سُرِرتُ كثيراً بتصريحاتِ مُخْرِج مسلسل "النهاية" المصري ياسر سامي، التي ردَّ فيها على بيان وزارة الخارجية الإسرائيلية، ضد العمل الدرامي الذي أشرف عليه، حينما قال :" المسلسل يحكي عن حلم عربي نؤمن به، ونحلم به أيضاً".


وأضاف سامي لموقع "مصراوي" "فلسطين أرض عربية إسلامية محتلة، وأنا وفريق العمل عبّرنا عن هذا بالصورة، ولكن يبدو أن الصورة التي صنعتها كانت صادقة، فأزعجتهم".
وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية، قد هاجمت المسلسل بعد عرض حلقته الأولى، ووصفت أحداثه بأنها "مؤسفة، وغير مقبولة على الإطلاق".


ويعرض مسلسل "النهاية"، مستقبلاً مغايراً للمنطقة العربية في عام 2120، حيث يتم تحرير فلسطين، ويعود اليهود الأوروبيون إلى البلاد التي هاجر منها أجدادهم. كما يعرض خريطة "هولوغرامية" لأميركا الشمالية، تُظهر تفكك الولايات المتحدة الأميركية، وتحولها لعصابات متناحرة.


ولم يقف الغضب الإسرائيلي على الصعيد الرسمي، الذي عبّرت عنه وزارة الخارجية، فقد رافقه غضبٌ صحفي أيضاً، حيث هوجم المسلسل من خلال تقارير ومقالات في عدد من الصحف الإسرائيلية، أبرزها "هآرتس"، "ذا تايمز أوف إسرائيل"، و"جيروزاليم بوست".


وتُعزز مثل هذه الأعمال الدرامية، القوة الناعمة للسياسة الخارجية المصرية، وهي بدون شك تعبيرٌ حي عن اتجاهات الشعب المصري الشقيق، وميوله، وسلوكه.


وتقرعُ هكذا أعمال درامية ناقوس الخطر في كيان الاحتلال، خاصةً وأنها تصدر عن بلد عربي مؤثر وله مكانته على المستوى الإقليمي، فضلاً عن عدد سكانه الكبير، إضافةً لكونه بلد تربطه بالكيان اتفاقية سلام قائمة من 41 عاماً.


وتعرض الدراما المصرية أيضاً هذا العام، مسلسل "الاختيار"، الذي يحكي قصة ضابط بالجيش يُدعى "منسي" يُسخر كل أوقاته في تعبئة وتدريب جنود "الصاعقة" ممن هم تحت أمرته، ويقودهم في معارك ضد جماعات الإرهاب في شبه جزيرة سيناء، تتوج في النهاية بارتقائه شهيداً، في المقابل يتحدث المسلسل، عن شخصية ضابط آخر يُدعى "عشماوي" انخرط في صفوف هذه الجماعات، ودربها، وقاتل في صفوفها في أكثر من بلد بينها سوريا، وصولاً لاعتقاله في عملية استخبارية معقدة بليبيا، وهاتين القصتين واقعيتين.


ولعل ما جذبني في هذا المسلسل أن الضابط "منسي" - الذي يُمثل شخصيته النجم الصاعد أمير كرارة، ويُخرجه بيتر ميمي- يُجري حواراً مع طفله، يُعلمه فيه معالم وتضاريس سيناء، ويشير في حديثه إلى مطامع الأعداء في هذه المنطقة،  باعتبارها خاصرة مصر الشمالية الشرقية، وفي ذلك إشارة واضحة للعدو الإسرائيلي، ودعمه للكثير من الجماعات الإرهابية هنالك، ناهيك عن دول أخرى، لها مصلحة في إحلال الدمار والخراب في مصر.


وكان ذات المُخرج "ميمي"، ونفس البطل "كرارة"، قد أخرجا عملاً درامياً اسمه "كلبش 3" في رمضان الماضي، تحدّث عن مواجهة الأمن المصري، لأساليب جهاز "الموساد" في العبث بأمن واستقرار البلاد، من خلال جماعات إرهابية، يتحكم بها شخص يُدعى "أكرم صفوان" - الذي جسده بالمسلسل الممثل هشام سليم-.


ولم يُذكر اسم جهاز "الموساد" في حيثيات المسلسل بشكل صريح، لكن هناك إشارات واضحة وقوية دلّت عليه، من خلال أسلوب حقن ابن البطل سليم الأنصاري - الذي يجسده بالمسلسل النجم أمير كرارة- بإبرة يوجد مصل مضاد لها مع "صفوان"، بحيث يكون مفعول تلك الإبرة مؤقتاً، كي يوافق الضابط سليم على العمل لحسابه مقابل تزويده بالمصل المضاد وفق مزاجه، وحسب استجابته لمخططاته الشيطانية، وهو الأمر الذي تم بالتوافق بين الضابط سليم والأمن المصري، على قاعدة عدم خسارة حياة الطفل وضمان بقاء هذا الضابط قرب "صفوان" لكشف كامل خيوط لعبته، إضافةً لدخول مصر شخصيات منها إمرأة تُدعى "سارة هارون" للتواصل وإعطاء التعليمات ل "صفوان"، والاسم وحده كافٍ للدلالة على شخصية صهيونية.


إذاً، نحن أمام دراما مصرية تُناصب "إسرائيل" العداء، وتربط وجود واستفحال خطر الجماعات الإرهابية بها، وهذا الأمر يستندُ لدلائل ووقائع وإشارات واضحة في الواقع.
ونحن كفلسطينيين وأمام هذا الجهد الدرامي اللافت، نرفعُ القبعة تقديراً واعتزازاً لكل منتج، مخرج، مؤلف، وفنان مصري، كرّس بفنه وبعمله - سواءً بالاشارة أو بالتلميح أو بوضوح شديد - أن "إسرائيل" هي الخطر والآفة، التي تعيثُ خراباً وإفساداً في أصقاع أمتنا وشعوبنا العربية والإسلامية.


وعزاؤنا بكل فن يُحاول تصوير "إسرائيل" للجمهور العربي، بأنها واقعٌ علينا القبول بوجوده.. إن ذلك ببساطة تكريسٌ لثقافة الهزيمة والاستسلام، التي يريدون منها تعزيزها جماهيرياً كي لا ننهض، وتقومَ لنا قائمة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد