طالب مشاركون في مؤتمر علمي بعنوان "المقاومة الشعبية في فلسطين أدباً وممارسة"، بتطوير المقاومة الشعبية الفلسطينية وأشكالها، وإنشاء صندوق مالي خاص لدعم هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وتعزيز صمود المواطنين.

وشدد المشاركون خلال المؤتمر الذي عقدته جامعة القدس المفتوحة وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، اليوم الاثنين، تحت رعاية محافظ قلقيلية اللواء رافع رواجبة، على أهمية توظيف التقنيات الرقمية الحديثة لخدمة القضية الوطنية والمقاومة الشعبية وأشكالها واستثمارها لفضح ممارسات الاحتلال وعدوانه على الشعب الفلسطيني.

ووفقاً للوكالة الرسمية، دعا المشاركون الجهات المتخصصة إلى بناء قاعدة بيانات وتعميمها للاستفادة منها في استمرار المقاومة الشعبية الفلسطينية، والاستفادة من التجارب السابقة بما فيها تجارب الشعوب الأخرى.

وطالب المشاركون بربط الدراسات التي تعنى بالمقاومة الشعبية بالجوانب المختلفة للحياة الفلسطينية السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، منوهين إلى أهمية الاستفادة من تجربتي بلعين والخان الأحمر في الوقوف في وجه جدار الضم والفصل العنصري، وتطوير المقاومة الشعبية لتكون أكثر نجاحاً وتحقيقاً للأهداف الوطنية.

وأكد المشاركون ضرورة تعميم تجربة مسيرات العودة الكبرى للوقوف في وجه الاحتلال وإفشال مخططاته، داعين إلى الاستعانة بالمناهج البحثية الحديثة والمعاصرة في تحليل النصوص الإبداعية المقاومة.

وأوصوا بدراسة الإبداعات الأدبية التي تناولت المقاومة الشعبية الفلسطينية ونقدها في ضوء واقعها وقيمتها الفنية، مشيرين إلى أهمية الارتقاء بمستوى المقاومة الشعبية حتى تصبح ثقافة وطنية شاملة.

وقال محافظ قلقيلية رافع رواجبة:" إن هذا المؤتمر ينعقد في ظل ظروف صعبة تمر بها القضية الفلسطينية والمشروع الوطني، مؤكداً أن ما تواجهه القضية حالياً هو مؤامرات لتصفيتها وتجاوز الحقوق الوطنية الفلسطينية".

ودعا إلى مراجعة كل الأدوات والأساليب والوسائل النضالية وبناء برنامج وطني واسع لتغطية الفعاليات الشعبية في كل ساحات الوطن.

وطالب رواجبة أبناء شعبنا بالمشاركة في فعالية يوم الغضب يوم غد رداً على التصريحات الأميركية المشرعنة للاستيطان، للبرهنة للعالم أن المقاومة ليست اسماً إنما متجذرة على الأرض.

ولفت إلى عربدة قطعان المستوطنين في المناطق الفلسطينية المختلفة تحت غطاء وحماية من قوات الاحتلال، داعياً إلى ضرورة تلقينهم دروساً ودفعهم إلى الانسحاب من أراضينا.

وقال رواجبة: "إنها أرض فلسطين والقدس المقدسة، وأبناء شعبنا سيذودون عنها بصدورهم كما حموا الأقصى بصدورهم، ولا نريد من أحد مَنّاً، فأصلنا كنعان وطرَدنا كل الغزاة الذين مروا، وسندحر الاحتلال، لتبقى القدس عاصمة لدولتنا الفلسطينية المستقلة، ولتنفيذ وصايا الشهداء برفع العلم الفلسطيني على مساجدها وكنائسها".

بدوره، قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف: إن الأراضي الفلسطينية تشهد هجمة استعمارية محمومة، وتتسارع في تنفيذ المشروع الاستعماري بشكل لم يسبق له مثيل، مصحوباً بانتهاكات جسيمة بحق المواطن وممتلكاته ووجوده على هذه الأراضي، مشيراً إلى أن هذه الانتهاكات ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في ظل صمت دولي وتواطؤ من بعض الأطراف ومحاولات تطبيق تشهدها منطقتنا العربية.

ونوه إلى أن الانقسام هو أكبر معيق للمقاومة الشعبية، معرباً عن تأييده لقرار الرئيس محمود عباس للتوجه نحو انتخابات عامة يتم من خلالها استعادة الوحدة الوطنية.

وأشار عساف إلى موقف القيادة في التصدي للمحاولات الأميركية والاسرائيلية لتصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا "، من خلال تحشيد دولي عمل على تجديد التمويل للوكالة، مؤكداً أن قرار الإدارة الأمريكية الذي اعتبر الاستيطان غير شرعي سيسقط كما سقطت العديد من المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية.

وأكد أن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان استطاعت من خلال النضال الشعبي إزالة (11) بؤرة استيطانية وإفشال العديد من صفقات تسريب أراض في الضفة، منوهاً إلى أن مصير الاحتلال الزوال كما باقي الاحتلالات التي عبرت فلسطين.

ولفت عساف إلى أن "الشعب الفلسطيني سيبقى مع قيادته الوطنية والحالة النضالية الفلسطينية وحركات المقاومة الشعبية الحارس الأول لثوابتنا الوطنية حتى دحر الاحتلال الجاثم على صدورنا وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".

وأضاف: "تتخذ المقاومة الشعبية أشكالاً عدة، فمنها ما هو في الميدان في مواجهة مباشرة مع قوات الاحتلال والمستعمرين، ومنها ما هو متأصل في الثقافة والممارسة والفن والأدب والكلمة وغير ذلك"، مؤكداً أن مؤتمر "المقاومة الشعبية في فلسطين أدباً وممارسة" ما هو إلا أحد أشكال النضال والمقاومة لهذا الاحتلال، حيث كان للأدب الفلسطيني دور كبير في استنهاض الهمم وإبقاء شعلة المقاومة متقدة منذ انطلاق الثورة الفلسطينية.

وعبر عساف عن اعتزاز هيئة مقاومة الجدار والاستيطان بالشراكة مع جامعة القدس المفتوحة في رعاية هذا المؤتمر وتمويله وتنظيمه، منوها إلى أن جامعة القدس المفتوحة صرح أكاديمي ووطني أخذ على عاتقه ليس فقط الرسالة الأكاديمية بشكلها التقليدي، وإنما حمل أيضاً هموم القضايا الوطنية وعزز روح الانتماء والنضال في ذاكرة الأجيال المتعاقبة.

من جهته، ألقى نائب رئيس جامعة القدس المفتوحة سمير النجدي، كلمة نيابة عن رئيس الجامعة يونس عمرو، تحدث فيها عن نشأة الجامعة لتكون عنواناً للتعليم الشعبي في فلسطين.

وأكد النجدي أن "المقاومة الشعبية بكل أشكالها مقاومة مشروعة لانتزاع الحقوق الوطنية لشعبنا"، مشيراً إلى أنها "وسيلة من وسائل مقاومة الاحتلال للوقوف في وجه مخططاته التوسعية الهادفة إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، ولكشف وجهه الحقيقي أمام العالم بأسره، وكسب الرأي العام العالمي إلى جانب القضية الفلسطينية العادلة".

ونوه إلى أن "أبناء القدس يسطرون كل يوم أشكال المقاومة الشعبية واقعاً على الأرض والتي تجلت ذروتها في التصدي للبوابات الحديدية التي أراد الاحتلال اقامتها على بوابة المسجد الأقصى المبارك، لكن إرادة الإنسان الفلسطيني تغلبت على جبروت الاحتلال"، مستعرضاً العديد من التجارب الأدبية الفلسطينية التي صبت جهودها لخدمة أدب المقاومة.

وأضاف النجدي: "انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه هذه القضية من جامعة القدس المفتوحة وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، كان هذا المؤتمر لإلقاء الضوء على هذه المقاومة ممارسة وتطبيقاً، وصداها في اللغة والأدب، في ظل غياب أي مؤتمر يطرح هذه القضية ويناقشها في أبعادها المذكورة".

وأكد ضرورة إلقاء الضوء على المقاومة الشعبية السلمية في ظل تغول الاستيطان وإمعان الاحتلال في مصادرة الأراضي الفلسطينية تحت ذرائع وتبريرات مختلفة، لافتاً إلى ضرورة إيجاد سبل لتطوير المقاومة الشعبية ودعمها حفاظاً على الأرض والإنسان الفلسطيني، الأمر الذي يجب أن يناقشه المؤتمر ليخرج بنتائج يمكن استثمارها في دعم مستقبل المقاومة وتوجيه دفتها وتعميم نتائجها.

من ناحيته، أشار مدير فرع الجامعة قلقيلية، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر نور الأقرع، إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في جو من التوترِ الناتج عن منغصات الاحتلال اليومية واستمراره في تصعيد عدوانِه على شعبنا وأرضنا؛ ليرسم معالم النضال الفلسطيني المتواصل ضد الاحتلال وأدواته، من خلال البحث في المقاومة الشعبية الفلسطينية أدباً وممارسة.

ولفت إلى أن اللجنتين العلمية والتحضيرية للمؤتمرِ تداعتا للعمل الدؤوب طوال ستة أشهر مواصلين الليل بالنهار، لينعقدَ المؤتمر في موعِدِه، لافتاً إلى أنه قد تقدم أكثر من خمسة عشرَ باحثاً للمشاركة في المؤتمر، وقبلت اللجنةُ العلمية اثني عشر بحثا منها، لباحثين من جامعات فلسطينية ومؤسسات وطنية مختلفة.

وتضمن المؤتمر ثلاث جلسات علمية، تضمنت الأولى التي ترأسها د متوكل طه أربع أوراق بحثية، وطرح نايفة حماد ديبة ورقة بعنوان "إجراءات الاحتلال الصهيوني ضد اقتصاد الزيتون في الضفة الغربية بفلسطين"، فيما جاءت الورقة الثانية بعنوان "المقاومة الشعبية الفلسطينية (مسيرات العودة الكبرى نموذجاً) للباحثة أماني عطا الله، فيما عرض راتب أبو رحمة ورقة بعنوان "تجربة بلعين في المقاومة الشعبية السلمية ضد جدار الاستيطان"، وجاءت الرابعة بعنوان "دور هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في منع تهويد الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1976" للباحث حسام محمد يونس.

وجاءت الجلسة الثانية التي ترأسها أمير داوود تعرض أربع أوراق بحثية، طرح عصام عدوان ورقة بعنوان "المقاومة الشعبية في قطاع غزة ( مسيرة العودة الكبرى نموذجاً)"، فيما عرض عدنان الهندي وهند أبو نجيلة ورقة "تأثير المسيرات السلمية الفلسطينية على المشروع الاستيطاني الصهيوني"، فيما حملت الورقة الثالثة عنوان "الرباط شكل من أشكال المقاومة الشعبية السلمية ضد جدار الاستيطان (الخان الأحمر نموذجاً)" للباحثين عبد الرحيم غانم وفاطمة عبد الفتاح، أما الورقة الأخيرة فقدمها يحيى قاعود وأشرف أبو خصيوان بعنوان "الدبلوماسية الشعبية الرقمية (حملة "أهبد 1994" نموذجاً).

وفي الجلسة الثالثة التي ترأسها عبد الرؤوف خريوش، عرضت فيها أربع أوراق علمية، حملت الأولى عنوان "ملامح المقاومة الشعبية في ديوان (المجد ينحني أمامكم) للشاعر عبد الناصر صالح-مقاربات الموضوع والتشكيل الشعري"، للباحث خليل قطناني، أما عزيز العصا فقدم ورقة "المقاومة في رواية (قبلة بيت لحم الأخيرة) لأسامة العيسة"، وجاءت الورقة الثالثة بعنوان "شجرة الزيتون: رمز الصمود في القصيدة الفلسطينية المعاصرة" للباحث ماجد حسنين. واختتم الجلسة إدريس جرادات ونسرين أبو شخيدم بورقة علمية حملت عنوان "شهداء ثورة البراق المقدسية في الغناء الشعبي الفلسطيني".