أعتقد أن كلٓ عاقل في العصر الحديث يعلم أن الإنتخابات العامة بأشكالها المتعددة تُعتبر أحد مكونات أي نظام يعتمد الديمقراطية في الحكم، وأحد أهم الشروط في أي نظام ديمقراطي هي الحرية، من حريات عامة وحرية التعبير عن الرأي دون قمع أو منع أمني والتعددية والانصياع للقانون الذي يؤكد على تلك الحريات دون شروط سياسية في الترشيح والانتخاب.

في الواقع الفلسطيني وبسبب من الانقسام الذي لا يزال جاثم على صدور الشعب الفلسطيني وتِبعاته الأمنية في غزة والضفة إلى جانب الاحتلال يُصبح مفهوم الحرية والديمقراطية عليه مليون علامة إستفهام، وعليه تُصبح الانتخابات بحاجة ماسة وعاجلة لأرضية تحاكيها من حيث القانون بدون شروط سياسية ومن حيث العملية الإجرائية ككل.

لجنة الانتخابات والتي شرط تأسيسها الاستقلالية وفي ظلِٓ هذا الواقع بحاجة لأن تأخذ مسألة الحرية بشكل جدي كشرط أساسي لإجراء أي انتخابات وبما يتوافق مع قانون لا يحوي شروط سياسية، وهذه مهمتها الأساسية لأنها غير مُخولة بإقناع الأطراف السياسية بقبول أو رفض العملية ألانتخابية عليها أن تمارس صلاحياتها منذ اللحظة التي يَصدر فيها الرئيس مرسوم بإحراء الانتخابات، لحظتها تُصبح اللجنة هي المسئولة من الألف إلى الياء وتكون مؤسسات السلطة التنفيذية تعمل على خدمة لجنة الانتخابات لتسهيل عملية إجراءها.

ومع خصوصية الواقع الفلسطيني إلا أن الانتخابات واحده في العالم كمفهوم عام لذلك هناك ضرورة مُلحة للاتفاق على طبيعة القانون الذي ستجري عليه الانتخابات وهذا يقع في باب الاولوية خاصة ان القانون الصادر بقرار مرسوم رئاسي رقم "1" لسنة 2007 الذي ألغى القانون الصادر عن المجلس التشريعي رقم "9" لسنة 2005 لا إتفاق حوله بين مختلف المكونات السياسية، وأي إنتخابات دون قانون مُتفق عليه تُصبح بالحد الادنى غير ديمقراطية.

أعتقد أن على لجنة الانتخابات ان تعمل كلٓ ما تستطيع للتوافق اولاً على القانون ووفق مبادئ ديمقراطية لا شروط سياسية فيها وكما انتخابات عام 2006 مع تعديل نحو مفهوم نظام التمثيل النسبي الكامل للوطن كدائرة واحدة وكصيغة تؤسس لتقوية الاحزاب والحركات السياسية بعيدا عن العشائرية والجهوية المقيتة.

الانتخابات العامة اساس للتداول الصحيح للسلطة وهي مرجعية تُعطي للشعب حرية إختيار ممثليه بصفته مصدر السلطات، لذلك عقدها ضمن الحد الادنى للتوافق وضمن أجواء مهيأة هي اساس للعملية الديمقراطية وهذا يتطلب قانون متفق عليه، وغير ذلك تصبح عملية في اطار الفئوية والمضمونة النتائج.

ويجب على كلِّ المسئولين الإتعاظ مما يحدث الآن في لبنان، فلا شيء مُخلّد والواقع الفلسطيني مهيأ أكثر مما يتصور طرفي معادلة الوطن الإفتراضي، ولا تنسوا كنا في لبنان ولا زلنا في لبنان وهذا بحد ذاته أكبر مُحرّض للشارع الفلسطيني الذي سئِمَ معادلات فرضت عليه في غفلةٍ من الزمن.

إنها مُجرّد ملاحظات بديهية رأيت من الضروري التذكير بها، لأنه بدونها لا يُمكن أن نتحدث عن إنتخابات عامة ونزيهة وشفافة وتعددية تؤدي الغرض الأساسي المتمثل في تجديد الشرعيات وتدوير النظام السياسي وفي التداول السلمي للسلطة.

إتعظواااا يرحمكم الله!!!!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد