بالصور: "ذكريات".. مبادرة فنيّة تجسد وجع الحرب وما تبقى من أمل
غزة / حلا الحوت / خاص سوا / في احدى زوايا مرسم بسيط تجدُ على قطعة اسبستية رسمًا لعصفور وطفلة باكية، اختارت له صاحبته اللونين الابيض والاسود، واستخدمت مجموعة من الاعواد الخشبية والاسلاك الحديدية لصنع قفص يغطي الطائر الصغير، في تعبير صريح عن الحرية الضائعة.
تقول الهام الاسطل صاحبة اللوحة لـ(سوا) انها أطلقت عليها اسم "الطفولة"، وهي واحدة من الاعمال الفنية التي تُنجزها الشابة العشرينية بشكل شبه يومي في ورشة صغيرة تعود للفنان التشكيلي حازم الزمّر.
وكان الزمّر قد حوّل سَطح منزله الذي يقع في "تل السلطان" غربي مدينة رفح جنوب قطاع غزة الى مشغل فني، يعمل فيه مع عدد من الفنانين التشكيليين على استغلال ركام المنازل التي دمّرها العدوان الاسرائيلي الأخير على القطاع في تصميم قطع فنية تروي حكايا المأساة والأمل والابداع.
ويسعى الفنان العشريني وخمسة من زملائه من خلال مبادرة أطلقوا عليها اسم "ذكريات" الى تخليد ذكريات أصحاب البيوت المدمرة، ويتطلعون لرسم ابتسامة بسيطة على وجوههم حينما يروّنها قائمة مرة ثانية، ولو بطريقة أخرى.
وتدعم المبادرة الفنية مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، وتأتي ضمن مشروع "100 همّة ولمّة"، الذي اتاح لعدد من الهواة الفلسطينيين تنفيذ حملات مختلفة لتلوين وتجميل ما خلّفه العدوان الأخير من آثار.
وتمكنت المجموعة الشبابية من جمع قطع متنوعة كالحجارة والاخشاب والاسبست وبقايا الالعاب من بين رُكام المساكن التي دمرتها آلة الحرب الإسرائيلية الصيف الماضي، وبعد تهيئتها للاستخدام الفني يقوم الفنانون بتنفيذ التصاميم المُتفق عليها بدقة ومهارة عاليَتين.
ويقول حازم لـ (سوا) ان الرسم على الواح الاسبست يبدو وسيلة مثالية لإبراز معاناة الناس وتجسيد الالم الذي يشعر به اصحاب المنازل المدمرة، ويتابع انه قام وزملائه بتصميم وتنفيذ مجسمات مصغرة لبعض البيوت التي طالها القصف الاسرائيلي بما يتضمن غرفها وتفاصيلها الصغيرة.
وتختلط مشاعر العاملين في الورشة بين الاحساس بالنجاح، والاسى الكبير لكون المواد التي يستخدمونها في عملهم كانت جزءًا من منازل احتضنت ساكنيها لأعوام طويلة، وباتوا اليوم بلا مأوى.
وحازت فكرة المبادرة على اعجاب طالبة الفنون الجميلة ولاء ابو العيش (21 عامًا) حين اقترحها عليها زميلها حازم، وعندما تبنتها مؤسسة تامر "بدأت المسؤولية" حسبما تقول، وتعبّر الفنانة الشابة لـ(سوا) عن سعادتها بالمشاركة في تنفيذ اول معرض يحمل اسمها وزملائها.
ويؤكد الفنانون التشكيليون على مواصلتهم استغلال القطع التي يعتبرها البعض "خردة" من اجل تحويلها للوحات وأعمال فنية، تجهيزًا لافتتاح معرض خلال الايام المقبلة يَدعون اليه اصحاب البيوت المدمرة وفنانين وصحفيين.
وفي آخر ايام المعرض الذي سيقام في مدينة غزة، ستُهدي "ذكريات" الاعمال الفنية الى اصحاب المنازل التي استعملوا ركامها لإنجازها، ليحتفظوا بها كذكرى "جميلة" لأيام غاية في القسوة.