الملاذ الآمن: كيف اختارت إسرائيل العمال الفلسطينيين لوقف التوتر؟

عمال فلسطينيين يتوجهون للعمل في اسرائيل

بعد بحث إسرائيل وحلفائها عن بدائل وحلول لانعكاسات مسيرات العودة في قطاع غزة عليها ومساعيها لوقف التوتر على الحدود الشرقية صرّحت وسائل إعلامية إسرائيلية عن بدء تنفيذ تفاهمات بوساطة مصرية وقطرية بشأن دخول العمال الفلسطينيين للعمل في إسرائيل.

ترى إسرائيل في فتح سوقها أمام العامل الفلسطيني سبباً من شأنه وقف التوتر على الحدود ضمن تفاهمات تشمل دخول الأموال القطرية بشكل رسمي إلى القطاع، وأيضاً تنفيذ مشاريع تنموية بتمويل أوروبي، ومن ضمنها أيضًا السماح للمزيد من العمال الفلسطينيين بالعمل في المدن الإسرائيلية.

عمال غزة ملاذاً آمناً

يوضح الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني بأن المسيرات الشعبية على الحدود الشرقية شكلت ضغطاً دولياً وإقليمياً على إسرائيل لذلك اختارت الأخيرة تنفيذ تفاهمات مع الفصائل الفلسطينية بوساطة مصرية وقطرية وأممية في القطاع ليكون الملاذ الأفضل والأنجح.

عودة العمال لإسرائيل _ من وجهة نظر الدجني _ تأتي لتحقيق المزيد من المكاسب للسوق الإسرائيلي من خلالها استغلالها لطاقة العامل الفلسطيني الذي يتقن العمل في مجالات عدة بعائد مادي أقل من الأموال التي يتم دفعها للعمال الأجانب.

ويتابع الدجني أن إسرائيل تسعى أيضاً إلى إدخال أموال إلى غزة من خلال العمال، مما يساهم بشكل كبير في التغلب على الكساد الاقتصادي في غزة بشكل غير مباشر وبذلك يندفع الشباب نحو العمل بدلاً من التظاهر المميت على حدود القطاع.

بين اليقظة والحلم

يوسف عبد الله هو واحد من العمال الذين شملتهم التفاهمات وسنحت له الفرصة بالحصول على تصريح لدخول إسرائيل عبر حاجز بيت حانون/إيرز شمال قطاع غزة المخصص للأفراد للعمل في مجال الحدادة والبناء.

ويقول عبد الله وهو من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، لوكالة أنباء "شينخوا" إن:" العمل داخل إسرائيل كان بين اليقظة والحلم، فلم أتصور يومًا أن أجد عملاً براتب كبير في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع".

التحق عبد الله بالعمل بنظام العمل اليومي في إسرائيل كحداد بمعدل ثماني ساعات يومياً لجني ما يقارب من 350 دولار أسبوعياً وهو المبلغ الذي ساعده في سداد ديونه التي تراكمت عليه خلال السنوات الأخيرة، فرصة يرى بها عبد الله انتعاشاً لوضعه الاقتصادي داخل غزة.

العمل في إسرائيل غدا مكسباً لعبد الله بعد معاناته مع الفقر المدقع لسنوات ودخوله السجن لتراكم الديون وعدم صبر الدائنين على وضعه المادي الصعب.

يفضل عبد الله العمل داخل إسرائيل لإعالة خمسة أطفال بشكل مضمون بدلاً من الهجرة نحو المجهول والتي أودت بحياة العديد من الشباب الفلسطيني.

لماذا العمال الفلسطينيين؟

بعد منع دام عقداً من الزمن أعلنت إسرائيل السماح لحوالي 5 آلاف فلسطيني من غزة بالدخول للعمل فيها، نسب البطالة والفقر وتدني مستوى المعيشة ساعد في تزايد إقبال الفلسطينيين نحو العمل في إسرائيل.

اعلان إسرائيل جاء بعد توصلها لتفاهمات غير رسمية مع حماس حول زيادة أعداد العمال للدخول إلى إسرائيل، في سبيل التخفيف من الحصار، وذلك بحسب الإذاعة الإسرائيلية، والتي ادعت بأن قرار السماح للعمال الفلسطينيين بالدخول إلى أراضيها يأتي من أجل التخفيف من التوترات التي تحصل على الحدود الشرقية لقطاع غزة.

وأشارت إلى أن ذلك "يضمن أن يلتزم الغزي في عمله الذي يدر عليه المال بدلاً من التوجه نحو الموت، فهو سيفضل العيش بحياة كريمة بدلاً من الحروب".

ولم تعقب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على تلك التقارير الإسرائيلية رسميًا إلا أنها ترى أن السماح للعمال الفلسطينيين بالعمل داخل إسرائيل وزيادة أعدادهم جزء من تفاهمات كسر الحصار المفروض على قطاع غزة.

زناد المسيرات يفتح أبواب إسرائيل

من جهته قال عضو المكتب السياسي لحماس خليل الحية، في تصريحات للصحفيين، إن التسهيلات التي تجري في قطاع غزة تتم تحت زناد مسيرات العودة الشعبية على حدود غزة والفصائل الفلسطينية المسلحة.

وأضاف الحية أن حركته تجري محادثات مع قطر لتطوير المنطقة الصناعية (كارني) شرق غزة لاستيعاب أكبر قدر من العمال لتسهيل مهمة الإنتاج والتصدير، إلى جانب استمرار الجهود لفتح آفاق جديدة وفتح المصانع وتطوير الصناعة في قطاع غزة.

ومنذ أشهر تتوسط مصر والأمم المتحدة، إضافة إلى قطر في تفاهمات غير مكتوبة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في مسعى لتعزيز وقف إطلاق النار وتجنب مواجهة عسكرية مفتوحة.

ويلقي الحصار الإسرائيلي بظلاله القاتمة على الواقع الاقتصادي والمعيشي في غزة، بحيث أن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أكد في تقرير أن معدل البطالة في القطاع وصل حوالي 52%.

وأوضح التقرير أن حوالي 83% من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر، نتيجة لتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع حيث يبلغ معدل الدخل اليومي للفرد دولارين، وذلك بحسب اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار على غزة، وهو ما يعد الأسوأ عالمياً.

انتعاش الأسواق الغزية

أكد الخبير الاقتصادي مدير العلاقات العامة في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع لـ"شينخوا" بان عدد التصاريح ارتفع بنسبة 66 % من 3 آلاف إلى 5 آلاف تصريح، لافتاً كذلك إلى انخفاض أعمار العمال المسموح لهم بالدخول حتى سن 30 عامًا.

وقال إن "الأعداد من العمال ما زالت غير مؤثرة في الاقتصاد في غزة، ولكن حين يتم زيادتها ستتحسن الأوضاع الاقتصادية وستساهم بشكل كبير في إنعاش الأسواق الغزية بما يعود بالفائدة على المواطنين في غزة".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد