جراحة غير مسبوقة بالوطن
بالصور: هكذا أنقذ طبيب فلسطيني حياة طفل سقط من علو في غزة
أنقذ الدكتور الفلسطيني محمود أبو خاطر، حياة طفل من مدينة رفح كان قد سقط من علو، بعدما أجرى له عملية جراحية معقدة داخل مستشفى غزة الأوروبي بمدينة خانيونس جنوبي القطاع.
وصل الطفل (س.ج) الذي يبلغ من العمر (8 سنوات) إلى المستشفى وهو في غيبوبة بوقت متأخر من مساء يوم الأربعاء 11 أكتوبر 2019، قبل أن يتم إدخاله إلى غرفة العمليات سريعا عقب إجراء صورة مطبعية لرأسه، بينت وجود نزيف وكتلة من الدم تحت الدماغ مباشرة.
ولحسن الحظ، كان الدكتور أبو خاطر رئيس قسم المخ والأعصاب في مجمع الشفاء الطبي، في دوام ليلي بمستشفى غزة الأوروبي الذي يعمل فيه كاستشاري أول من وزارة الصحة الفلسطينية، ليقرر فورًا إجراء عملية جراحية معقدة جدا عبر فتح ثقب واحد في جمجمة الطفل من أجل السيطرة على النزيف.
وتمكن الدكتور الذي درس الطب في ألمانيا ومكث فيها 22 سنة، من فتح ثقب واحد فقط في الجمجمة والسيطرة على النزيف وإنقاذ حياة الطفل، في عملية استغرقت 50 دقيقة، لتعتبر الأولى من نوعها في فلسطين. بحسب محمد سلمان أبو عامر الحكيم في مستشفى غزة الأوروبي الذي كان مساندا لأبو خاطر داخل غرفة العمليات.
الحكيم أبو عامر يقول لـ(سوا) إن هذه العملية تتم لأول مرة في الوطن بهذه الطريقة، حيث كانت تجرى عبر فتح ثلاثة أو أربعة ثقوب في الجمجمة فيما الآن نجحت من خلال ثقب واحد، مشيرًا إلى حضور عدد من الأطباء من أجل الاستفادة ونقل الخبرات.
وباتت حالة الطفل (س.ج) مستقرة حاليا، وغادر مستشفى غزة الأوروبي يوم الاثنين المنصرم 14 أكتوبر الجاري. وفق الطبيب أبو خاطر الذي تحدث لـ(سوا) عن أسرار نجاح العملية الجراحية وتفاصيل حياته العلمية والمهنية.
الدكتور أبو خاطر، أوضح أن إجراءه العملية الجراحية النوعية عبر فتح ثقب واحد بالجمجمة بدلا من ثلاثة أو أربعة لم يكن تجربة ولا يؤثر على المنظر الجمالي لعظم الدماغ، لافتا إلى أنه أجرى الكثير من العمليات بهذا النوع أثناء تواجده في ألمانيا وهو صاحب دخول هذه الفكرة إلى القطاع. وفقا له.
وحول أسرار نجاحها خلال 50 دقيقة فقط، ذكر أن ذلك يعود إلى السرعة الفائقة والخبرة والخلفية القوية والمهارة العالية لديه، مؤكدا أنه يسعى لتوسيع الخبرة التي يمتلكها لدى الأطباء في قطاع غزة، "إذ حرصت على الشرح بمثالية للأطباء الذين حضروا العملية وليس فقط إنقاذ حياة الطفل". بحسب حديثه.
من هو محمود أبو خاطر
الدكتور محمد أبو خاطر ولد يوم 31 مايو 1973 وسط عائلة ظروفها صعبة جدا، وتوجه إلى ألمانيا بعد عمله لمدة عامين داخل أراضي 48 لتوفير مصاريفه واجتيازه مرحلة الثانية العامة، إذ حصل هناك على مقعد طب ومنحة من الحزب الحاكم الألماني.
وأنهى الدكتور الذي يمتلك عضويات عدة منها لجنة الصليب الأحمر الدولي، دراسته خلال ست سنوات، قبل أن يعمل بعدها في تخصص جراحة المخ والأعصاب والنخاع الشوكي، ثم بتخصص علاج الآلام وأيضا الإسعافات الأولية.
ويصنف أبو خاطر كخبير دولي كبير بجراحة المخ والأعصاب، وعمل محاضرا للطلاب والأطباء بالجامعات الألمانية، وكان ولا يزال عضوا في الحزب الحاكم هناك، وبات في عمر الثامنة والعشرين أول أصغر كبير أطباء على مستوى البلاد التي درس فيها. كما تحدث لـ(سوا).
وجاء أبو خاطر إلى غزة في شهر أبريل 2012 برفقة وفد طبي ألماني. وقال بهذا الصدد لـ(سوا): وجدت أن القطاع بحاجة بالفعل إلى المساعدة في تحسين وضع جراحة المخ والأعصاب فيه، لذلك قررت العودة للوطن نهائيا في الأول من يوليو للعام ذاته.
عمليات نوعية
وأجرى الطبيب الغزي عمليات جراحية نوعية أخرى في القطاع، كان أبرزها قيامه بفصل دماغين عن بعضهما البعض لطفلة من رفح، إذ تكللت بالنجاح ولا تزال على قيد الحياة.
وبهذا الشأن، قال أبو خاطر : "أخذت القرار بإجراء هذه العملية للطفلة التي كانت تستعد للسفر إلى الخارج"، لافتا إلى أن نسبة نجاحها حتى في دول أوروبا ضئيلة، لكنها نجحت في غزة.
وكشف عن قدوم مرضى من مصر والأردن وأراضي 48 والسعودية إلى قطاع غزة؛ من أجل إجراء عمليات جراحية لديه؛ "بعدما شاهدوا أن النتائج لدينا مثالية وأفضل من دول الجوار بما فيها أوروبا الشرقية".
التحديات
وفي ما يتعلق بأبرز التحديات بهذا المجال في غزة، بين أنها تتمثل في "نقص الأدوات والأجهزة وانقطاع الكهرباء وانعدام الثقة من قبل المواطن"، موضحا أن الكادر الطبي عامة بحاجة إلى ورشات ودورات محلية وعالمية.
وختم الدكتور أبو خاطر حديثه لسوا قائلا : "أهم شيء التشخيص الدقيق وهو أساس العلاج سواء للجراحة أو غيرها (..) لو أن كل طبيب في غزة يفكر أن المريض من أحد أفراد عائلته، سيقوم بكل ما يملكه لإحيائه بعد إرادة الله".