جماهير غزة تحفظ العهد لفتح
مشهد مهيب رسمته شوارع غزة بالأمس؛ مئات آلاف من المواطنين شيبا وشبابا نساء وأطفال تدفقوا في شوارع غزة احتفالا بانطلاقة حركة التحرير الوطنى الفلسطيني فتح؛ سائرين على أقدامهم يتوشحون كوفية الياسر ويرفعون الرايات الصفراء ويهتفون عاشت فتح. ويتسائل الكثيرين ما سر هذا الانتماء الذى يتجدد كل عام منذ 55 عام؛ ورغم كل التضيق والاعتقالات لأبناء الحركة إلا أنهم ما زالوا متمسكين بانتمائهم وملتزمين بنهجها؛ والسر هنا أن حركة فتح ليس تنظيما عابرا أو أيدلوجي بقدر ما تمثله حركة فتح من فكرة وطنية شاملة في محتواها التنظيمى لتشكل اسمى معانى الوطنية الفلسطينية؛ ففي فتح لا يجب أن تكون عضوا مؤطر أو كادر في الحركة لتكون فتحاوى بل يكفى أن تكون مؤمن بالوطنية الفلسطينية؛ وقد أثبتت التجربة أن فتح باقية وبازدياد وليس هناك تنظيم فلسطيني قادر على أن يحل محلها أو يكون مثلها مهما فعل .
ولم تكن حركة فتح صاحبة الرصاصة الأولى فقط فبعدها وقبلها انطلقت العديد من التنظيمات الفلسطينية وعملت جنبا إلى جنب مع حركة فتح بالعمل العسكرى وقدمت أبنائها شهداء وأسرى وجرحى فداء للوطن؛ ولكن فتح كانت وما زالت أم الجماهير حركة تضم في ثناياها كافة الشرائح المجتمعية المثقفين والمستضعفين والفقراء والأغنياء والعمال والشيب والشباب؛ فهى حركة شمولية تعبر عن مظهر الوطنية الفلسطينية والتي هي جزء من قومية عربية أكبر دخل من بوابتها كل من آمن بالوطنية الفلسطينية الحرة ذات القرار المستقل.
وتثبت حركة فتح في كافة مراحلها أنها نواة الدولة الفلسطينية لأنها نواة الوطنية الفلسطينية وكل التنظيمات ذات الفكر الأيدلوجى تنكمش في نظر المواطن مقابل الوطنية؛ لذلك وعلى امتداد خمس وخمسون عام ورغم كل ما تعرضت إليه فتح من محاولات محلية وإقليمية ودولية لإنهاءها استطاعت فتح أن تحافظ على بقائها واستمراريتها وما زالت تمثل عرين المشروع الوطنى الفلسطيني الذى يتوافق عليه كل فلسطيني وطني حر .
وأمام هذا المشهد الفلسطيني الوطني عميق الدلالات يتوجب على أصحاب القرار إعادة التفكير مليا وبجدية مطلقة في الاستراتيجية السياسية تجاه غزة؛ باعتبارها خزان الوطنية الفلسطينية الذى لا ينضب عبر الاهتمام والحفاظ على هذا الذخر الوطني وتدعيم مقومات بقائه وصموده في وجه كل المؤامرات التي تحاك لتصفية القضية الوطنية عبر فصل الضفة عن القطاع وتكريس الانقسام وتحويل القضية السياسية لقضية إنسانية تحل بمساعدات اقتصادية إنسانية؛ فيجب إنصاف أبناء غزه الذين خرجوا بالأمس رغم ضيق حالهم وأوضاعهم المأساوية بفعل ما آلت له الأوضاع في القطاع بسبب غياب السلطة الشرعية عنها لأكثر من عقد من الزمن؛ إضافة إلى ذلك ما تعرض له موظفو السلطة من خصومات وتقاعد مبكر ولكنهم برغم ذلك ما زالوا أوفياء لفتح ولقيادتها وعلى العهد مع شرعيتها؛ وهم بذلك يؤكدوا أن انتمائهم لم يكون لمصلحة خاصة وانما لفتح والوطن الذي دفعوا الغالى والنفيس من أجله؛ وكذلك إعادة الاعتبار لأهلها الذى أنهكهم الانقسام وأفقدهم الأمل في مستقبل فقدوا قدرتهم على رسم ملامحه لأبنائهم؛ والعمل على إنهاء هذه الحقبة السوداء من تاريخ شعبنا مهما كلف الجميع من تنازلات ؛ فهذه الجماهير تستحق الوفاء والتقدير ومنحها الفرصة لتختار من يكمل المسير معها.