أليس غريباً أن تُعين أميركا، وهي الدولة التي تزعم أنها حامية الديمقراطيات في العالم، كاهناً متعصباً، وأن تُلبسه زيَّ الدبلوماسيين، ليتولى منصب سفير أميركا في إسرائيل؟!
إن هذا التعيين ينفي صفة أميركا المزعومة كدولة ديمقراطية، تحمي الحريات، وتطبق حقوق الإنسان، وترعى مبادئ العدل والمساواة، أصبحت أميركا بهذا التعيين دولة ثيوقراطية، دينية، وأكبر دليلٍ على ذلك أنها عَيَّنت هذا الحاخام سفيراً دبلوماسياً في إسرائيل وهي آخر دولة احتلال في العالم، هذا السفير الدبلوماسي خلع في اليوم الأول لتعيينه زيَّه الدبلوماسي، ولبس "الكيبا" الحريدية، واعتنق مبادئ المستوطنين، وارتدى زي الكوهانيم، ليُصبح مبشراً بالدين اليهودي، وبالعقيدة الإنجليكانية معاً، صار مُحرضاً على اغتصاب الأرض، وتشريد السكان الفلسطينيين الأصليين، وبذر بذور الكُره بين الأديان السماوية الثلاثة!


إنه الحاخام، المحامي، المستوطن، ديفيد هاميلخ فردمان، الكاتب والمُموِّل لصحيفة المستوطنين، أروتس شيفع، كتب مقالات تحريضية، حتى ضد الكتاب الإسرائيليين الناقدين لسياسة الاحتلال، فقد انتقد الكاتب، جدعون ليفي في صحيفة هآرتس، لأنه رفض تحريض هذا الدبلوماسي الحاخامي، هذا الحاخام السفير من أكبر الداعمين لمستوطنة، بيت إيل، يتبرع سنوياً بمبلغ مليوني دولار لتوسيع المستوطنة.


هو نفسه نشر على صفحته صورة يعتمدها الحارديم المتزمتون على أنها هي مستقبل القدس ، صورة الهيكل الثالث، بعد تدمير المسجد الأقصى، ثم أزالها من الموقع يوم 22-5-2018.


هذا الحاخام الدبلوماسي يلعب دورين في الوقت نفسه، فهو حاخام يهودي، من فئة الكوهانيم، يشارك في صلواتهم السنوية كحاخام حريدي متزمت، وهو في الوقت نفسه مبشرٌ مسيحاني أنجيلكاني، أثبتَ جدارته في الحملة الانتخابية لدونالد ترامب، عام 2016 عندما استقطب جماهير المسيحانيين الإنجيليين إلى صندوق الجمهوريين الانتخابي، يؤمن بأن دعم دولة إسرائيل فريضة دينية رئيسة للإنجيليين ومقدمة لعودة المسيحُ ليحكم العالم ألف عامٍ من جديد، بعد فناء أكثر من ثلثي سكان العالم، في معركة هرمجدون!


شارك يوم 12-4-2020 في صلوات البركة الكهنوتية عند (جبل الهيكل) بمناسبة عيد البيسح، غير عابئ بتعليمات جائحة ال كورونا ، خلع زيَّ الدبلوماسي يوم 30-6-2019 وارتدى زي الكهنة، شارك في افتتاح نفق الحجاج في سلوان الفلسطينية، قال يومها: "إن التاريخ والتراث يوحِّد بيننا، هذا موقع إسرائيلي أميركي مشترك، إن آباءنا قرؤوا التوراة، التي جاءت من هذا المكان".


قال أيضا لوسيلة إعلام المسيحانيين الإنجيليين، CNB يوم 30-1-2020:


"إن الله  هو الذي اختار، دونالد ترامب، لنقل السفارة الأميركية إلى القدس، ما يحدث اليوم هو إرادة الله، إن ضم المستوطنات ضرورة أمنية لإسرائيل، إن حدود إسرائيل هي من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، يجب أن تبقى تحت سيطرتنا، لا تراجُع عن الدولة اليهودية التوراتية"،أما أحدث تصريحات التحريض في مقابلة معه في منزله الخاص في هرتسيليا، مع صحيفة، إسرائيل هايوم 8-5-2020 قال:"إن التخلي عن الخليل، ومستوطنة بيت إيل يُشبه تخلي أميركا عن تمثال الحرية الأميركي، إن تطبيق ضم الضفة الغربية، يمكن أن يُنفذ في أسابيع"!


للأسف فإن هذا الحاخام (الدبلوماسي) لا يعرف مدلول التشبيه، بين الخليل، وتمثال الحرية، ولم يقرأ تاريخ أميركا ليعرف أن تمثال الحرية المنصوب في خليج نيويورك، ليس أميركياً، بل أهداه الفنان الفرنسي، فردريك بارتولدي إلى أميركا عام 1886، وأن الشعلة التي في يد المرأة   والتاج على رأسها، يرمزان لحرية كل دول العالم، وليس لاغتصاب الأرض!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد