بينما ينتظر الشعب الفلسطيني وفصائله المرسوم الرئاسي حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية، بعد تذليل كل العقبات وموافقة الجميع رسميا، فاجأتنا السلطة الفلسطينية بتقديم طلب للاحتلال للسماح بإجراء الانتخابات في مدينة القدس .
مبدئيا فإن طلب السلطة الإذن من الاحتلال لإجراء الانتخابات في المدينة المقدسة مرفوض بكل المقاييس السياسية والوطنية، كيف نستأذن ممن يقتل القدس كل يوم وينتهك أقصاها وحرماتها ويمنع أهلها من أبسط حقوق الإنسان أن يسمح بعملية ديمقراطية حرة؟!
كان الأجدر بقيادة السلطة إصدار المرسوم الرئاسي ابتداء، وتضع الاحتلال أمام الأمر الواقع، وأن تجعل من إجراء الانتخابات في القدس معركة وطنية في كل الاتجاهات، وليلاحق الاحتلال المرشحين والمقترعين وصناديق الاقتراع والدعايات الانتخابية والمهرجانات من موقع إلى آخر، وليسمع العالم ويرى ويدقق ما الذي يجري في القدس وحاراتها وشوارعها بين شعب يتوق للحرية وجيش إرهابي مدجج بالسلاح.
وإذا كان إجراء الانتخابات في القدس عامي 1996 و2006 واجبا فإن إجراءها في أي انتخابات فلسطينية قادمة أوجب وأوجب، لا سيما مع قرارات الإدارة الأمريكية الأخيرة بعدِّ القدس عاصمة لـ (إسرائيل)، ونقل السفارة الأمريكية إليها.
الاحتلال يعد القدس جزءا لا يتجزأ من كيانه، وعاصمة لدولته، وستزداد المزاودات بين قادة الاحتلال حول القدس في ظل التنافس الانتخابي مع إقرار إجراء انتخابات إسرائيلية ثالثة.
ورغم توقعي رفض الاحتلال إجراء الانتخابات الفلسطينية في القدس، وقد يؤجل رده إلى فترة قد تمتد لما بعد الانتخابات الإسرائيلية، بيد أنه قد يوافق بطريقة ماكرة يرسخ فيها سيطرته على القدس، بحيث يسمح لمن يريد المشاركة في الانتخابات بالاقتراع خارج المدينة أو التهديد بالملاحقة والاعتقال وسحب الهوية لمن يشارك.
القدس تمثل عنوانا للصراع مع الاحتلال، وعمليات الاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم البيوت والحصار وعزل المقدسيين سياسيا وتدميرهم تعليميا واجتماعيا واقتصاديا والحرب الشرسة ضد المؤسسات والشخصيات سياسة إسرائيلية لم تتوقف، وينتابني القلق من لجوء جهات فلسطينية إلى صيغ حلول لمشاركة المقدسيين بطريقة تعكس خضوعا أو تماهيا مع رؤية الاحتلال، أو أن يتخذ البعض رفض الاحتلال ذريعة للتهرب من الانتخابات!
إن القيادات الفلسطينية كافة مدعوة لأخذ زمام المبادرة، واتخاذ قرار بالمواجهة مع الاحتلال في القدس، وفرض إجراء الانتخابات داخلها رغم أنف الاحتلال، ولتكن معركة وطنية بامتياز ينخرط فيها الجميع، نعم، قد تلحق بنا خسائر في الأرواح والممتلكات وغيرها بسبب المواجهة، وأي شعب حقق حريته ودافع عن حقوقه ووطنه دون أثمان كبيرة؟ لكننا بالمقابل سنؤكد للعالم قيمة القدس وتمسكنا بها، وأنها الجزء الأهم من أرضنا، وعاصمة أبدية للدولة الفلسطينية، ولا بديل عنها.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد