للمرة الثانية على التوالي تصرح وزارة المالية أنها ستصرف راتب كامل ومستحقات شهر أغسطس للموظفين العموميين في غزة والضفة , وأعلنت أيضاً أنه لم يتبقى في ذمة الحكومة سوا مستحقات شهر سبتمبر , والتي ستصرفه بجانب الراتب القادم , وبالطبع هذا التصريح والغير دقيق , لا يليق أن يخرج على لسان وزارة مالية وحكومة , فهو ينقلنا من السؤال المهم , وهو , هل يوجد أزمة مالية فعلاً؟؟ الى السؤال الأهم , وهو , لماذا وزارة المالية تعلن عبر وسائل الإعلام عن صرف راتب كامل , وفي حقيقة الأمر هو راتب إلا ربع؟؟
لا أريد أن أتحدث عن هذا الموضوع من باب تسييس الرواتب , وأقول أن قرار الرواتب لا يزال بيد الرئيس , وأن سياسة تصفية الحسابات لا تزال قائمة , وأن الموظفين لا يزالوا يدفعون الأثمان , لأن هذا الكلام عبروا عنه الكثيرون ومن باب الخصومة السياسية , ولكنني أريد الحديث عن حق ضايع وسيسقط بالتقادم , والأخطر من ذلك هو سياسة الترويج بأن هذا الحق أصبح بيد صاحبه , وهذا ما عبرت عنه وزارة المالية ومن خلال التصريحات عن رواتب الشهرين الماضيين "إكتوبر ونوفمبر" , وقد يتحمل الموظف مسألة أن وزارة المالية في أزمة مالية , وبصرف النظر عن دقة هذا الكلام ومن عدم دقته , ولكنه لم يتحمل أن يقرأ تصريحاً لوزارة المالية , يعد بمثابة وثيقة قانونية للرأي العام , تفيد بأنه يحصل على كامل حقوقه , لأنه وبذلك سيحمل عبء نتيجة هذا التصريح "الوثيقة القانونية" , وسيكون ملزم بسداد أقساط معيشية أكبر من راتبه الحالي والمحسوب عليه راتب كامل مع مستحقات , وربما يقع في مشاكل قانونية مع الجهة المدان إليها بسبب تصريح وزارة المالية .
الموظف أصبح يصرخ بداخله ولا يستطيع الصراخ جهراً , لأنه وبكل بساطة يريد الحفاظ على ما تبقى من راتبه , ورغم ذلك سمعنا قبل شهور عن من دخلوا السجن , وعن من حاولوا الإنتحار , وعن من أصيبوا بالجلطة , وعن من بكوا كالأطفال أمام كاميرات الإعلام , لأنهم أصبحوا مطاردين الى صاحب الدكان , أو صاحب الشك أو الكنبيالة , أو قسط الجامعة أو المدرسة...إلخ , وزد على ذلك أن الموظف يعجز عن شراء روشتة دواء , كما وأن بيته يخلوا من أبسط مقومات الحياة , وكل ذلك بسبب أن راتبه المبتور يكاد يغطي الديون المتراكمة منذ ما يسمى بأزمة الرواتب قبل ثلاث سنوات .
لا أريد أن أتحدث عن المبالغ التي إستلمتها وزارة المالية خلال الأشهر الماضية , وأن الأزمة المالية إنتهت , وأن مستحقات الموظفين تبدأ من مارس 2017 وليس من فبراير 2019 , وأن هناك شهر كامل في ذمة وزارة المالية وهو مارس 2018 , ولكنني أطلب من وزارة المالية أن تصرح بالحقيقة , ولا تدعي أنها تستوفي حقوق الموظفين , فإذا إستمرت وزارة المالية بهذه التصريحات , فهي ستكون متهمة بالترويج لمرحلة قادمة , مفادها أن الراتب إلا ربع هو الراتب الكامل , وأن الفوارق البسيطة بين النسب هي كامل المستحقات.. فأرجو من وزارة المالية أن تحافظ على هيبة ومصداقية الحكومة , وأن تحافظ على كرامة الموظفين .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية