بما أن الإنتخابات التشريعية والرئاسية والتي إنتظرها الشعب الفلسطيني لسنوات طويلة , محكوم عليها بالموت المؤكد , نظراً لقراءة الواقع , لكن القاتل المرتقب لا زال مجهولاً من بين القتلة , فهم كثر , ومع ذلك فالقاتل الأكثر إحترافاً والأقل ثمناً وتكلفة , هي إسرائيل , فمجرد رفضها لإجراء الإنتخابات في شرقي القدس , أو صمتها دون الرد على طلب السلطة , فهذا يعني قتلها ودفنها , وبدليل أن الأحزاب السياسية الفلسطينية والمختلفة أصلاً , إتفقت على أنه لا إنتخابات بدون القدس , علماً بأن القدس تنتهك وتهود يومياً , ولا أحد يطلق صاروخاً واحداً لأجلها .

في حال وافقت إسرائيل على الإنتخابات , فهل هذا يعني نجاتها من الموت؟ بالطبع لا , لأنه وإن تمت المعجزة , وتم إصدار المرسوم الرئاسي المزعوم , حينها ستدخل الأحزاب السياسية في دائرة الحوارات , فلا زال هناك مشاكل عالقة في ملف الإنتخابات , مثل : شرط الرئيس بأن يعترف رؤساء القوائم الإنتخابية ببرنامج منظمة التحرير , وكيفية تشكيل اللجان القضائية للإشراف على الإنتخابات , وكيفية إتمام الإنتخابات في ظل سلطتين تنفيذيتين منفصلتين تماماً " غزة والضفة" , وكيفية عمل الأحزاب المنافسة بحرية في دعايتها الإنتخابية في ظل الإنقسام , وكيفية الطعون القضائية في القوائم , سواء لأسباب فنية , أو لأغراض سياسية؟ كل هذه المشاكل وغيرها ستكون حاضرة على مائدة الحوارات بين الأحزاب السياسية , وأقل مشكلة ستكون كفيلة بأن تقتل الإنتخابات والى الأبد .

حماس وباقي الأحزاب يطالبون الرئيس بإصدار المرسوم , والرئيس يرى أن لا قيمة للمرسوم دون موافقة إسرائيل , ورغم أنهم متفقين سوياً على أن يسقط حق الشعب في الإنتخابات , وبسبب إستثناء القدس , وتبقى حكومة منظمة التحرير في الضفة , وحكومة الأمر الواقع في غزة , سيدتا الموقف , إلا أن علة الخلاف على توقيت إصدار المرسوم , هي أن حماس ترى بأن يكون المرسوم إشارة الى بداية ضغط شعبي وسياسي وإعلامي على إسرائيل , لأجل القبول بإجراء الإنتخابات في القدس , ويبدوا أن الرئيس غير مقتنع بهذه الوسائل , ويرى أن لاجدوى منها , ويبدوا أن حماس وباقي الأحزاب يرهنون وسائل الضغط المزعومة , بالمرسوم الرئاسي للإنتخابات , علماً بأن وسائل الضغط يجب أن تكون غير مرهونة عملياً بأي تاريخ , وغير مقيدة بكيفية معينة , فبإمكان أحزابنا أن تطلق رشقات من الصواريخ , أو تستخدم الأدوات الخشنة في مسيرات فك الحصار , من أجل الإنتخابات في القدس , كما إستخدمتها سابقاً من أجل المستشفى الأمريكي , والأموال القطرية وغيرها .

المطلوب من القيادة الفلسطينية والأحزاب الآن , أن تستعد سوياً لكيفية التعامل مع ملف الإنتخابات في القدس , وفي جميع الحالات , لأن صمت إسرائيل وعدم ردها على طلب السلطة بخصوص الإنتخابات , يشير الى رفضها , وبالتالي يتوجب على الجميع والى جانب وسائل الضغط وكيفيتها , أن يبتكروا طرق بديلة عن الطرق التقليدية للإنتخابات , كي يتمكن من خلالها أهل القدس بالإقتراع , دون مدايقات الإحتلال , فمثلاً من الممكن أن يذهبوا أهل القدس الى مناطق الضفة للإقتراع , إذا أمكن , أو يتم إستخدام طرق تقنية مبتكرة , تمكنهم من الإقتراع دون الحاجة لموافقة إسرائيل على أرض الواقع , إذا أمكن , وهذا كله يتطلب من القاتل , أن يتحول الى طبيب يعمل في غرفة الإنعاش , كي تبقى الإنتخابات على قيد الحياة , بعد إنتظارها طويلاً من الشعب المحروم .

كاتب صحفي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد