لم يعتد القلم أن يكتب مادحًا دور وزارة من الوزارات الحكومية، فقد اعتدنا أن ننتقد ونوجه اللوم ونطمح للمزيد، وهذا حق على أي حكومة في هذه المعمورة تجاه مواطنيها، ولكن ما دفعني لكتابة هذه الكلمات بحق بعض الوزارات الحكومية أنني تابعت شخصيًا من قرب إجراءاتهم وخططهم وأدائهم في مواجهة فيروس كورونا الخطير الذي وصل قطاع غزة ، وأصاب عشرة من أبناء شعبنا، ومن حسن حظ مجتمعنا أن الإجراءات الحكومية تجاه العائدين من الخارج كانت بالمستوى المطلوب، فمراكز الحجر الصحي التي استوعبت المئات من أبناء شعبنا ساهمت بشكل كبير في محاصرة الوباء، نتمنى أن تستمر بل تزداد هذه الاجراءات في سبيل حماية مجتمعنا الفلسطيني لا سيما في قطاع غزة الذي يعاني منذ سنوات طويلة حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا من قبل دولة الاحتلال، ما أنهك كل القطاعات الحيوية من صحة وتعليم وواقع معيشي، جعل من الأمم المتحدة البوح قبل ثماني سنوات أن قطاع غزة منطقة لا تصلح للعيش عام 2020م.

فما هو دور الوزارات الحكومية في مواجهة وباء كورونا...؟

خلال متابعتي لعمل وزارات الصحة والتنمية الاجتماعية والداخلية، ومنشوراتهم المكتوبة والمرئية بات واضحًا أن تلك الوزارات يقع على كاهلهم الشيء الكثير، فوزارة الصحة تقوم بمتابعة على مدار الساعة للوضع الصحي للمستضافين في مراكز الحجر الصحي، ووزارة الداخلية تقوم باستقبال المستضافين من معبر رفح إلى مراكز الحجر وتأمين إقامتهم، في حين تقوم وزارة التنمية الاجتماعية بدور قد يكون غير مرئي للرأي العام ولكنه لا يقل أهمية عن دور وزارتي الصحة والداخلية، ويتمثل في تجهيز مراكز الحجر الصحي من كل احتياجاتها، وأيضًا المسؤولية الإغاثية لمن هم في مراكز الحجر الصحي، فقد وفّرت وزارة التنمية الاجتماعية كل المستلزمات لثلاثة وثلاثين مركزًا للحجر الصحي في المرحلة الأولى، وتجهيز ألف غرفة للمستضافين ضمن المرحلة الثانية، وإعادة تأهيل كل مراكز المرحلة الأولى لتكون على أهبة الاستعداد لاستقبال أبناء شعبنا العائدين لقطاع غزة.

وهذه التجهيزات تشمل توفير أسرّة للنوم وفراش وحرامات ووسائد، كما تضم التجهيزات توفير أجهزة كهربائية من دفايات ومراوح وثلاجات وغسالات وغيرها من الأجهزة الكهربائية اللازمة لبعض المراكز، وحسب إحصاءات وزارة التنمية الاجتماعية في قطاع غزة التي نشرتها على صفحتها على موقع فيس بوك، فقد قدمت الوزارة في الفترة ما بين 17/3/2020م وحتى 17/4/2020م، ما يقارب 150 ألف وجبة طعام للمستضافين في مراكز الحجر الصحي وعددهم (2067) ما بين عائدين من المعابر والعاملين في خدمتهم من الوزارات المختصة في المرحلة الأولى، وأقل قليلًا في المرحلة الثانية. كما كفلت الوزارة إيصال احتياجاتهم من مواد تنظيف شخصية وطرود نسائية، وأطعمة خاصة بالأطفال، وبعض الفواكه والحلويات وألعاب الأطفال، لتؤكد دورًا لافتًا في تقديم الخدمة على عكس ما تحدثت به الزميلة الصحفية من الأردن نادية الزغبي بحق مراكز الحجر الصحي في غزة، والتي سرعان ما قدمت اعتذارًا بعد تأكدها من عدم صحة ادعائها.

لم تتوقف جهود وزارة التنمية الاجتماعية عند من هم داخل الحجر الصحي، حيث عملت طواقم الوزارة على تقديم طرود غذائية لذوي المستضافين في مراكز الحجر من الفقراء لتلمس احتياجاتهم وعددهم في المرحلة الأولى أكثر من ألف أسرة.

من حقنا أن نفتخر بأداء مؤسساتنا الوطنية لا سيما عندما تؤدي واجباها في هذه الظروف الصعبة، ودعوتنا لكادر هذه الوزارات بمزيد من العطاء تجاه باقي شرائح شعبنا، فربما تجربة وباء كورونا التي ندعو الله بأن تزول دون ضرر يمس الإنسانية جمعاء، إلا أن هذا الوباء كشف معدن شعبنا ومؤسساته، التي علمت أن جهود الوزارات الحكومية ما كان لها أن تنجح هذا النجاح لولا حالة التكاتف والتعاضد والدعم والمساندة من مؤسسات القطاع الخاص والجمعيات ورجال الأعمال والشركات والغرف التجارية، بالإضافة إلى المنحة الحكومية التي قدمتها الحكومة في غزة والتي كان لها أثر كبير في تجسيد هذا النجاح، والمنح الخارجية التي وصلت من قطر ومن غيرها من البلدان والتي تساهم في تعزيز مكانة مؤسساتنا الوطنية لمواجهة هذا الوباء العالمي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد