محللون إسرائيليون: قرار ترامب ضربة لنتنياهو وإسرائيل
اعتبرت تحليلات إسرائيلية اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2019، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سحب القوات الأمريكية من سوريا، "تحذير لحلفاء واشنطن في المنطقة، يعني أنه لا يمكن الاعتماد على ترامب".
ونظرا لأن القرار يتزامن مع ما تعتبره إسرائيل "تصاعدا في التهديدات الإيرانية"، فقد اعتبر بمثابة مؤشر على فشل المفهوم الأمني لرئيس الحكومة الإسرائيلية الذي وضع كافة أوراقه في سلة الرئيس في البيت الأبيض.
واعتبر المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، قرار ترامب سحب القوات الأميركية من طريق قوات الجيش التركي هو "نذير سيئ" لكافة حلفاء واشنطن في المنطقة، وإنه بذلك يعطي الضوء الأخضر لعملية تركية خطيرة، كما يتخلى عن "شركائه الأكثر إخلاصا له في سورية، المقاتلين الأكراد".
وأضاف أن الخطوة الأميركية تهيئ الأرضية لتحقيق مصالح لاعبين آخرين في الملعب السوري، وعلى رأسهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والنظام السوري، وأيضا وبشكل غير مباشر حلفاء الرئيس الأسد، روسيا وإيران.
أما بالنسبة لإسرائيل، يضيف، فإن القرار هو شارة تحذير أخرى بشأن "إلى أي مدى يمكن الاعتماد على الرئيس الذي كان يعتبر أكبر صديق لإسرائيل في واشنطن.
وكتب هرئيل أن قرار ترامب جاء في ظل الأزمة السياسية بشأن محاولة عزله بسبب "أوكرانيا غيت"، وسرعان ما بدت تظهر المعارضة للقرار في وزارة الدفاع الأميركية ووزارة الخارجية، حيث أنه في حال دخول القوات التركية إلى سورية، فإن الأكراد سوف يبحثون عن أصدقاء جدد بدلا من الأميركيين، بينما ستثور الأسئلة لدى الأنظمة العربية الحليفة لأميركا بشأن مدى الاعتماد فيه على ترامب.
ويضيف أن في ذلك عبرة للقيادة الإسرائيلية، مشيرا إلى أنه قبل بضعة شهور فقط وقف نتنياهو، ووزراؤه في "حفل تملق مخز" للرئيس الأميركي، أطلقوا فيه اسم ترامب على مستوطنة في الجولان السوري المحتل.
ومنذ ذلك الحين جرى تناسي الوعود بالتوقيع على "حلف دفاعي" بين إسرائيل والولايات المتحدة، وبدأت تطرح التساؤلات مجددا بشأن المبالغة في الاعتماد على ترامب، والتي كان ثمنها الابتعاد عن الحزب الديمقراطي، وزعزعة الدعم التقليدي لواشنطن، من قبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لإسرائيل.
من جهته، عدّ المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، شمعون شيفر، قرار ترامب بمثابة سكين في ظهر الأكراد في سورية، وأيضا في ظهر إسرائيل.
وبعد أن أشار إلى ما وصفه بـ"تهديدات" مصدرها إيران وهي عبارة عن صواريخ موجهة في شمالي العراق، كتب أن الضربة القاصمة للمنشآت النفطية السعودية بواسطة صواريخ موجهة من إيران، ولم يتم الرد عليها من قبل إدارة ترامب، تؤكد الانهيار الكامل للمفهوم الأمني لدى نتنياهو، الذي بنى كل خطواته اعتمادا على "الرئيس الصديق الأكبر في البيت الأبيض".
ويتابع أنه بالرغم من محاولة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي التهدئة في خطابه، والذي قال فيه إن إسرائيل قوية وقادرة على الدفاع عن نفسها، فإنه يجب التشديد على اثنين دروس حرب 1973، الأول هو أن القيادة الإسرائيلية قد أكدت، قبل الحرب ببضعة شهور، أن الوضع الأمني لإسرائيل أفضل مما يمكن تصوره؛ أما الدرس الثاني فهو أنه بدون المساعدة التي قدمتها أميركا لإسرائيل بعد 10 أيام من الحرب، والتي لم يبق خلالها ما يكفي من الطائرات والعتاد الضروري، من خلال قطار جوي ضخم استكمل النقص الحاد الذي نشأ في ساحة القتال، وخاصة المظلة الإستراتيجية التي حصلت عليها إسرائيل لكانت قد هزمت في الحرب، وفقما تشير بروتوكولات جلسات هيئة أركان الجيش التي تنشر في هذه الأيام، والتي يقول فيها رئيس الأركان في حينه، دافيد إلعازار "إنها حقا معركة على أرض إسرائيل. هم على وشك أن يدفعوا بنا نحو البحر".
ويضيف أن قرار ترامب التخلي عن حلفائه الأكراد "يجب أن يضيء الضوء الأحمر لدى إسرائيل، فهو يكشف عن نفسه المرة تلو المرة كمن يعالج قضايا تتصل بالعلاقات الدولية كقائد غير متمكن من أي موضوع، فهو متهور، وليس لديه أدنى فكرة عما يمكن توقعه من رئيس دولة عظمى".
وبالإشارة إلى أن ترامب لم يبلغ نتنياهو مسبقا بقراره، فإن النتيجة التي يخلص إليها هي أن ترامب لا يمكن الاعتماد عليه، وأن هناك مخاوف حقيقية من أن إيران ستواصل استفزاز إسرائيل وإجبارها على مواجهتها بدون المظلة الأميركية.
وينهي بالقول إن الواقع الإستراتيجي الذي يتكشف أمام إسرائيل يلزم نتنياهو بمحاسبة نفسه، بعد أن وضع كافة أوراقه في سلة ترامب، والآن يطالب بزيادة 4 ملايين شيكل لميزانية الأمن بهدف شراء صواريخ دفاعية لمواجهة الصواريخ الإيرانية المنصوبة في العراق. ويلفت إلى أن التوجه إلى انتخابات ثالثة سوف يكلف الدولة 1.5 مليار شيكل، بعد أن كلفتها الانتخابات الثانية المبلغ ذاته.
يشار إلى أن ترامب كان قد أعلن في كانون الأول/ ديسمبر عام 2018 عن قراره سحب آلاف الجنود الأميركيين من سورية بعد أن علن الانتصار على داعش، الأمر الذي دفع وزير الدفاع الأميركي في حينه، جيمس ماتيس، إلى الاستقالة، وبقي نحو ألف جندي في المنطقة الشمالية الشرقية من سورية، غالبيتهم من عناصر الاستخبارات والكوماندو ووحدات تفعيل الصواريخ المضادة للدبابات لدعم قوات سورية الديمقراطية (قسد).