كيف هربت حماس الفولاذ ومواد البناء لغزة ؟

تل أبيب/سوا/ ظهر التاجران الإسرائيليان "تسيون بن حمو " و" يورام الون " من خلال لائحة الاتهام المقدمة ضدهما كتاجرين جشعين لا يعرفان حدود، دفعهما جشعهما الى مساعدة " حماس " في قطاع غزة عبر المشاركة في شبكة تهريب ساهمت كثيرا في رفع مستوى قوة حماس وذلك مقابل تلقيهم 2 مليون شيكل فقط لا غير.

استهل موقع " nrg " تحقيقه المطول والموقع باسم الصحفي "يوفال ازولاي" الذي تناول فيه ما اسماه بشبكة تهريب مواد محظورة من إسرائيل إلى حماس بالتعاون بين تجار وصناعيين إسرائيليين وفلسطينيين وتكشفت ملامحها بعد اعتقال رجلي الصناعة والتجارة الإسرائيليين سابقي الذكر وتقديم لائحة اتهام ضدهما نهاية الأسبوع الماضي.

وقال: "أحد الصناعيين الإسرائيليين الكبار الذي طلب عدم ذكر اسمه أو طبيعة عمله أو حجم دوره في الشبكة في وصف الصناعيين المعتقلين " هؤلاء الرجال جديون جدا بنوا انفسهم بأيديهم وبعملهم الشاق وإذا قررت أن تضع قائمة تضم اكبر عشرة أشخاص في سوق الحديد والمعادن الإسرائيلية ستجدهما ضمن هذه القائمة ".

وتحدث احد رجال صناعة أخر عن المعتقل "يورام الون " الذي يعتبر واحد من كبار مستوردي الحديد في إسرائيل قائلا" ألان توجد في ميناء اسدود سفينة خاصة به تحمل على متنها 50 ألف طن من الفولاذ استوردها من الصين وألان عليك أن تبدأ بحساب الأسعار 50 ألف طن* 550-500 دولار للطن الواحد تجد نفسك تتحدث عن أموال طائلة وهذه هي حجم الأموال التي يتعامل بها هؤلاء التجار وبالنسبة لهم مليون شيكل هنا او 2 مليون هناك عبارة عن أموال لا تستحق الحديث بالنسبة لهؤلاء ".

ويسكن "يورام الون " في مدينة تل ابيب ويعمل مديرا عاما لمصانع "بولبيح بيت شيمش " ويملك 35 من اسهم شركة "ألون احزكوت" التي تسيطر على 50% من اسهم شركة "بوليرين " و 50% اخرى من شركة تسويق الفولاذ "ايرون سنتر" و 50% من اسهم "بوليرين " يملكها شريكه في العمل وفي ورطة التهريب المعتقل معه " تسيون بن حمو".

فور اعتقالهما اتصل "الون" و " بن حمو" بمحامي متخصص في قضايا النخبة في محاولة منهم تخليص أنفسهما من الورطة ويمثل المحامي "تسيون امير" وهو محامي رئيس الدولة السابق "موشه كتساف" المتهم "بن حمو" فيما يمثل فيما وكل "الون" محامي ايل روزوبسكي " الذي مثل رئيس الوزراء السابق اهود اولمرت و المحامي "روعي بلكر" الذي كان هو الأخر ضمن طاقم دفاع " اولمرت".

وفضحت لائحة الاتهام المقدمة ضد الون وبن حمو، وإسرائيلي أخر يدعى "ميخا برتس" من سكان منطقة اشكول طريقة عمل شبكة التهريب التي أقامتها "حماس" قبل عملية "الجرف الصامد" وبعدها أيضا حسب تعبير لائحة الاتهام التي قدمت أمام المحكمة المركزية في بئر السبع.

وتتهم النيابة العامة الثلاثة المذكورين بتقديم المساعدة للعدو زمن الحرب والاتجار المحظور مع "إرهابيين" وإقامة علاقة واتصال بهدف مساعدة العدو في حربه ضد إسرائيل والاتصال بعميل خارجي وتلقي أموال بالاحتيال ضمن ظروف خطيرة وتبيض الأموال ومخالفات أخرى.

وفقا للائحة الاتهام شكل الفلسطيني "اسامة زعروب" وهو تاجر من غزة عقد العديد من صفقات شراء الحديد من إسرائيل وباعها لحكومة حماس رجل الاتصال الأول مع التجار الثلاثة " الون، بن حمو ، ميخا " حيث اشترى منهم الحديد عبر آلية التهريب .

ورغم أن التاجرين الإسرائيليين موصوفان في عالم الأعمال بأنهما جديين جدا أظهرتهما لائحة الاتهام كجشعين لا يعرفان حدود عملهما في الظلام من خلف ظهر الدولة حتى بعد ان قامت الجهات المعنية بتوضيح طبيعة شريكهما الفلسطيني وقالت له بأنه مجرد "عميل" لحركة حماس.

وفقط خلال التحقيق اتضح الحجم الهائل للمشتريات التي قام بها "اسامة" باسم حماس حيث بلغ حجم هذه المشتريات 30 مليون دولار وخصصت هذه المشتريات لتطوير وإنتاج الصواريخ وربط قيادات حماس بشبكات الاتصال وحفر شبكة واسعة من الأنفاق الهجومية.


كانت الشبهات الأولى التي أفضت إلى كشف تفاصيل شبكة التهريب في "يناير 2014 " وذلك في معبر "كرم ابو سالم" جنوب قطاع غزة حيث اكتشف رجال الأمن والمراقبين التابعين لوزارة الجيش إرساليتين بواقع 130 طنا من ألواح "الصاج المطلي " أو كما يعرف تجاريا "صاج مغلفن" تم استيرادها من " بوليباح بيت شيميش " وتم تسجيل الإرسالية باسم " اسامة زعروب" الأمر الذي أشعل ضوء احمر داخل مكاتب الشاباك الذين علموا تمام العلم طبيعة علاقة هذا التجار بحركة حماس لذلك قاموا بجمع معلومات مؤكدة عززت شكوكهم حوله وتم مصادرة إرسالية " الصاج" رغم انف التاجر الغزاوي والتاجرين الإسرائيليين.

ووفقا للائحة الاتهام توجه التاجر"زعروب" او من يمثله في تلك الفترة الى التاجر "الون" وطلب منه فحص إمكانية تخليص "البضاعة المصادرة " ونقلها إلى غزة وفي هذه الأثناء استدعى المستشار القضائي لوزارة الجيش ممثل التاجر "زعروب" المحامي "منير عزام " وممثلي "بولباح " بينهم مدير عام الشركة " الون " لحضور جلسة استماع مستعجلة وقال المستشار محذرا " الون " في بداية جلسة الاستماع "زعروب ليس مجرد تاجر ساذج " .

واستمع "الون" من فم المستشار القضائي لوزارة الجيش حديثا مطولا عن البضائع التي يستوردها هذا التاجر وتجد طريقها في النهاية إلى حماس وطلب منه وقف علاقته بالتاجر "زعروب" .

جاء في لائحة الاتهام "رغم ان الون كان على علم ومعرفة بالقيود الأمنية المفروضة على الاتجار مع التاجر زعروب واصل الاتصال به واستمرت العلاقة بينهما ".

وهنا أدرك "زعروب" بأنه تحت رقابة عيون الشاباك لكنه لم يسارع الى التنازل عن علاقته التجارية مع "الون" و "بن حمو" وأثبتت تحقيقات الشاباك وسلطة الضرائب ان "زعروب" حاول الالتفاف على القيود الأمنية المفروضة عليه وعلى الاتجار معه وقام بتجنيد تجار اخرين من القطاع بينهم شقيقه "ناجي زعروب" الذي لم يكن حينها يثير اي شبهات أمنية تتعلق بعلاقاته مع حماس .

ومع الوقت طور "زعروب" شبكة الخداع التي أقامها واقام شركة باسم "جسر المستقبل مسجلة لدى سجل الشركات في رام الله باسم شقيقيه "ناجي وتامر" واستمر تدفق طلبيات الشراء الخاصة بالتاجر "زعروب" الى " بوليباح" في بيت شيمش" حيث خرجت الشاحنات محملة بالحديد باتجاه الجنوب فيما حملت الإرساليات أسماء مشترين وهميين أملاها التاجر "زعروب " وذلك في سياق خديعة تهدف إلى مراكمة الصعاب والعقبات أمام المراقبين الامنيين في المعبر وتمويه هوية التاجر الحقيقي صاحب البضاعة " الزعروب" وفقا للائحة الاتهام.

وأظهرت الاتهامات الموجه للتاجر "بن حمو" ان 20 إرسالية حديد وصلت غزة في الفترة الواقعة بين نيسان 2014 الى يناير 2015 غالبيتها أرسلت بعد عملية "الجرف الصامد" بقيمة إجمالية بلغت 2:3 مليون شيكل .

وجاء في لائحة الاتهام المقدمة ضد التاجر"الون" ان ألواح "الصاج" التي باعها للتجار الوهميين استخدمت ضمن أشياء كثير في صناعة أبواب المعسكر تدريب تابع لحماس.

وذكرت لا ئحة الاتهام تفاصيل 8 صفقات عقدتها شركة " بوليباح" مع مشترين وهميين منذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية شهر يناير بقيمة وصلت الى مليون شيكل فيما بلغت قيمة صفقات حديد أخرى أبرمت بين تجار وهميين وشركات أخرى مثل " ايرون سنتر" التي يمتلك " لون " 50% منها 300 الف شيكل.

ووفقا للائحة الاتهام امتنع التاجر الفلسطيني من الحضور مقابلات دعي إليها في إسرائيل وذلك نتيجة تحذيرات نقلها له "بن حمو " ما أحبط عملية اعتقاله .

وهناك شخصية اسرائيلية هامة لعبت دورا مركزيا في هذه القضية الامنية التي تصفها اسرائيل بالاخطر وهو "ميخا بيرتس" الذي يقيم في كيبوتس "مفتحيم" في منطقة شكول التي عانت من الاف الصواريخ وقذائف الهاون دون ان تردع "ميخا" عن السعي لجني الارباح والموال عبر العلاقة المريبة التي اقامها مع التاجر"زعروب ".

ووفقا للائحة الاتهام حول "ميخا" ساحة منزله في "مفتيحم" إلى محطة انتقالية يخزن فيها الحديد والبضائع الأخرى قبل أن تواصل طريقها إلى غزة والى هذه الساحة وصل الحديد بأنواعه الذي طلبه "زعروب" من " بن حمو " و" الون ".


وحذرت الشرطة وادارة معبر كرم ابو سالم "ميخا" في أيار الماضي بان التاجر الذي يتعامل معه ينقل البائع الموجودة في ساحة منزله إلى حماس.

ووفقا للائحة الاتهام عمل "ميخا" على فرز البضائع التي تصله من شركات الحديد المختلفة التي يملكها "الون" وبن حمو" تخزينها في ركن من ساحة منزله ومن ثم يقوم بتحميلها على مستوداعت مناسبة ومن ثم ينقلها وفي أوقات مختلفة إلى غزة على متن شاحنات يملكها شخصيا ومع وصول الشاحنات الى المعبر تخضع للتفتيش على الجانب الإسرائيلي عبر نظام كشف خاصة وكذلك تفتيشا مباشرا تقوم به طواقم رقابة وتفتيش خاصة تابعة لوزارة الجيش وفي نهاية التفتيش يتم تفريغ البضاعة من الشاحنة وتحميلها مرة أخرى عبر أسلوب " ظهر إلى ظهر" على متن شاحنات فلسطينية تنقلها الى داخل القطاع.

واتضح وفقا للائحة الاتهام المقدمة ضد "ميخا" ان "زعروب" طلب نهاية 2014 من شركة " بوليباح " التابعة إلى "الون" إرسالية من 40 طنا من الحديد " الصاج" و 60 طنا من حديد البناء ومنتجات الألمونيوم وفي محاولة منه لتمويه مصدر الحديد طلب "زعروب" من "ميخا" أن يزيل من على الإرسالية أية اشارة تشير إلى أن شركة "بولي بياح" هي مصدرها إزالة كافة مواد التغليف التي تحمل اسم الشركة وذلك قبل تحميلها على ظهر الشاحنات التي ستنقلها إلى غزة

كشفت تحقيقات الشاباك بأن عمليات التهريب إلى غزة شملت أيضا مواد مزدوجة الاستخدام كتلك التي يمكن استخدامها في صناعة الوسائل القتالية علما بان الاتجار في هذه المواد ونقلها إلى غزة مرهون بالحصول على تصريح خاص وفقا لقانون الرقابة على التصدير الأمني وفي هذه الحالة لم يصدر مثل هذا التصريح .

ووصف الشاباك شبكة التهريب التي اكتشف أمرها الأسبوع الماضي بأنها منظومة فعالة جدا شغلها ناشط في حماس بهدف شراء مواد تستخدم في زيادة وتعظيم قوة التنظيم العسكرية والحديث يدور عن وسائل ومواد استخدمها التنظيم" حماس" لإقامة منشات عسكرية وأنفاق قتالية وبناء معسكرات تدريب وإنتاج وسائل قتالية.

وتعتقد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بان "قناة زعروب" تحولت الى قناة تهريب رئيسية بالنسبة لحماس في ظل الصعوبات الكبيرة التي تواجهها في تهريب احتياجاتها من سيناء بسبب العمليات التي يقوم بها الجيش المصري .

ووفقا للشاباك "فقد خصصت كوابل الفولاذ التي تم تهريبها عبر شبكة "زعروب" في شق الأنفاق وتطويرها وكذلك الأمر مع ألواح "الصاج" والبلاستيك والخشب والاسمنت وغيرها.

وتشير التحقيقات الى دفع "زعروب" مبلغ 1:5مليون شيكل شهريا لأصحاب مخازن وشاحنات إسرائيلية فيما تشير معطيات وزارة الجيش التي نشرتها هذا الأسبوع الماضي إلى إحباط 240 محاولة تهريب بضائع إلى غزة عبر " كرم ابو سالم " وذلك خلال عام 2014 و 40 محاولة تهريب أخرى تم إحباطها في الأشهر الأولى من عام 2015 .

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد