محلل إسرائيلي يقرأ التحالف السنّي الجديد بقيادة تركيا
القدس / سوا / قال المحلل الإسرائيلي تسفي برئيل إن التقارب الأخير بين السعودية وتركيا وكسر الجليد بينهما لا يحظى بإجماع داخل تركيا، خاصة وأن إجراء كهذا سيؤدي إلى العداوة بين إيران وتركيا، على حد زعمه.
وأضاف برئيل في مقالته لصحيفة هآرتس، الاثنين، أن الخبير في القانون الدولي التركي، مورات ياتكين، يعتقد بأن على تركيا الامتناع عن اتخاذ خطوات أحادية من شأنها أن تؤدي إلى مواجهة مع إيران، وأن التحالف السني العربي من شأنه أن يلحق الضرر في شبكة العلاقات الهشة والحيوية بين الدولتين.
وقدم برئيل قراءة تحليلية للتقارب التركي السعودي، نبه فيها إلى عدد من الإشارات الهامّة التي سيكون لها أثر كبير على الإقليم برمّته.
وقال برئيل، إنه ليس هناك شك في أن السعوديين يعرفون كيفية تمرير الرسائل الدبلوماسية من دون أن تكون ظاهرة. وعلى الرغم من ذلك، فإن زيارة أردوغان للسعودية هي علامة هامة على الطريق في سياسة كلا الدولتين.
وعقد مقارنة مفادها، أن الملك السعودي الراحل عبد الله رأى في أردوغان خصما وفي تركيا دولة يجب كبح تأثيرها وقوتها في الشرق الأوسط العربي، في حين أنه يبدو أن للملك سلمان تفكيرًا آخر.
وأشار إلى أن العديد من المحللين السعوديين الذين كتبوا عن الزيارتين الرسميتين، رحبوا بزيارة أردوغان، وأوضحوا لمصر أنها لن تملي على السعودية سياستها الخارجية، أو تحدد ما إذا كانت تركيا ستقوي علاقاتها مع السعودية أم لا.
بالإضافة إلى ذلك، فقد نوه برئيل إلى أن سعودية الملك سلمان تلمح، وليس بمرونة، إلى أن سياسة الملك عبد الله هي التي تسببت بانتشار تأثير أردوغان في المنطقة، وأن إيران تقاتل بشكل فاعل تنظيم الدولة أكثر من السعودية.
وشدد على أن تساهل السعودية في اليمن أدى إلى سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران، على السلطة في البلاد. ويقدر بعض المحللين أن السعودية تطالب بتشكيل محور ضد الشيعة وضد إيران، وهو الأمر الذي من الممكن أن تلعب فيه تركيا دورا رئيسا.
واستدرك برئيل بالقول إن محورا كهذا لا يمكن أن يكون بدون أن يضم مصر، التي تعمل مع السعودية ودول الخليج على إقامة قوة عربية مشتركة للتدخل السريع تضم 40 ألف جندي.
وأضاف أن انضمام تركيا لمحور مثل هذا يستوجب تصالحا بين مصر وتركيا. وهذا الأمر تم نقاشه بتوسع في اللقاء بين سلمان وأردوغان، وفي ختامه قال أردوغان إن "السعودية ترغب بالمصالحة بين تركيا ومصر". وقال أردوغان أيضا إن "مصر وتركيا والسعودية تشكل مثلث دول هامة في المنطقة"، وفقا لبرئيل.
ولكن، على عكس هذا الإطراء الموجه إلى مصر، فإن كبير مستشاري أردوغان الدكتور إبراهيم كالين، نشر مقالا في الصحيفة التركية المؤيدة للحكومة (ساباه) قال فيه إن "الانقلاب الذي حصل في مصر تسبب بتوتر وخلافات سياسية"، بحسب هآرتس.
وتابع برئيل بأن مصطلح "انقلاب"، كما هو معروف هو تعبير عن عدم مشروعية النظام، وهو يثير حفيظة السيسي منذ تسلمه للسلطة في تموز من العام 2013. والانتقاد الشديد الذي وجهته تركيا، لإزاحة الإخوان المسلمين، كان عنصرا رئيسا في القطيعة بين البلدين.
وأضاف بناء على ذلك أنه من الصعب التحديد في هذه المرحلة ما إذا كانت جهود المصالحة التي يقوم بها الملك السعودي سوف تؤدي إلى انطلاقة في العلاقات بين مصر وتركيا.. ولكن بالنسبة لمصر، المرتبطة اقتصاديا بالدعم السعودي، تم التلميح مؤخرا بأن سياستها الخارجية لا يمكن أن تكون منفصلة عن التطلعات السعودية.
وخلص برئيل إلى أن تركيا تدير لعبة متعددة الوجوه: فمن جانب هي ليست شريكا رسميا في التحالف الغربي ضد تنظيم الدولة، والطائرات الأمريكية لا يسمح لها باستخدام المطارات التركية، من أجل القيام بعمليات القصف لمواقع تنظيم الدولة في العراق وسوريا. ومن جانب آخر، فقد أعلن هذا الأسبوع وزير الدفاع التركي عصمت يلماظ أن تركيا أرسلت وستستمر في إرسال، تجهيزات عسكرية إلى العراق من أجل المساعدة في المعركة التي يتم التخطيط لها من أجل تحرير الموصل من أيدي الجهاديين. وأعلنت تركيا أنها سوف تستقبل اللاجئين العراقيين الراغبين على أراضيها إبان نشوب المعركة، ولكنها لن تشارك بصورة مباشرة في النشاطات العسكرية.
وأشار برئيل إلى زيارة الجنرال الأمريكي المتقاعد، جون ألين، الذي يقوم بتنسيق نشاطات قوات التحالف ضد تنظيم الدولة، خلال الأسبوع الماضي إلى تركيا، من أجل مواصلة الحوار المستمر في ما يتعلق بالتعاون التركي. وأعلن ألين أن" الحوار يتقدم" ولكن لم يتم لغاية الآن الوصول إلى نتائج فعلية.
وحول ما يتعلق بالحرب في سوريا، قال برئيل إن أردوغان ما زال يتمسك بالموقف القائل إن أي تعاون عسكري مع الدول الغربية مشروط بأن الهدف منه ليس فقط طرد تنظيم الدولة، بل أيضا إبعاد الرئيس السوري بشار الأسد. مؤكدا أن لتركيا ذريعة جيدة بالامتناع عن التدخل العسكري المباشر.
وخلص برئيل إلى أن الحبكة السياسية لأردوغان لا تنفصل عن الانتخابات للبرلمان التركي المقررة في بداية شهر حزيران. فالتدخل العسكري المباشر في سوريا والعراق لا يحظى بشعبية كبيرة في تركيا، خاصة وأن أنقرة تخشى موجه إضافية من اللاجئين السوريين والعراقيين التي من شأنها أن تجتاح البلاد. حيث يقيم في تركيا الآن أكثر من مليون ونصف لاجئ يخلقون توترا اقتصاديا واجتماعيا هائلا.
فتنظيم الدولة لا يشكل خطرا مباشرا على تركيا، ولكن في المقابل، فإن تحالفا سياسيا سنيا من شأنه أن يزعزع الطائفة العلوية الأكبر في تركيا، التي لا تتضامن مع تلك الموجودة في سوريا، والتي تعد حوالي 11 مليون نسمة، وفقا لبرئيل.