أيام قليلة وستسلم حركة حماس الى رئيس لجنة الإنتخابات المركزية د. حنا ناصر , موافقة خطية على الإنتخابات كما أراد الرئيس , وقبل ذلك وافقت حماس على أن تكون الإنتخابات متتالية , وأن تكون بالنظام النسبي الكامل , وأن تبدأ المشاورات بعد إصدار المرسوم الرئاسي وكما أراد الرئيس أيضاً , وبذلك تكون حماس أثبتت أنها تلعب سياسة بإحتراف , لأن اللاعب المحترف يقوم بحماية نفسه أولاً من الضربات , قبل أن يسدد الضربات "المنافسة الشريفة" .

بعض المراقبين يقولون أن حماس تعلم جيداً أن الرئيس لا يريد إنتخابات , وبناء على ذلك وافقت على كل الشروط , ولأنها تعلم أن الرئيس سيجد مزيد من العقبات بهدف عدم إجراء الإنتخابات , فهي أزالت العقبات التي تخصها كي ترفع اللوم عنها , وهكذا تكون حماس سجلت ضربة جزاء في مرمى الرئيس بحسب بعض المراقبين , ولكنني أخالفهم بالرأي , وذلك لأنني أعلم أن حماس لا تراهن على ظنيات وإفتراضات , وخاصة في موضوع مصيري مثل الإنتخابات , فالظنيات في علم السياسة لا تؤدي الى نتائج سليمة , فمثلاً لو راهنت حماس على أن الرئيس لا يريد إنتخابات بحسب ظنهم , ووافقوا موافقة وهمية , وبعد ذلك جائت النتائج معاكسة للظن , وأصدر الرئيس مرسوم الإنتخابات , فهكذا تكون حماس قد ألزمت نفسها بشيئ ما كانت تريده من الأصل , فأنا أرى أن حماس إكتسبت خبرة جيدة في السياسة , وأن كل خطواتها مدروسة ومبنية على وقائع وحسابات , وأنها لا تغامر بمجرد أنها تظن أن الرئيس يريد إنتخابات أو لا يريد .

حماس بالفعل جادة في موضوع الإنتخابات لسببين مهمين جداً بالنسبة لها .

أولاً : حماس مرت بتجربة جديدة ونقلة نوعية عمرها 13 عام , ومن خلال هذه الفترة إكتشفت من معها ومن عليها , سواء محلياً أو إقليمياً أو دولياً , وإكتشفت قدرتها ومن عدم قدرتها على الإدارة , وإكتشفت أخطائها وأزماتها , وإكتشفت مدى قوتها عسكرياً وسياسياً وشعبياً , وإكتشفت الكثير والكثير ومن خلال تجربتها في حكم غزة , فهي أدركت تماماً أنه جاء الوقت لتختبر نفسها في جولة الإنتخابات القادمة , ولا بد من إجراء إنتخابات , لأن النتائج ستكون فيها إجابات كثيرة لاسئلة سألتها حماس لنفسها .

ثانياً : حماس تمتلك البدائل الكثيرة , والخيارات المتنوعة في إدارة الصراع , سواء الصراع الداخلي , أو مع إسرائيل , ففي حال نجاحها في الإنتخابات القادمة إن تمت , فهذا يعني بالنسبة لها إنجازاً كبيراً , وأن سلوكها طوال 13 عام كان سليماً , فهي ليس بحاجة الى مراجعات فكرية , وفي حال سقوطها في الإنتخابات فهناك بدائل تمتلكها , فهي قادرة على تعويض خسارتها من خلال هذه البدائل , وأبسط ما نستطيع أن نقوله عن هذه البدائل , أن حماس قادرة أن تمارس دورها كمعارضة بإمتياز , وقادرة على قلب الطاولة فوق رأس الجميع متى تشاء كمعارضة , وخاصة أنها تمتلك جناحاً عسكرياً في غزة .

لا شك أن الرئيس وضع حماس في إختبارات لمعرفة مدى جديتها في الإنتخابات , وذلك من خلال الشروط والتي وافقت عليها حماس مؤخراً , ولأن حماس مستعدة لنتائج الإنتخابات مهماً كانت , إستثمرت هذه الشروط لصالحها , ولذلك نستطيع أن نقول , أنه وقبل إصدار الرئيس لمرسوم الإنتخابات , تعتبر موافقة حماس على جميع الشروط , هي ضربة جزاء موفقة في مرمى الرئيس , وتحقيق الهدف شبه أكيدة .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد