الشيكات المرتجعة تهدد الاقتصاد الغزي
ساهمت الأوضاع الاقتصادية الكارثية في قطاع غزة ، والمتمثلة في انعدام توفّر السيولة النقدية بين المواطنين ، إلى جانب انعدام القدرة الشرائية للمواطنين في ارتفاع حاد في حجم الشيكات المرتجعة ، وانتشرت ظاهرة الشيكات المرتجعة في قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة ، وألقت بأثارها السلبية على حركة دوران رأس المال، وأحدثت ارباكاً كبيراً في كافة الأنشطة الاقتصادية.
وتعتبر ظاهرة الشيكات المرتجعة خطيرة جدا حيث تؤدي إلى تباطء في النمو الاقتصادي وتعمق من الأزمة الاقتصادية بسبب عدم تسديدها في مواعيدها، وبالتالي فإن عدم تحصيل قيمتها في تواريخ استحقاقها يسبب إرباك في التدفقات النقدية وعدم تمكن أصحاب الشيكات من الإيفاء بالتزاماتها في مواعيدها.
وبحسب البيانات الصادرة من سلطة النقد الفلسطينية ، بلغ عدد الشيكات المرتجعة في قطاع غزة حوالي 20 الف شيك خلال عام 2019 و بلغ إجمالي قيمة الشيكات المرتجعة خلال نفس الفترة حوالى 65 مليون دولار وهي تمثل ما نسبته 5.6% من إجمالي الشيكات المرتجعة في فلسطين خلال العام نفسه حيث بلغ إجمالي الشيكات المرتجعة حوالي 1.158 مليار دولار، مقابل 86 مليون دولار إجمالي الشيكات المرتجعة خلال عام 2018 ، و 112 مليون دولار إجمالي الشيكات المرتجعة خلال عام 2017 ، و 62 مليون دولار إجمالي الشيكات المرتجعة خلال عام 2016 ، و 37 مليون دولار إجمالي الشيكات المرتجعة في عام 2015.
ويأتي هذا الانخفاض الطفيف في حجم الشيكات المرتجعة خلال عام 2019 نتيجة للإجراءات الصارمة التي إتبعتها سلطة النقد الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة للحد من هذه الظاهرة ، و منها وضع عمولة كبيرة على الشيكات المرتجعة ، وتصنيف أصحاب الحسابات التي يرجع لهم أكثر من شيك إلى فئات وصولا إلى عدم إصدار دفاتر شيكات لهم ، هذا بالإضافة إلى قيام البنوك بالتقنين من إصدار دفاتر الشيكات ، وفقدان الثقة في التعامل بالشيكات وإنخفاض تداولها في أسواق قطاع غزة.
وبعد هذه الأرقام الصادمة فإنني أدق ناقوس الخطر حيث أن حجم الشيكات المرتجعة غير طبيعي بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني ، وهو دليل واضح وقاطع على حالة الانهيار الاقتصادي الذي وصل له الاقتصاد الفلسطيني وخصوصا في قطاع غزة.
لذا نأمل بتدخل عاجل وسريع من سلطة النقد الفلسطينية لوضع اّليات جديدة لإعادة الثقة و القيمة الاعتبارية والنقدية لورقة الشيكات ووضع مزيد من القيود والعقوبات على أصحاب الشيكات المرتجعة وتعزيز النظام القضائي بحق المخالفين حتى لا تتفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية حيث أن قطاع غزة دخل إلى منحنى خطير جدا ووصل إلى الرمق الأخير من حالة الموت السريري.
د. ماهر تيسير الطباع - مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة