عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشد مرضه , إختار أبو بكر رضي الله عنه للخلافة بالتأويل , فأمره أن يصلي بالناس , وبناء على ذلك أصبح أبو بكر خليفة للمسلمين بعد وفاة الرسول , ومن ثم إختار أبو بكر ومن خلال خلافته والتي لم تستمر سوا عامين , إختارعمر بن الخطاب رضي الله عنه , ليكون خليفة من بعده , ليصبح عمر خليفة للمسلمين , ومن ثم رشح عمر بن الخطاب قبيل إنتهاء خلافته والتي إستمرت عشر سنوات , رشح ستة من الصحابة ليختارون واحداً من بينهم بطريقة الشورى , وتم إختيار عثمان بن عفان رضي الله عنه خليفة للمسلمين بعد أن قتل عمر بن الخطاب على يد أبو لؤلؤة المجوسي " والذي له الآن مقام في إيران" , وبعدما حكم عثمان بن عفان لمدة إثني عشر عاماً , خرجوا عليه فرقة من المسلمين بسيوفهم وقتلوه بحجة أن عثمان تجاوز حدود الله خلال حكمة (...) , وكانت هذه الفرقة من جنود ومناصري "علي بن أبي طالب" رضي الله عنه , وبعدها تولى علي بن أبي طالب الخلافة وسط خلافات وفتنة في صفوف المسلمين في أعقاب الخروج على عثمان , ومروراً بمعركة الجمل , ومعركة صفين "الفتنة الكبرى" رفض إبن عم عثمان "معاوية بن أبي سفيان" رضي الله عنه أن يبايع علي بن أبي طالب للخلافة , وبقي علي خليفة على الحجاز , وبقي معاوية والياً على الشام , وبعد أربع سنوات من الخلافة قتل علي بن أبي طالب لتنتهي حقبة الخلافة الراشدة...

إستلم الخلافة بعد موت علي لستة شهور فقط إبنه "الحسن بن علي" ومن ثم سلم الحسن بن علي الخلافة طوعاً لمعاوية إبن أبي سفيان , ومن هنا بدأت مرحلة الملك العضوض "التوريث" على يد معاوية إبن أبي سفيان مؤسس الدولة الأموية , وإستمر الملك العضوض في الدولة الأموية مروراً بالدولة العباسية وحتى نهاية الدولة العثمانية على يد بريطانيا وفرنسا (...) ومن هنا تحولت الخلاف الإسلامية الى دول عربية مقطعة الأوصال على يد ما تسمى بالثورة العربية الكبرى , والذي قادها الشريف حسين بن علي الهاشمي , متحالفاً مع البريطانيين ضد العثمانيين , ليعود إلينا الملك العضوض من جديد ولكن بمسميات مختلفة..

الملك العضوض يعني أن يتمسك الحاكم بملكه بشدة خوفاً من فقدانه , وكأنه يعض عليه بأسنانه من شدة حرصة عليه , وهذا ما يحدث في زمن ما يسمى بالديمقراطية والعلمانية والليبرالية والإشتراكية والفيدرالية والكونفيدرالية...إلخ , ولكن بطريقة مختلفة عن ما كان يحدث مع الأمويين والعباسيين والعثمانيين , فلكل دولة رجالها , ولكل شيخ طريقته , فاليوم الملك العضوض يتمثل بالحكم بقوة السلاح , أو في اللعب على وتر القانون وتغيير الدساتير , أوالتزوير , وهذا بخلاف الدول التي لا زالت تحكم بالنظام الملكي "التوريث" , فكل هذه الطرق المختلفة للحكم هدفها واحد , وسببها واحد , وهو حرص الحاكم على أن يبقى أكبر فترة زمنية في الحكم , ومن ثم يولي إبنه أو قريبة , وكأن الدولة جزء من ممتلكاته الخاصة ..

والكارثة هنا أن عدوى الملك العضوض إنتقلت من العرب الى الفلسطينيين , فاليوم يتمثل الملك العضوض في فلسطين إما بقوة السلاح أو باللعب على وتر القانون , وذلك كله في ظل عدم وجود إنتخابات بسبب الإنقسام , ووصولاً الى ما يسمى بحجة منع إجراءها في القدس الشرقية من قبل اليهود , فها نحن الآن نعيش كفلسطينيين في فترة الملك العضوض منذ أكثر من عشر سنوات .

كاتب صحفي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد