تعيش غزة منذ نحو عامين تقريبا لعبة القط والفار بين المقاومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي على حدود غزة دون أن يخرج أحدهم عن قواعد اللعبة ويغادر مخبأ للنزال المفتوح رغم لغة التهديد المتبادلة، والاستعراضات المتباينة بين الفينة والأخرى. وخلال هذه الفترة كثر الحديث عن فرضيات المواجهة، أو انتزاع الفتيل من أجل استعادة الردع، أو تغيير المعادلة القائمة للحصار، لكن أي من الطرفين كان ينسحب من المواجهة في اللحظات الخيرة وي فتح الباب للوسطاء من أجل أن يستعيدوا الوضع القائم، ثم تعود الأوضاع لحالة المراوحة والتبريرات والبحث عن أفكار التهدئة المرحلية تارة وطويلة الأمد تارة أخرى.

وفي سياق فهم وتفسير ذلك كان الحديث عن أن الحالة السياسية القائمة في الكيان الصهيوني تمنع نتنياهو من التفكير في الذهاب للمواجهة، وأخرى بأن هذه الحالة قد تدفعه إلى المغامرة من أجل أن يكسب الوقت ويحقق مكاسب مرحلية تساعده على التغلب على منافسيه، وبين ذاك وذاك أحديث كثير للفهم والسيناريوهات لكن دون أن يؤدي ذلك لتغيير الوضع القائم، وتتواصل ماكينة الطحن في القاء كل ما يقال لسلة المهملات، فيما تستمر لغة استهلاك الوقت، والترقب، والبحث عن متغيرات تؤدي لتحقيق اختراقات تغير المعادلة القائمة هي الشغل الشاغل للقيادات صانعة القرارات والمواقف.!!

الفهم للموقف الفلسطيني في قطاع غزة ربما يبدو أكثر وضوحا وقدرة على الاستيعاب، فمراكمة المكاسب المرحلية مهم وضروري في ظل الظروف التي يعيشها الاقليم، والمعطيات القائمة بين يدي المراقبين، لكن فهم الموقف الإسرائيلي هو الأكثر تعقيدا وغموضا ومناورة.

فأمام الكيان الصهيوني معادلة سياسية داخلية مشلولة في القدرة على الحركة، واتخاذ القرارات الحاسمة، والتحديات المحيطة في الاقليم بالغة التعقيد والخطورة، والقدرات المتاحة أمام أي عمل عسكري محدودة ومرتبكة، فالتجربة تشير إلى أن الذهاب للمواجهات المفتوحة تجلب خسائر وتداعيات يصعب حصرها خصوصا مع تآكل قدرات الردع والحسم، فلم يعد بالإمكان تحديد سقف زمني لأي مواجهة محتملة الا بتحمل مزيد من الخسائر والدمار.

في ظل هذه المعطيات تظل رؤية نتنياهو في ادارة الصراع مع الفلسطينيين في هذه المرحلة محكومة بحسابات خاصة اضعف ما فيها الذهاب لمواهة عسكرية جديدة مع قطاع غزة!

فرؤية نتنياهو في هذه المرحلة تقوم على تبريد ساحة غزة، ومنع انفجار الوضع لحرب جديدة يصعب تحديد سقفها وحسمها !

فهوى يرى في هذه المرحلة تعزيز قوة دولة الاحتلال الاسرائيلي، وتأمين عمقها، وتقوية اقتصادها تحتل أولوية فائقة عن أي حرب جديدة لدولة الاحتلال في المنطقة، وعليه يقود نتنياهو الدولة برؤية سياسة مختلفة عن كل منافسيه، فهو يرى:

أن انفتاح دولة الكيان على العالم العربي والمجتمع الدولي يجب أن يحتل أولوية لتغير صورة اسرائيلي في المنطقة والعالم، وتمهيد الطريق أمام تحقيق مكاسب اقتصادية تعزز من اقتصادات الدولة وقدراتها المختلفة.

تهيئة البيئة المناسبة لتنفيذ صفقة القرن ، وهو التنفيذ الذي يحتاج للهدوء، ويحتاج للموارد ضخمة، ودبلوماسية نشطة وفاعلة على الساحة الاقليمية والدولية.

اعادة صياغة المفاهيم التي حكمت الصراع الاسرائيلي الفلسطيني والعربي بحيث يتم عزل الفلسطينيين في دائرة الصراع عن محيطهم العربي والاسلامي والاستفراد بالفلسطينيين من أجل فرض الأمر الواقع عليهم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد