باحثان اميريكيان:إسرائيل لا تستطيع النجاة بدون السلطة الفلسطينية

واشنطن / سوا / قال الباحثان إيلان غولدنبيرغ، مدير برنامج أمن الشرق الأوسط بمركز الأمن الأميركي الجديد، ونيكولاس هيراز الباحث في برنامج أمن الشرق الأوسط في مقال مشترك نشرته مجلة "فورين بوليسي" تحت عنوان "إسرائيل لا تستطيع النجاة بدون السلطة الفلسطينية" إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "يتجاهل بتركيزه المفرط على إيران تهديداً مباشراً أكبر حجماً وأكثر خطورة على أمن إسرائيل وهو حل السلطة الفلسطينية وإمكانية تحول الضفة الغربية إلى منطقة غير محكومة قد تصبح ملاذاً للإرهاب".

وحذر الكاتبان من أن "العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية الراهنة بلغت من السوء ما يهدد بوضع نهاية لعملية المفاوضات التي بدأت منذ عدة عقود باتفاقات أوسلو".

ويعتقد الكاتبان أن "كلا الجانبين اتخذا خطوات في الأسابيع الأخيرة يمكن أن تبدأ مرحلة جديدة من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ففي يوم 5 آذار (الحالي)، أي بعد يومين من خطاب نتانياهو أمام الكونغرس الأمريكي حول المفاوضات النووية مع إيران، عقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية اجتماعاً رسمياً جرى فيه التصويت على تعليق التعاون الأمني بين قوات الأمن الوطني الفلسطيني والجيش الإسرائيلي الامر الذي سيكون بمثابة خطوة أولى نحو حل السلطة الفلسطينية التي حكمت أجزاء كبيرة من الضفة الغربية على مدى السنوات الـ20 الماضية، وتسليم المسؤولية مجدداً إلى الجيش الإسرائيلي" بحسب قولهما.

يشار إلى أن الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية جنيفر بساكي قالت بهذا الخصوص "إن قرار إنهاء التعاون الأمني بين الفلسطينيين وإسرائيل أمر خاطئ وستكون عواقبه سلبية على الطرفين".

وانتقد الكاتبان نتنياهو وقالا " لقد أثار نتنياهو شكوكاً في مطلع هذا الأسبوع حول دعمه المبدئي لحل الدولتين، حيث أصدر حزب الليكود بياناً قال فيه إن خطاب رئيس الوزراء لعام 2009 الذي أعلن فيه عن دعمه قيام دولة فلسطينية، لم يعد هاماً بعد الآن وهو تأكيد نفاه بسرعة مكتب رئيس الوزراء" بحسب قول الكاتبين.

وعلقت بساكي على سؤال بخصوص تصريحات نتنياهو حول انتهاء حل الدولتين قائلة "موقفنا هو أن لا بديل لحل الدولتين فلسطين وإسرائيل تتعايشان بأمن وسلام".

وقال الكاتبان غولدنبيرغ وهيراز في مقالهما "إن الأزمة الراهنة بدأت في يناير عندما مضي الفلسطينيون لتنفيذ تهديدهم بالانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية. وفور انتهاء عملية الانضمام وحصول الفلسطينيين على عضويتهم رسمياً في الأول من نيسان ستستطيع المحكمة النظر في القضايا المرفوعة ضد المسؤولين العسكريين الإسرائيليين على ما ارتكبوه من انتهاكات في قطاع غزة والضفة الغربية حيث يأمل الفلسطينيون في استخدام تهديد الملاحقة القضائية لزيادة الضغط على إسرائيل، وعزلها دولياً، وإجبارها على تقديم مزيد من التنازلات، وهي الخطوة التي على الأرجح أن تأتي بنتائج عكسية، حيث إنها ستزيد حدة التوتر مع الإسرائيليين وستصعد الهجمات المتبادلة دون منح الفلسطينيين الدولة التي يتطلعون إليها بشدة".

يشار إلى أن إسرائيل ردت على توجه الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية بتجميد عائدات الضرائب التي تجمعها نيابة عن الفلسطينيين ورفض تحولها للسلطة الفلسطينية، وهو ما انتقدته وزارة الخارجية الأميركية التي حذرت من أن السلطة الفلسطينية ستوشك على الإفلاس، مما سيؤدي إلى اضطرابات داخلية تنال من إسرائيل ومن السلطة الفلسطينية نفسها بسبب عدم قدرتها على ممارسة الحكم بشكل فعال بحسب وجهة نظر الحكومة الأميركية.

وحذر الكاتبان من أن ذلك "من شأنه أن يدفع بانزلاق الأوضاع في الأراضي الفلسطينية إلى الفشل التام والفوضى المحتملة، وهو ما يدركه كثير من الإسرائيليين الواقعيين لا سيما العاملين في المؤسسة الأمنية، ويرون أن إسرائيل تجازف بالكثير" إلا إنهما يعتقدان بأن وقف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل سيستمر عبر فترة الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17 آذار المقبل على الأقل.

وقال الكاتبان "إن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يمكن أن تُظهر إسرائيل بعض المرونة بعد موسم الانتخابات، أم انها ستقود عملية تشكيل الائتلاف التي تلي الانتخابات إلى قرار سياسي بمواصلة تضييق الخناق المالي على السلطة الفلسطينية؟" واعربا عن اعتقادهما بأن الفلسطينيين يرون أن من الأحرى لهم تسليم المسؤولية الأمنية في الضفة الغربية إلى إسرائيل إذا كانت ستواصل خنقهم مالياً مع العلم ان هذه المناورة "قد تكون مجرد خدعة تهدف ببساطة لإجبار إسرائيل على تسليم عائدات الضرائب، رغم أن القيادة الفلسطينية تميل إلى تنفيذ التهديدات التي تصدرها بغرض كسب النفوذ".

ويشير الكاتبان إلى أن "التهديد بحل السلطة الفلسطينية لا يختلف عن التهديد السابق بالانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية: فهما عبارة عن أداة مفيدة كان الفلسطينيون يستخدمونها لبعض الوقت، لكنها قد تتحول في يوم قريب إلى واقع، ولا يمكن التنبؤ بما سيحدث إذا اتخذ الفلسطينيون هذه الخطوة المصيرية، ولكن من المؤكد أنها ستؤثر بشكل عميق في المنطقة وقد تؤدي إلى زعزعة استقرارها".

وحذر الكاتبان من ان "حل السلطة الفلسطينية سيترك فراغاً أمنياً في الضفة الغربية يمكن أن يشغله المتطرفون، وسيقدم فرصة لتنظيم داعش وحلفائه لاختراق المنطقة".

وقالا إن "كلا الجانبين يتصرفان بطريقة غير منطقية ويتخذان خطوات ضارة، إذ يصر نتنياهو على أن انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية سيترك دولة فاشلة في أعقابه- ولكنه يتخذ الآن خطوات قد تقود إلى هذه النتيجة، في حين يقول عباس من جانبه بأنه لا يستطيع مواصلة حكم شعبه بينما تحمل إسرائيل كل أدوات القوة- ولكن وقف التعاون الأمني أو حل السلطة الفلسطينية لن يعود بأي فائدة على الشعب الفلسطيني".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد