كانت أول انتخابات فلسطينية تشريعية ورئاسية قد جرت عام ١٩٩٦، اما الانتخابات الرئاسية الثانية فقد جرت عام ٢٠٠٥ اثر استشهاد الرئيس ياسر عرفات، في حين جرت الانتخابات التشريعية الثانية في العام ٢٠٠٦. في كافة هذه الانتخابات شارك المواطنون الفلسطينيون فيها في كل من الضفة الغربية - بما فيها القدس الشرقية - وقطاع غزة .


وبينما تتوافق كافة القوى الوطنية والإسلامية، فصائل وأحزاباً ومجتمعاً مدنياً على أن لا انتخابات بدون القدس، الا أن إشارات يجب ان تؤخذ بالاعتبار، حول مدى استجابة الاحتلال لعقدها في القدس الشرقية هذه المرة، كما في المرات السابقة، خاصة بعد القرار الأميركي حول اعتبار القدس عاصمة للدولة العبرية، إلا ان ذلك ليس العائق الوحيد أمام القرار الإسرائيلي بالاستجابة للمطلب الفلسطيني، فإسرائيل باتت على علم بأن لا انتخابات فلسطينية بدون وفي القدس، وإجراء هذه الانتخابات قبل الانتخابات الإسرائيلية له اكثر من مغزى لا تريد دولة الاحتلال تمريره، كما ان حكومة انتقالية إسرائيلية، كما هي الحال الآن، لا يمكن لها ان تتخذ قراراً بالموافقة على عقد الانتخابات الفلسطينية في مدينة القدس، إضافة الى ان قراراً إيجابياً من شأنه ان يضعف حظوظ نتنياهو وأحزاب اليمين قبل الانتخابات الإسرائيلية أوائل آذار القادم، وستشكل هذه المسألة ميداناً للحملات الانتخابية بين فرقاء وخصوم مختلف القوى الإسرائيلية التي تتطلع الى توازنات جدية يمكنها من الفوز في الانتخابات التشريعية الثالثة هذا العام.

صياغة الشرط الفلسطيني، على لسان الرئيس محمود عباس ، على ضرورة وأهمية عقد الانتخابات التشريعية في «القدس» له اكثر من دلالة، فاذا كانت الانتخابات التشريعية والرئاسية السابقة قد جرت في القدس الشرقية، فإنها قد جرت عملياً في مراكز البريد وفي ضواحي المدينة، وعبر نقل الاحتلال لصناديق الانتخابات، هذه المرة، المطلوب ان تجري الانتخابات داخل مدينة القدس الشرقية، وتحت الرقابة الفلسطينية، لأسباب سياسية بطبيعة الحال، ولاسباب اجرائية، ذلك ان عقدها من دون وسائل الرقابة المتعارف عليها، قد يجعل من هذه الانتخابات تحت طائلة الطعون بصحتها ومصداقيتها وشفافيتها.


هناك صمت إسرائيلي حول الموقف من الانتخابات الفلسطينية في شرقي القدس المحتلة، رغم الجهود الدولية الضاغطة من اجل الموافقة على عقدها، مع ذلك ووفقاً لقناة «كان» العبرية، فإن المستوى الأمني الإسرائيلي يجري نقاشات مستفيضة حول هذه المسألة، فهناك من يرى ان الموافقة تهدد السيادة الإسرائيلية على مدينة القدس التي تعتبر من وجهة نظر الاحتلال عاصمة إسرائيل الأبدية، وان هذه الموافقة ستعزز من قوة حركة فتح، كما تتيح لحركة حماس الدعاية والقيام بحملاتها الإعلامية، في حين طرح البعض في هذه النقاشات ان الموافقة، من جانب آخر ستحدث ردود فعل ايجابية على المستوى الدولي، كما ان من شأن ذلك، تعزيز وعودة تأثير اتفاق أوسلو على الملف الفلسطيني - الإسرائيلي، وإبقاء حركة حماس تحت سقف هذا الاتفاق.


عقد الانتخابات الفلسطينية، تشريعية او رئاسية، لم تعد مسألة تتعلق فقط بتجديد العقد الاجتماعي، ليست مجرد مسألة ديمقراطية، على أهميتها، ذلك أنها تكتسب أبعاداً سياسية بامتياز، من هنا، وبصرف النظر عن الموافقة الإسرائيلية من عدمها، يجب ان يتم التعامل مع هذه المسألة باعتبارها مسألة نضالية وطنية، وبحيث يتم دعوة الناخبين والمرشحين لإجراء الانتخابات، حتى لو تمت مواجهة الاحتلال لهذه العملية، يجب فرض ذلك بكل الوسائل من اجل الإبقاء على القدس عاصمة لوطن نستحقه!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد