لا شك أن المسلسل الكويتي " أم هارون" وهو من إنتاج قناة إم بي سي , أثار غضبنا كفلسطينيين شعبياً ورسمياً, وحتى قبل أن نعرف نهايته بعد عرض الثلاثون حلقة , كونه يضيف مأساة جديدة فوق مأساة التطبيع العربي الرسمي , وهي نشر ثقافة أن اليهود كشعب وجاليات مختلفين تماماً عن الحركة الصهيونية في العالم , والتي هدفها طمس معالم فلسطين التاريخية لتحل مكانها الدولة اليهودية المزعومة , وكون المسلسل أيضاً يقدم الجاليات اليهودية في الدول العربية كمنبوذين بسبب ديانتهم , وبالطبع سيقع كاتب السيناريو وكالعادة في مغالطات تاريخية ودينية وإجتماعية , كونه يكتب عمل درامي لكسب المال والشهرة أولاً , ولتوصيل رسالة للعالم ثانياً , وبالطبع الرسالة تخضع لرغبة الجهة المنتجة وأجندتها , ولكن بعيداً عن الغضب الفلسطيني وبعيداً عن مغالطات الكاتب وبعيداً عن الأجندة , فلو إفترضنا أن جميع العرب شعباً وحكاماً مؤمنين بالقضية الفلسطينية إيماناً كاملاً , وأن كل الأعمال الدرامية والسينمائية تخدم الرواية الفلسطينية , وتنبذ اليهود كحركة وكديانة وكشعب , فهل هذا يعني أن تتحرك الجيوش العربية لتحرير فلسطين؟ فهذا هو بيت القصيد .

إن هناك كثير من الأفلام والمسلسلات والأغاني العربية وخاصة ما أنتجته عاصمة الفن العربي "مصر" دعمت الرواية الفلسطينية , ونبذت إسرائيل , وهناك كثير من الشعوب العربية وقفت بجانب القضية الفلسطينية سواء مادياً أو معنوياً , بالإضافة الى الموقف العربي الرسمي , والذي يدعم بالمال أحياناً , ويشجب ويستنكر عمل إسرائيل أحياناً أخرى , وخاصة عبر جامعة الدول العربية , ولكن وللأسف هذا لم يغير في الواقع شيئ , وبقيت القضية الفلسطينية كما هي , وهذا يؤكد لنا كفلسطينيين شيئاً مهماً للغاية , وهو أن نصرة القضية الفلسطينية إن لم تأتي منا كفلسطينيين , فلم ولن تأتي أبداً , لأنه وبكل بساطة زمن الخلافة الإسلامية والذي لا يعرف الحدود إنتهى , وحتى زمن القومية العربية والذي حل مكان الخلافة إنتهى أيضاً , فنحن الآن في زمن العولمة والإنفتاح والمصالح الإقتصادية والأجندة والخلفيات وما شابه , فكل الدعم العربي لنا مادياً ومعنوياً اليوم لا يخرج عن سياق المجاملات , وهذا مهم جداً أن نفهمه كفلسطينيين , كي لا نستمر بالرهان على الحصان الخسران .

مسلسل أم هارون أثار غضب الفلسطينيين أكثر من الإنقسام , رغم أن الإنقسام يخدم إسرائيل أكثر من مسلسل أم هارون , ورغم أن الفصائل الفلسطينية تقول أننا لن نحارب اليهود بصفتهم يهود , إنما نحارب من قاموا بإحتلال فلسطين والصهيونية العالمية (...) إذا فهناك كثير من القضايا والتي تخص فلسطين بحاجة الى كثير من الإيضاح والتفسير والحسم , وخاصة في مفهوم التطبيع والتي يتصدر المجتمع العربي هذه الأيام , بواسطة الفن ووسائل مختلفة .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد