في الصين تمت السيطرة تقريباً على وباء كورونا بعدما كانت هي بؤرة هذا الوباء , ورغم أنها كانت الأكثر عرضة للإصابة والموت من بين دول العالم نسبة لعدد سكانها والذي يقارب مليار ونصف المليار شخص , ونظراً لحياة الرفاهية والتي يعيشها مواطني الصين , ونظراً لمدى الحريات العامة الممنوحة لهم , مما يجعلهم إفتراضياً الأكثر تمرداً على قرارات الحكومة , إلا أن اللإنضباط والنظام والمسؤولية والسلوك الإنساني أولاً , والتقدم العلمي ثانياً , جعل من هذا البلد سداً منيعاً أمام وباء كورونا , وألحق به الهزيمة , فلولا ذلك لحصدت كورونا أرواح الملايين من الصينيين منذ نهاية عام 2019 الى الآن , وذلك على قاعدة النسبة والتناسب , فمن هنا بدأت هزيمة كورونا في الصين .

اليوم مررت بإحدى البنوك في غزة , فوجدت نفسي وسط زحمة من المواطنين , ويفوق عددهم عن مئة شخص , متلاصقين ببعضهم البعض , وزد على ذلك أنهم كانوا يتشاجرون بهدف الوصول الى داخل البنك , ورغم أن رجال الأمن كانوا يتعاملون معهم حسب الإرشادات الوقائية سواء خارج البنك أو داخله , إلا أن المواطنين كانوا يرفضون إتباع الإرشادات الوقائية..! فهذه ظاهرة تعبر عن عدم الإنضباط والسلوك من قبل المواطنين في حياتهم اليومية , وهناك ظواهر أيضاً منتشرة في الشوارع مثل التجمعات وإقامة الأفراح والمياتم...إلخ , وذلك كالعادة رفضاً لتعليمات الحكومتين!! .

هناك حالة تمرد في الشارع الفلسطيني على تعليمات الوقاية من كورونا , وهي حالة تمرد إضافية على حالات الفوضى والإستهتار المسيطرة على حياة المواطنين مسبقاً , وهذا الإستهتار الشعبي يعتبر أخطر من إستهتار الحكومتين!! والمؤسسات الرسمية في حال وجوده , لأن إستهتار الحكومتين!! مثلاً لا يمنع أن كل مواطن يعمل لنفسه نظاماً وقائياً خاصاً به أو بعائلته أو بمن حوله , ولكن إستهتار المواطنين يمنع الحكومتين!! والمؤسسات الرسمية للقيام بوظيفتها على أكمل وجه , وفي هذا الحال قد تضطران الحكومتين!! أن تستخدمان القوة أو منع التجوال الشامل أو غير ذلك من الإجراءات , والتي كان المواطنين في غنى عنها من الأصل , وذلك بمجرد أنهم إلتزموا بالتعليمات والقوانين .

ربما تعجز الحكومتين!! عن السيطرة الكافية بسبب قلة الإمكانيات مثلاً , أو تعجز عن السيطرة على المعابر والحدود بسبب الإحتلال , وتحديداً في الضفة الغربية , فحركة العمال العائدين من إسرائيل والمستوطنات الى الضفة , ليس مقيدة بالمعابر والحواجز فحسب , بل أن هناك ثغرات كثيرة من الممكن الدخول من خلالها دون علم قوات الأمن المتواجده في الضفة الغربية , وكذلك غزة بما يخص ثغرات الحدود الشرقية في حال تعمد الإحتلال ذلك.. ومن هنا فالمراهنة الوحيدة في الحد من إنتشار وباء الكورونا تقع على عاتق المواطنين , وخاصة العمال القادمين من الداخل , فإذا ما قرروا تحمل المسؤولية والحفاظ على حياة الآخرين , من خلال تسليم أنفسهم لمراكز الحجر والجهات المختصة , فهذا يعني أن هزيمة الكورونا بدأت في بلادنا كما بدأت في الصين .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد