تقرير: البدء بتهجير الفلسطينيين قصرًا في الخفاء

مداهمات الاحتلال اليوم في الخليل - ارشيفية

بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فعلياً عملية تهجير السُكان الفلسطينيين قصراً وفي الخفاء من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.

وفي تقرير أعده موقع "عربي 21" كشف أن المواطن محمد أبو البكري (48) عاماً من قرية دير العسل غرب الخليل، اضطر إلى عرض منزله الذي يقيم فيه منذ عشرين عاماً للبيع، بسبب الاعتداءات والمضايقات اليومية التي يتعرض لها من قبل المستوطنين، حاملا معه شريط الذكريات المليئة بالألم.

ويروي أبو البكري آخر اعتداء تعرض له ابنه سعد من قبل المستوطنين أثناء توجهه لمدرسته الابتدائية، حينما هاجمه ثلة من المستوطنين، قبل أن يلوذ بالفرار في منزل أحد الجيران، واصفاً أن الحياة في الخليل بأنها "لم تعد تطاق؛ لأن هنالك عملية تهجير قسري تجري في الخفاء، أبطالها قوات حرس الحدود التابعة للجيش الإسرائيلي، المتمركزة على تخوم القرية، الذين يقومون بتوفير الحماية الكاملة للمستوطنين لممارسة ما يحلو لهم من اعتداءات ضد سكان القرية؛ لإجبارهم على تركها، ومن ثم الاستيلاء على ممتلكاتهم".

ولا يختلف ما تتعرض له مدينة الخليل من اعتداءات المستوطنين عن باقي مناطق الضفة الغربية، لكن ارتفاع مستوى الاعتداءات وتغيير أدوات القمع دفع بمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم)، في أحدث تقاريره، بأن يصف هذه الاعتداءات بأنها جرائم ترتقي لمستوى الفصل العنصري (أبرتهايد).

يتحدث التقرير عن خطة تهجير قسري تقودها إسرائيل في المدينة منذ 25 عاما، لإجبار السكان على مغادرتها؛ تمهيدا للاستيلاء عليها، وذلك من خلال إقامة 22 نقطة تفتيش تابعة للجيش في منطقة محدودة، أدت إلى تقييد حرية الحركة والتنقل، وعزل العشرات من القرى عن مركز المدينة.

أما المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، فأكد في أحدث تقاريره أن مناطق جنوب الخليل تتحول يوما بعد آخر إلى مسرح عمليات استيطانية واسعة مشابهة لما يجري في مناطق الأغوار، التي تعهدت إسرائيل بضمها بعد تشكيل الحكومة.

من جانبه، ذكر خبير الخرائط والاستيطان من محافظة الخليل، المهندس عبد الهادي حنتش، بعض المعطيات عن واقع الاستيطان في المدينة، من بينها "ارتفاع عدد المستوطنين في المدينة لـ33 ألفا، منهم 20 ألفا استوطنوا جراء استيلائهم على أراضٍ كانت تابعة لمواطنين فلسطينيين خلال السنوات العشر الأخيرة".

وأضاف حنتش: "كما تضم الخليل حزاما استيطانيا يتألف من 26 مستوطنة، شيدت لهم سلطات الاحتلال طرقا خاصة لربط هذه المستوطنات ببعضها البعض على حساب القرى والبلدات الفلسطينية، وهو ما أدى إلى التهام أكثر من 50 ألف دونم زراعي من أراضي الفلسطينيين لصالح تلك الطرق".

ونوه حنتش إلى أن "الإجراءات الإسرائيلية في المدينة تسببت بإغلاق ما يزيد على 1800 محل تجاري خلال السنوات القليلة الماضية، وهي تأتي ضمن سياسة التهجير القسري الذي تمارسه إسرائيل في المدينة؛ لإجبار السكان على مغادرتها".

تأتي هذه التحذيرات بعد أسابيع على تعهد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بعدم إجلاء أي مستوطن في المدينة، وقوله إن المدينة لن تكون خالية من اليهود، وإنهم سيبقون فيها للأبد.

وفي وقت سابق من هذا العام، رفضت إسرائيل تجديد عمل البعثة الدولية في المدينة، التي جاءت بعد حادثة مجزرة الحرم الإبراهيمي في شباط/ فبراير 1994، حينما أطلق المتطرف باروخ غولدشتاين نيران أسلحته على المصلين، واستشهد على إثرها 29 مواطنا، وأصيب 150 آخرون.

يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي، إلى أن "الرغبة الإسرائيلية في السيطرة على مدينة الخليل تأتي من أربع ركائز أساسية، أولاها منطلقات دينية، حيث يراها المتدينون اليهود بأنها ثاني أقدس المناطق بعد مدينة القدس ؛ لأنها تضم قبور بعض الأنبياء، التي يرجحون بأنها تقع في مغارة المكفيلة الموجودة تحت المسجد الإبراهيمي".

ويضيف الشوبكي أما "المنطلقات الأمنية، فتتمثل في اختيار المناطق الاستراتيجية كقمم الجبال والأماكن المرتفعة؛ لإقامة حزام استيطاني يوفر الحماية والأمان من أي اعتداء خارجي".

وبشأن الدوافع السياسية، فحددها الشوبكي برغبة إسرائيل "في فرض سياسة الأمر الواقع؛ لتعطيل أي حل سياسي، ولإعاقة أي مشروع قد تقوده السلطة لفرض السيادة على المدينة".

في حين تتمثل الدوافع الاقتصادية، حسب الشوبكي، في "الرغبة الإسرائيلية للسيطرة على موارد المياه الجوفية في المدينة، حيث تعد الخليل خزانا استراتيجيا للمياه الجوفية في الضفة الغربية، وتسعى إسرائيل للاستفادة من هذه المياه في المشاريع الزراعية والصناعية"

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد