أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني حالة من الشك وعدم اليقين ويمر في مرحلة مفصلية لم تحدد نهايتها بعد نظرا لتواصل السلطات الاسرائيلية احكام حصارها لقطاع غزة ، بإغلاقها كافة المعابر الحدودية المتاخمة لقطاع غزة، مكرسة معبر كرم ابو سالم معبراً تجارياً وحيداً للقطاع، علماً بأنه غير ملائم للأغراض التجارية من حيث ضعف قدرته التشغيلية، فضلاً عن بعده من مدينة غزة والتي تعد مركز النشاط الاقتصادي في المحافظات الجنوبية الامر الذي انعكس سلباً على الاقتصاد الفلسطيني ليخلف واقعاً مريراً ألقى بظلاله الخطيرة على مجمل الحركة التجارية، حيث توقفت غالبية المنشآت الاقتصادية والتجارية الواقعة في المنطقة الصناعية بغزة، فضلاً عن الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني كالبطالة والتضخم والفقر، وعلى سبيل الحصر فان معاناة قطاع غزة من أزمة انقطاع غاز الطهي والتي أشبه بأن تكون كالمد والجذر بسبب اغلاق معبر كرم ابو سالم بين فترة وأخرى، ووفقا لمتابعة المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، لا يتجاوز ما تسمح به سلطات الاحتلال بتوريده من غاز الطهي بمتوسط ال98 طناً يوميا أي أقل من نصف الاحتياجات اليومية لسكان القطاع والبالغة مائتي طناً يومياً، بالاضافة الى الحظر شبه التام المفروض على صادرات القطاع من المنتجات الزراعية والصناعية باستثناء تصدير لبعض المنتجات الحقيقية سابقاً مثل الورود والتوت الأرضي والتوابل. ومما لا يدع مجالاً للشك بأن تبعية الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي في مجالات التجارة الخارجية والبنية التحتية والخدمات الحيوية واستيراد مدخلات الصناعة ومنع المساعدات الدولية لبعض المشاريع وتراجع القدرة الانتاجية والتشغيلية لصالح القطاعات الخدمية المرتبطة بالاقتصاد الاسرائيلي من شأنه بأن يساهم في جعله اقتصاداً خدماتياً واستهلاكياً للأسواق الاسرائيلية، كما يساهم ايضا في تراجع معدل الناتج المحلي الاجمالي الذي يؤثر بشكل مباشر على تطوير الدخل القومي الاجمالي والتنمية المستدامة والتوسع في الصناعة والزراعة والتشغيل المباشر للعمالة في مجالات الانتاج الاستراتيجي، الذي بات يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية وعوائد العمالة الفلسطينية في اسرائيل والمعونات الانسانية . ويشار بشأن الأزمة المالية التي تمر فيها السلطة وتدوير المال العام الذي يعرف علمياً بأنه ضخ أموال في مشاريع معلومة و مشروعة و التفكير في طرق استرجاع رأس المال في اسرع وقت ممكن مع أكبر نسبة من الارباح بدون التفكير في التطوير أو الاستمرارية للمشروع من عدمها في كلا الحالتين يعتبر ضامن بأن المبلغ المدفوع سوف يسترد. ووفقا لخصوصية الحالة الفلسطينية سوف تكون هنالك إشكالية لدى عدد من الدول المانحة باعتباره يقوض تطوير اقتصاد فلسطيني حر، ويحدّ أيضا من قدرة السلطة على تقديم الخدمات للمواطنين بشكل أفضل وسيزيد من الأعباء الاقتصادية وسيثقل خزينة الدولة. ويمكننا التحرر ومعالجة جزء من الاشكالات الاساسية التي يعاني منها مكونات الاقتصاد الفلسطيني وتنمية قدراته، من خلال الزام الدور العربي أمام مسئولياته تجاه تعويض المساعدات الدولية والاجنبية المرتبطة بشروط سياسية واقتصادية مقيدة وتسهيل حرية حركة وتنقل العمالة ورأس المال والتكنولوجيا والمساهمة في توفير جهد فلسطيني – عربي مشترك لتطوير العلاقات الاقتصادية الفلسطينية – العربية الرسمية والاهلية من أجل تحقيق تكامل واندماج للاقتصاد الفلسطيني بالاقتصادات العربية بديلا لارتباطه وتبعيته بالاقتصاد الاسرائيلي، وهذا لا يعفي المجتمع الدولي الوقوف امام مسئولياته الذي تعهد بها تجاه قطاع غزة لرفع الحصار والضغط على اسرائيل ل فتح المنافذ البرية لإعادة الاعمار وتعزيز القدرات الذاتية في تحقيق النمو الاقتصادي. وحتى نتمكن أيضا من تفعيل دور سياسية التحرر فإنه يتطلب بتوفير حزمة من التشريعات الناظمة والحامية للاقتصاد والاستثمارات في فلسطين وتوفير بيئة محفزة وجاذبة للاستثمارات المحلية والعربية والاجنبية وأن يتم توحيد القوانين التجارية بين الضفة الغربية وقطاع غزة وذلك لمعالجة الازدواجية في القرارات والقوانين والتشريعات والإجراءات والضرائب والجمارك بين الضفة الغربية وقطاع غزة والتي نمت وازدادت خلال فترة الانقسام، والتي أثرت على القطاع الخاص في قطاع غزة وساهمت في اضعافه، كما يتوجب تفعيل وانشاء المؤسسات الاقتصادية الكبرى في قطاع الصناعة على نمط الشركات الصناعية المساهمة العامة والمختلطة بين القطاعين العام والخاص لمواجهة هذا الضعف في البيئة الصناعية ونقلها من طابعها الحرفي الفردي والعائلي الى طابعها الانتاجي العام الكفيل وحده بتطوير القطاعات الانتاجية في البلاد من أجل النهوض بالاقتصاد الفلسطيني. ويتطلب أيضاً بضرورة التخطيط السليم ووضع الخطط التنموية التي تتناسب مع حاجات وموارد الشعب الفلسطيني، مع أهمية إشراك رؤساء الاتحادات ورجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني في إعداد الخطط الاقتصادية، ولابد لأي خطة أن تهدف في الأجل المتوسط والطويل إلى إنعاش وتطوير وتنمية الاقتصاد الفلسطيني. وأخيرا فلنضع أجندتنا واحتياجاتنا الاقتصادية أمام العالم ونتمسك بها مهما كان الثمن لأننا في عمق الزجاجة ولن نغير شيئا دون هذه التحدي ويجب أن نخرج بحلول جدية تتمثل بالسعي لإنهاء التبعية الاقتصادية المطلقة للاقتصاد الإسرائيلي ولن يكون هناك تنمية مستدامة الا بتوفر أسس علمية لنجاحها، لذا يجب أن نعمل على خلق بيئة طبيعية ثم بيئة ممكنه لنجاح الاقتصاد وتطوره.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية