"هيومن رايتس ووتش" تصدر بيانا حول التصعيد الاسرائيلي على قطاع غزة

غارات إسرائيلية على غزة

أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" صباح اليوم الثلاثاء، بياناً حول الغارات الإسرائيلية التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ، خلال جولة التصعيد التي اندلعت مع المقاومة الفلسطينية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

وفيما يلي بيان "هيومن رايتس ووتش" كما وصل "سوا":

قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم الثلاثاء، إن غارتين جويتين إسرائيليتين في غزة وقعتا خلال القتال مع المجموعات المسلحة الفلسطينية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، قتلت 11 مدنياً على الأقل، في انتهاك واضح لقوانين الحرب.

بين 12 و14 نوفمبر/تشرين الثاني، أطلقت المجموعات المسلحة الفلسطينية كذلك مئات الصواريخ عشوائيا على إسرائيل، فأصيب، وفق "الأمم المتحدة"، 78 مدنيا بالصدمة أو بجروح طفيفة. انتهكت هذه الهجمات قوانين الحرب. وجدت هيومن رايتس ووتش أن صاروخين على الأقل، أطلقتهما على ما يبدو مجموعات مسلحة فلسطينية، وقعا في غزة، أحدها أودى بحياة فلسطيني وجرح 16 آخرين، والثاني أصاب مكاتب منظمة حقوقية محلية، محدثا أضرارا مادية بدون ضحايا.

قال جيري سبمسون، المدير المشارك لقسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش :"مجددا، قتلت الغارات والصواريخ الإسرائيلية والفلسطينية مدنيين وأوقعت جرحى بينهم، وهددت حياة عدد هائل منهم. تقاعس السلطات الإسرائيلية والفلسطينية المزمن عن محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب المحتملة يسلط الضوء على ضرورة التحقيق من قبل ´المحكمة الجنائية الدولية´".

أفادت الأمم المتحدة أن 35 فلسطينيا قتلوا خلال المعارك الأخيرة. وقالت وزارة الصحة في غزة إن القوات الإسرائيلية جرحت 111 فلسطينيا من بينهم 46 طفلا.

يبدو أن الغارتين التي حققت فيهما هيومن رايتس ووتش انتهكتا قوانين الحرب لأنهما أصابتا أعيانا مدنية، بدون دليل يُذكر على أن المهاجمين اتخذوا كافة الاحتياطات اللازمة لتفادي أو الحد من وقوع خسائر مدنية. أودت الأولى بحياة ثلاثة أشخاص في موقع لم يتواجد فيه على ما يبدو أي مقاتلين أو أسلحة أو أهداف عسكرية. وقتلت الثانية تسعة أشخاص في منزلين، ثمانية منهم على الأقل كانوا مدنيين. أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 17 فلسطينيا في غزة حول الحادثتين، من بينهم ناجون وشهود عيان، وأقارب وجيران القتلى، والمستجيبون الأوائل. عاينت هيومن راتس ووتش الموقعين، وراجعت إفادات المسؤولين الإسرائيليين، ووزارة الصحة في غزة، والمجموعات المسلحة الفلسطينية.

وقع أول هجوم حوالي الساعة 9 من صباح 13 نوفمبر/تشرين الثاني. قتل صاروخ موجَّه رأفت عياد (54 عاما) وإثنين من أولاده، عمرهما سبعة و23 عاما، بينما كانوا على دراجة نارية في حي الزيتون على بعد كيلومترين شرق مدينة غزة. أخبر ثلاثة من أقاربهم وجيرانهم الذين زاروا الموقع بعد الاعتداء هيومن رايتس ووتش أنهم سمعوا أصوات الطائرات بدون طيار مباشرة قبل الغارة.

قال جميعهم، إذ تمت مقابلتهم كلا على حدة، إن لا رأفت ولا ولديه كانت لديهم علاقات مع أي من المجموعات المسلحة. لم تشر أيٌ من مجموعات غزة المسلحة على مواقعها على الانترنت إليهم بأنهم مقاتلون، كما لم تصفهم بـ "شهداء"، وهي ممارسة اعتيادية عند مقتل مقاتلين. لم تجد هيومن رايتس ووتش أي دليل آخر على أن أيا من الضحايا كانوا مقاتلين. لم تعلق السلطات العسكرية الإسرائيلية علنا على الهجوم.

وقعت الغارة الثانية حوالي الساعة 12:15 صباح 14 نوفمبر/تشرين الثاني. قال المسعفون، والجيران، والأقارب، والناجون إن ثلاثة ذخائر ألْقِيَت من السماء في غضون دقيقتين تقريبا على منازل متلاصقة تعود لعائلتي شقيقين، رسمي ومحمد السواركة (ويُعرفان أيضا باسم العائلة أبو ملحوس)، عند طرف مدينة دير البلح في وسط قطاع غزة. قتلت الغارات الشقيقين وامرأتين وخمسة صبيان أعمارهم عام، وعامان، وسبعة، و12، و13 عاما، وجرحت امرأة وتسعة أطفال آخرين.

قال الأقارب والجيران إن ثمانية من هؤلاء الذين قتلوا يبدو أنهم مدنيون. لم تستطع هيومن رايتس ووتش الوصول إلى نتيجة نهائية حول الشخص التاسع الذي قتل، محمد السواركة. قال أحد أقاربه إنه كان عضوا في "حركة الجهاد الإسلامي"، مع أن ستة آخرين قالوا إنه لم في مجموعة مسلحة. ولم تذكره الحركة على موقعها على الإنترنت ولم تعلنه "شهيدا".

يوم الهجوم، نشر الجيش الإسرائيلي صورة رجلين، قائلا إن هجوما أودى بحياة رجل يدعى رسمي أبو ملحوس وإنه قيادي بارز في الجهاد الإسلامي. بعد الهجوم مباشرة، أفادت الحركة أن أحد الرجلين في الصورة هو قيادي في صفوفها لكنه ما زال على قيد الحياة. قال الناجون من الهجوم إنهم لا يعرفون الرجلين في الصورة.

اعترف الجيش الإسرائيلي لاحقا في ذلك الشهر بأنه أخطأ في الاستهداف، قائلا "لم نتوقع وقوع مدنيين غير مقاتلين جراء الغارة". في ديسمبر/كانون الأول، قال الجيش إنه ارتكب خطأ في وصف المنزلين على أنهما "مجمع عسكري" بدل من مجمع سكني "تُمارس فيه بعض النشاطات العسكرية". لم يحدد الجيش أي نوع من النشاط يعتبره عسكريا أو ما إذا تمت محاسبة أحد على الخطأ.

أحد الأقارب وجاران قالا إن كلتا العائلتين عاشتا في منزليهما منذ عشر سنوات على الأقل. البالغون السبعة الذين أجريِت معهم المقابلات قالوا إنهم لم يكونوا على دراية بوجود أي نشاط في المنزلين قد يجعلهما هدفا عسكريا. أقرب منشأة كانت منزلا مؤقتا يبعد 50 متر غربا وآخر يبعد 150 متر إلى الشمال الغربي.

كما حققت هيومن رايتس ووتش في حادثتين أطلقت مجموعات مسلحة فلسطينية خلالهما صواريخ وقعت داخل غزة. أحدها أصاب مبنى سكنيا قيد الإنشاء في جباليا حوالي الساعة 9 صباح 12 نوفمبر/تشرين الثاني، فقتل محمد حمودة، رجلا عمره 20، وجرح ستة أطفال وعشرة رجال. وأصاب الثاني مكاتب "الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان" في مدينة غزة الساعة 10:30 تقريبا صباح 12 نوفمبر/تشرين الثاني، محدثا أضرارا مادية بدون إصابات.

بسبب طبيعتها العشوائية، فإن إطلاق صواريخ غير موجهة نحو مناطق فيها مدنيون هو انتهاك خطير لقوانين الحرب.

بموجب قوانين الحرب، يحق للأطراف المتحاربة استهداف مقاتلين وأهداف عسكرية فقط. في حال استُخدمت أي من المنشآت أو الأعيان المدنية لأغراض عسكرية، يمكن استهدافها فقط حين مساهمتها فعليا في العمل العسكري. على أطراف النزاع اتخاذ كافة التدابير الاحترازية لتقليل الأذى اللاحق بالمدنيين. الأفراد الذين يتعمدون الأمر بهجمات تستهدف المدنيين أو أعيانا مدنية، أو المشاركة فيها، هم مسؤولون عن جرائم حرب. تحظر قوانين الحرب شن هجمات يمكن أن توقع ضررا مدنيا أو خسائر في الممتلكات قد تكون مبالغا فيها مقارنة مع الميزة العسكرية المنتظر تحقيقها.

تنطبق قوانين الحرب على كافة أطراف النزاع، إسرائيل و" حماس " والمجموعات الفلسطينية المسلحة الأخرى مثل الجهاد الإسلامي ضمنا. وهي تجبر إسرائيل، وحماس لكونها بحكم الواقع السلطة في غزة، على التحقيق في المزاعم ذات المصداقية في انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب. لكن السلطات الإسرائيلية والفلسطينية انتهجت عدم التحقيق بمصداقية في جرائم الحرب المزعومة أو محاسبة المسؤولين عنها.

هذا التقاعس المتكرر يقوّض الدور الهام لـ المحكمة الجنائية الدولية. في ديسمبر/كانون الأول 2019، أجرت المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا تحقيقا مبدئيا في الوضع الفلسطيني ووجدت أن "كافة المعايير القانونية" موجودة ل فتح تحقيق رسمي. لكنها طلبت رأيا قانونيا من قضاة المحكمة حول ما إذا كان ينبغي اعتبار فلسطين "دولة" بهدف إعطاء المحكمة الصلاحية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

قال سيمبسون: "معارك نوفمبر/تشرين الثاني، مثل سابقاتها، قتلت وجرحت المدنيين في انتهاك لقوانين الحرب. ستستمر مثل هذه الوفيات طالما لم يُحاسب أحد عن الهجمات غير القانونية".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد