يحاول نتنياهو، وبعد فوزه في الانتخابات، ذر الرماد في العيون، وإيهام الرأي العام العالمي، بأن هنالك إمكانيات، إعادة المفاوضات، وقبوله بحل الدولتين ولكن بشروط، منها اعتراف م.ت.ف بيهودية الدولة الإسرائيلية، وإنهاء التفاهمات الفلسطينية ـ الفلسطينية، وابتعاد فتح والسلطة عن حركة حماس !! حقيقة الأمر، هو ما أعلنه نتنياهو، ابان حملته الانتخابية، وهو عدم إقراره، بحل الدولتين.
نتنياهو يتجه لتشكيل حكومة من غلاة اليمين، وهم قادرون على منعه من تقديم أي «تنازلات» للفلسطينيين!... وفي هذه الحالة، وهي عدم قدرة نتنياهو، على الإقرار بحل الدولتين، وما تقره الشرعية الدولية، ستصبح إسرائيل في حالة عزلة أكثر فأكثر، وبذلك ستصطدم بالحائط. يبدو أن نتنياهو، وبعد فوزه في الانتخابات بدأ يتحسس، مخاطر ذلك، لكنه بالوقت ذاته، بات غير قادر على التحالف مع قوى من الوسط واليسار.
الوضع الدولي، بما فيه الولايات المتحدة، أعلنت بوضوح، وبما فيه الكفاية، بأن الابتعاد عن حل الدولتين، أو التنكر لهذا الحل، هو أمر غير مقبول، وسيترتب عليه إجراءات، لا تخدم الأمن والسلام في المنطقة، ما سيهدد باحتمالات لا تحمد عقباها.
حاول نتنياهو، خلال الفترة الماضية، ذر الرماد في العيون، وتمكن من تحقيق ما أراد.
أوهم نتنياهو الولايات المتحدة، وأوروبا، بإمكانية إجراء مفاوضات مثمرة، لكن ما حدث، كان كافياً، للكشف عن مراوغته، وما ذره في العيون.
توقفت المفاوضات لأسباب واضحة، على رأسها استمرار الاستيطان، والتنكر لأبسط قواعد القانون الدولي ـ الإنساني.. أضحت ألاعيب نتنياهو، مكشوفة للجميع، ولعل السياسة الفلسطينية، المتوازنة والهادئة، أسهمت في كشف مراوغاته، وعلى ما يبدو، في استمراره فيما لجأ إليه في المرحلة السابقة، لم يعد قابلاً للاستمرار.
داخلياً، سيحاول نتنياهو، العمل في المرحلة القادمة القريبة، على محورين أساسيين وهما: التقسيم الزماني والمكاني في القدس ، وفي المسجد الأقصى، تحديداً، وذلك إرضاءً للشارع الإسرائيلي اليميني، الذي قام بانتخابه، وكذلك إرضاءً للمتدينين.
أما المحور الآخر، فسيحاول نتنياهو، البدء جدياً فيما يسمى السلام الاقتصادي، عبر رزمات من «التسهيلات» الإسرائيلية للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، على حد سواء، من شأن ذلك ازدياد حدة النقد ضد سياسات نتيناهو، في إسرائيل أولاً، وازدياد حدة التصادم، مع الفلسطينيين ومحيطهم العربي، وتزايد عزلة إسرائيل دولياً، ما سيجعل حكومة نتنياهو القادمة، تصل إلى الجدار، وخلق أجواء من شأنها إجراء انتخابات إسرائيلية مبكرة، قد تفضي إلى محاولة حكومة اليمين، الخروج من مأزقها القادم، إلى إجراء دراماتيكي، كالقيام بحرب جديدة، ضد غزة، أو غيرها، عبر محاولة كسر حالة العزلة، والحصار الداخلي عليها... الاحتمالات هنا مفتوحة ومتنوعة، في ظل حقيقة، باتت قائمة وهي ازدياد حالة العزلة على إسرائيل، في ظل حكومة نتنياهو، وغلاة اليمين والمستوطنين.
إسرائيل مقبلة، ولا محالة، خلال الفترة القادمة، على صراعات داخلية متشابكة ومعقدة، وعلى حالة غير مسبوقة، خلال حياتها، من العزلة الشديدة، التي سيكون لها كبير الأثر، على الخارطة السياسية الداخلية الإسرائيلية، من جهة، وعلى خيارات إسرائيل المستقبلية، من جهة أخرى.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية