لم نعدِّل أي نوع من أنواع الضرائب منذ قدوم السلطة
مالية غزة: نشترى الغاز من مصر بثمن يفوق السعر الدولي
قالت وزارة المالية في غزة اليوم الثلاثاء انها تشترى الغاز من مصر بثمن يفوق السعر الدولي ، بالإضافة إلى تكلفة النقل المرتفعة للغاية ، مبينا ان الايرادات التي تحصّلها الحكومة بسيطة جداً من الغاز، وهي لا تفيد وزارة المالية بشيء يذكر، وما يُستَورَد من مصر لا يكفي قطاع غزة.
وأشار وكيل وزارة المالية في غزة، عوني الباشا الى ان الوضع المالي أثر تأثيراً سلبياً في هذا الجانب، ورغم ذلك طُرحَت 2000 وظيفة جديدة خلال عام 2019، وهناك عدد آخر من الفرص التي ستُطرَح خلال العام الجاري.
نص الحوار كما ورد على صحيفة العربي الجديد
- ما هو الواقع المالي لحكومة غزة حالياً، وخاصة في ظل استمرار الحصار المفروض على القطاع؟
الوضع المالي لحكومة قطاع غزة صعب جداً، وهذا الواقع نجم عن الانقسام الفلسطيني من جانب، وما تلاه من حصار مشدد من قبل الاحتلال من جانب آخر، الأمر الذي كان له أثر بالغ على الوضع الاقتصادي والنواحي المالية، وأصبحت السيولة شحيحة والقدرة الشرائية للمواطن في غزة ضعيفة، وبالتالي فإن التاجر لا يستطيع أن يسوق منتجاته، ما سبّب حالة ركود واسعة في الأسواق.
- هل تراجعت أعداد الشاحنات الواردة في ظل حالة الضعف في القدرة الشرائية وشحّ السيولة؟
الاستيراد تراجع كثيراً، ففي الوقت الذي كان يصل فيه إلى القطاع 750 شاحنة يومياً، فإن إجمالي ما يدخل الآن نحو 340 شاحنة. أي إن نسبة النقصان في الشاحنات الواردة من معبر كرم أبو سالم تزيد على 50 في المائة، وهذا نتج من عدم قدرة المواطن على الشراء، ما أثر في التاجر وقدرته على دفع الضرائب، وبالتالي انعكس سلباً على قدرة الوزارة على تسديد التزاماتها، سواء كانت للوزارات كمصاريف تشغيلية أو رواتب أو مصاريف رأسمالية، بحيث تدنت نسبة دفعنا للرواتب إلى 40 في المائة.
وسنحاول خلال الفترة المقبلة زيادة إمكانية تغطيتنا لالتزاماتنا المالية، لكن ما نقوم به حالياً هو دفع النفقات الطارئة لجميع الوزارات فقط.
- انتشرت اتهامات للحكومة عن تحصيل إيراد بسبب الفرق بين سعر غاز الطهى المستورد من الاحتلال الإسرائيلي والمورد من مصر، فما تعليقك؟
في ما يتعلق بملف غاز الطهى، نحن نقوم بشرائه من الجانب المصري بأعلى من السعر الدولي، بالإضافة إلى تكلفة النقل المرتفعة للغاية. وندفع لطن الغاز الواحد القادم من مصر نحو 900 دولار، بالإضافة إلى تكلفة النقل إلى المحطات. وبعد دفع تكلفة النقل، فإن سعر أسطوانة الغاز تصل إلى 42 شيكل، وتُباع للمحطات بـ 46 شيكل، ونحن لا نحصل إلا على 4 شيكل فقط. وعند زيادة الأسعار، كما حدث أخيراً، التي أدت إلى وقف التوريد قبل أن تحل الإشكالية، قررنا ألا يتحمل المواطن أي مبلغ زيادة، وحددنا الأسعار فيما بين (54-55 شيكل) (الدولار= 3.45 شيكل إسرائيلي).
- إذاً، هل التوجه نحو مصر كان بهدف حل أزمة الغاز التي يعاني منها القطاع وليس للتربح؟
صحيح، الإيرادات التي تحصّلها الحكومة بسيطة جداً من الغاز، وهي لا تفيد وزارة المالية بشيء يذكر، وما يُستَورَد من مصر لا يكفي قطاع غزة. وفتحنا للمحطات الباب لاستيراد الوقود عبر الهيئة العامة للبترول في رام الله ، وما يصل منها يراوح ما بين 5 إلى 7 شاحنات يومياً فقط، في الوقت الذي يحتاج فيه قطاع غزة 250 طناً يومياً من الغاز.
- كم تحتاج الحكومة في غزة لتغطية نفقاتها التشغيلية؟
النفقات التشغيلية تصل إلى أكثر من 85 مليون شيكل إسرائيلي، تليها النفقات الرأسمالية التي لا نستطيع دفعها بشكل كامل، إذ إننا ندفع جزءاً منها بما يعادل 7 ملايين شيكل شهرياً. وهذه النفقات كبيرة جداً وفوق تحمل الوزارة، حيث إن الإيرادات المحلية التي تحصل عليها الوزارة لا تستطيع تلبية هذه النفقات.
والإيرادات الكلية للقطاع تنقسم إلى قسمين: إيرادات محلية، وإيرادات مقاصة وجمارك تحصل من قبل مالية رام الله. ومن هنا فإن الأمور تزداد علينا صعوبة من الناحية المالية.
- كيف تُحصَّل هذه الأموال والضرائب من السلع وإلى أين تذهب؟
ما يزيد على 80 في المائة من الضرائب والرسوم تحصّلها وزارة المالية في رام الله، وتتمثل بأموال المقاصة، بالإضافة إلى البيانات الجمركية والرسم الخاص بالمحروقات الواردة للقطاع. أما نحن في وزارة المالية بغزة، فنحصّل الضرائب المحلية التي تأتي على القيمة المضافة للمشتريات والضرائب المباشرة، كضريبة الدخل، والتي لا تتجاوز نسبتها من الإيراد العام ما يراوح بين 3 و3.5 في المائة من مجمل الإيرادات، وهذا الوضع أثر سلباً بقدرة وزارة المالية على سداد التزاماتها.
المنفذ الوحيد للبضائع في غزة هو معبر كرم أبو سالم، وبالتالي التحكم فيه بسيط مقارنة بالمنافذ في الضفة الغربية، وأستطيع أن أجزم بأن ما يُحصَّل من فواتير المقاصة من قطاع غزة هو الأعلى مقارنة بالضفة، جراء وجود منفذ تجاري وحيد يسهل التحكم وتتبع البضائع مقارنة بوجود العديد من المنافذ في الضفة.
- هل أسهم التحول نحو استيراد السلع من مصر في زيادة واردات الحكومة المحلية وتوفير المنتجات بالأسواق؟
نعم زادت الواردات، ولكن بكميات قليلة للغاية، وسبب ذلك أن التاجر يمتنع عن الاستيراد من مصر نظراً لتكاليف النقل الباهظة المفروضة على نقل هذه البضائع إلى قطاع غزة، ونحن نطالب بتخفيضها من أجل أن يستطيع التجار في القطاع استيراد مزيد من البضائع عبر الجانب المصري.
- هل يمكن القول إذاً إنه لم يتغير شيء مع الاستيراد من الجانب المصري؟
الشاحنات الواردة من القاهرة قليلة جداً في معظم الأحيان، فعدد بسيط جداً من البضائع هي التي تورد إلى غزة من الجانب المصري، إذ يصل بمعدل كل يومين تقريباً نحو 30 شاحنة من الجانب المصري، مقارنة بدخول 340 شاحنة من معبر كرم أبو سالم مع الاحتلال يومياً، وبالتالي تظل البضائع الواردة من مصر لا تذكر مقارنة بتلك الواردة عبر المعبر المرتبط بالاحتلال.
- هل توجد سلع من التي تستورد من مصر أسعارها معقولة بحيث تجذب التجّار؟
لا، فكل السلع أسعارها تتجاوز السعر الدولي في الشراء، خصوصاً أن تكلفة النقل مرتفعة للغاية، التي تزيد من سعر السلع في نهاية المطاف.
- توجه إليكم اتهامات بأن الوضع الحالي هو الأكثر فرضاً للضرائب منذ بداية السلطة، فما ردكم على ذلك؟
لم نعدِّل أي نوع من أنواع الضرائب منذ قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994 وحتى 2020، ولم تتغير الضرائب المفروضة في قطاع غزة. فقانون ضريبة الدخل المقر عام 2004 هو ما نحصل عليه، ونظام ضريبة القيمة المضافة الذي سُنَّ عام 1994 هو المعمول به حتى الآن، بالإضافة إلى قانون الجمارك الأردني الصادر عام 1962.
- أزمة رواتب الموظفين التابعين للحكومة في غزة باتت أمراً اعتيادياً وسط مطالبات دائمة بزيادة نسب الصرف وصرف المستحقات، ألا توجد لديكم رؤية لحل هذا الملف جذرياً؟
نحن نأمل أن تزيد الإيرادات المالية للحكومة، الأمر الذي يمكننا من زيادة الرواتب ودفعها بصورةٍ كاملة وتسديد جميع المستحقات للموظفين. فالأزمة بدأت عام 2009 تقريباً، وتفاقمت مع بداية عام 2014. أما إجمالي مستحقات الموظفين، فهي غير محددة، إلا أنها بشكل عام كبيرة.
- ألا تفكر الحكومة في تقديم سلسلة من التسهيلات المالية والضريبية للقطاع الخاص، وتحديداً للمصانع والتجار المتعثرين؟
نحن قدمنا العديد من التسهيلات الضريبية للمصانع، كان آخرها إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على المواد الخام الخاصة بالتصنيع، والكثير من هذه المصانع ستستفيد من التسهيلات.
- نرجو إلقاء الضوء على بعض التفاصيل لما قدمتموه للقطاعات المختلفة؟
جرى البدء بتقديم تسهيلات لمصانع الطماطم والتمور، ثم قمنا بتخفيضات ضريبية للعديد من المكلفين. فعلى سبيل المثال، وصلت نسبة الحسومات لبعض أنواع السيارات إلى أكثر من 90 في المائة.
ونحن الآن بصدد بعض التعديلات على قانون ضريبة الدخل، سيستفيد منها محدودو الدخل، بحيث تنخفض الشريحة الأولى من 8 إلى 6 في المائة. كذلك قدمنا تعديلات تخصّ ذوي الدخل المحدود الذين لا يزيد دخلهم على 1200 شيكل، حتى وإن كان أعزب، بالإضافة إلى تقديم الدعم للمشاريع الصغيرة التي لا يتعدى رأس مالها 5000 دولار، بالإضافة إلى التسهيلات المقدمة لشركات المقاولات.
- هل يمكن أن تعلن الحكومة في غزة موازنتها بكل التفاصيل والمخصصات المالية على الرأي العام؟
نحن لا نستطيع القول إن هناك موازنتين في أراضي السلطة الفلسطينية، فهناك موازنة تصدر عن وزارة المالية في رام الله، ونظراً لتنكرها لدفع استحقاقات قطاع غزة، وضعنا في غزة خطة مالية من أجل إدارة الشؤون العامة في القطاع.
- كم تدفع السلطة الفلسطينية لقطاع غزة من الموازنة؟ وفي أي القطاعات؟
ما وصل إلى قطاع الصحة في غزة، على سبيل المثال، من وزارة المالية في رام الله لا يتعدى 2.3 مليون دولار خلال عام 2019، وهو الأمر الذي يعكس النسبة الضئيلة التي تخصصها السلطة تجاه القطاع. كذلك هناك نفقات خاصة بالخدمات الاجتماعية.
- هل انعكس ضعف الإيرادات للحكومة في غزة على طرح وظائف جديدة في القطاع العام خلال السنة الماضية؟
الوضع المالي أثر تأثيراً سلبياً في هذا الجانب، ورغم ذلك طُرحَت 2000 وظيفة جديدة خلال عام 2019، وهناك عدد آخر من الفرص التي ستُطرَح خلال العام الجاري.