: وإنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر -بعد الإجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر -لأن العارفين يجتهدون في الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملا صالحا ولا حالا ولا مقالا ، فيرجعون إلى سؤال العفو.
كما أن الدعاء بهذا اللفظ يتضمن أدبا من آداب الدعاء المهمة ، وهو الثناء على الله تعالى بما هو أهله وبما يناسب مطلوب الداعي .وقد أرشدنا الله تعالى إلى هذا الأسلوب والأدب في نصوص كثيرة أشهرها سورة الفاتحة ، فالسورة نصفان ، الأول تمجيد وثناء من العبد على ربه ، والثاني سؤال من العبد لربه ،وقد ورد ذلك مفصلا في الحديث القدس ي وفيه : (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فنصفها لي ونصفها لعبدي)
ولما سَمِعَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - رجلاً يَدْعُو في صلاته لم يُمجِّدِ الله ولم يُصَل على النبيَّ ، فقال صلَّى الله عليه وسلم: "عَجِلَ هذا" ثم دعاه، فقال له أو لغيره: "إذا صَلَّى أحَدُكُم فليَبْدأ بتَمْجيدِ رَبَّه والثَّناءِ عليه، ثم يُصَلَّي على النبيِّ ، ثم يدعو بعدُ بما شاءَ.
ويظهر الدعاء حاجة العبد وفقره إلى عفو الله، فعائشة رضي الله عنها - وهي من هي - تحرص على سؤال النبي عن ماذا تقول في ليلة القدر فيجيبها النبي الكريم بسؤال الله العفو ، فإذا كان هذا شأن الصديقة بنت الصديق فكيف بمن دونها. أليس في ذلك دلالة قاطعة على أَنَّ العبد فقير إلى الله من كل وجه وبكل اعتبار؟ من هذه الوجوه أَنَّه " فقير إليه من جهة معافاته له من أنواع البلاء فإنه إن لم يعافيه منها هلك ببعضها ، وفقير إليه من جهة عفوه عنه ومغفرته له فإن لم يعف عن العبد ويغفر له فلا سبيل إلى النجاة فما نجى أحد إلا بعفو الله ولا دخل الجنة إلا برحمة الله".
وأشار العلماء إلى أن حظ العبد من اسم الله «الْعَفُوُّ» لا يخفى، وهو أن يعفو عن كلّ من ظلمه بل يحسن إليه كما يرى الله تعالى محسنا في الدّنيا إلى العصاة والكفرة غير معاجل لهم بالعقوبة. بل ربّما يعفو عنهم بأن يتوب عليهم، وإذا تاب عليهم محا سيّئاتهم، إذ التّائب من الذّنب كمن لا ذنب له. وهذا غاية المحو للجناية. وقد وعد الله العافين بالأجر العظيم والثواب الكبير فقال سبحانه : {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} ويلاحظ في الآية أمران ، الأول: أَنَّ الله قرن الإصلاح بالعفو، وذلك ليدل على أَنَّه إذا كان الجاني لا يليق العفو عنه، وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته، فإنه في هذه الحال لا يكون مأمورا به .
الأمر الثاني : أَنَّ الله جعل أجر العافي عليه سبحانه ، وفي ذلك حض و تهييج للعبد على العفو، وأن يعامل الخلق بما يحب أن يعامله الله به، فكما يحب أن يعفو الله عنه، فَلْيَعْفُ عنهم، وكما يحب أن يسامحه الله، فليسامحهم، فإنَّ الجزاء من جنس العمل.