انتهت الانتخابات الإسرائيلية... وعاد نتنياهو إلى الحكم بفضل أصوات المستوطنين والجنود الذين هبّوا في اللحظة الأخيرة لمساندته، في ظل خطاب عنصري في الدولة التي يعتبر قادتها أنها الأكثر ديمقراطية في المنطقة، دون أن يقفوا ولو للحظة أمام مرآة الحقيقة ليشاهدوا وجوههم البشعة وديمقراطيتهم الملوثة كلياً بداء العنصرية.
الجيش الإسرائيلي وقيادته، كما المجتمع الإسرائيلي، يتجه بقوة نحو الأيديولوجية العنصرية، ولا يبدو الأمر مجرد تغيير ظاهري أو مؤقت بقدر ما هو تعبير عن فكر وعقيدة صهيونية موغلة في الشوفينية.
ويلاحظ المراقب لقيادة الجيش الإسرائيلي خلال السنوات الماضية مدى تغلغل المستوطنين في هذا الجيش ووصولهم إلى المراتب العليا فيه. إضافة إلى قيادات أخرى من الأحزاب اليمينية التي تحمل فكرة الاستيطان كعقيدة أساسية.
التغلغل اليميني الاستيطاني ليس في قيادات الجيش ولكن في السلطات الإسرائيلية كلها، حتى السلطة القضائية... لننظر إلى عدد القضاة الذين يصنفون في إسرائيل إما مستوطنين أو من غلاة اليمين المتطرف، بل حتى في السلطة التشريعية، فقد جاءت الانتخابات الأخيرة بـ 12 مستوطناً كأعضاء في هذا البرلمان الذي أصبح أيضاً مسرحاً لتشريعات عنصرية، لم تسن حتى في حكم «قراقوش» الأسطوري.
وعلى الرغم من ذلك فقد لا تكون هذه الانتخابات الإسرائيلية الأسوأ للشعب الفلسطيني على المدى الطويل بالمفهوم السياسي الإستراتيجي.
تصوروا مثلاً مدى الضغط الذي ستتعرض له القيادة الفلسطينية لو فاز التحالف الصهيوني بزعامة هيرتسوغ في هذه الانتخابات، على افتراض أن هذا التحالف يمثل معسكر السلام.. ولكنه في الحقيقة المعسكر الأضعف الذي لن يتمكن من تقديم شيء حقيقي لمسيرة السلام... على أساس أن اللاءات الإسرائيلية واحدة، والمختلف هو أن نتنياهو وأحزاب اليمين العنصري أصبحوا مكشوفي الأوراق لكل العالم.
لو فاز الائتلاف الصهيوني، لأدى ذلك إلى مزيد من الضغوط التي تمارسها واشنطن أولاً والاتحاد الأوروبي ثانياً، وربما بعض العرب ثالثاً على القيادة الفلسطينية.
إذن، نحن أمام واقع جديد، وأمام مزيد من الاصطدام السياسي مع حكومة اليمين... ولكن طريقنا السياسي أصبح أكثر وضوحاً في ظل الاجتماع الأخير للمجلس المركزي، بمعنى تطبيق القرارات ولو على فترات زمنية متعاقبة حسب المصلحة الفلسطينية، وحسب تطورات الأوضاع السياسية... .
المعركة السياسية مع حكومة نتنياهو ستكون على أشدها، وخاصة في الأشهر القادمة، التي ربما ستصل فيها الأوضاع إلى محاولة كسر العظم... .
حكومة نتنياهو اليمينية العنصرية تريد سلطة بلا سلطة... والقيادة الفلسطينية أعلنتها صراحة لا سلطة بلا سلطة... ولتتحمل إسرائيل مسؤولية احتلالها... .
الطريق السياسية التي بدأناها قبل أشهر أصبحت الخيار الوحيد المتاح أمامنا اليوم... ولكن بمساعدة أكبر من العالم... الذي حاول أن يقنع نفسه بأن هناك تغييراً في إسرائيل... ولكنه التغيير نحو مزيد من التطرف والعنصرية....
عنصرية نتنياهو وحكومته الواضحة أفضل من كلام معسول لا يرقى إلى نتائج، وربما يزيد الأمر تعقيداً للفلسطينيين... ولنستعد للمواجهة السياسية الحامية.
abnajjarquds@gmail.com
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية